آنا ستامو خبيرة في ظاهرة "الإسلاموفوبيا" لأرابيسك لندن: المسلمين لا يزالون من الطبقة الدنيا في بريطانيا
تابعونا على:

مقابلات

آنا ستامو خبيرة في ظاهرة “الإسلاموفوبيا” لأرابيسك لندن: المسلمين لا يزالون من الطبقة الدنيا في بريطانيا

نشر

في

2٬301 مشاهدة

آنا ستامو خبيرة في ظاهرة "الإسلاموفوبيا" لأرابيسك لندن: المسلمين لا يزالون من الطبقة الدنيا في بريطانيا

برزت الخبيرة المسلمة (آنا ستامو Anna Stamou) كعضوة فاعلة تخطو خطواتها الواثقة نحو أهدافها المنشودة، والتي يأتي على رأسها: مواجهة (الإسلاموفوبيا) والتأسيس لمشروعية حصول المهاجرين عموماً، والمهاجرين المسلمين على وجه الخصوص، على حقوق متساوية سياسية واجتماعية ودينية، وهي اليوم أول امرأة أوروبية محجبة يتم ترشيحها من قبل حزب الخضر اليوناني للحصول على عضوية البرلمان الأوروبي.

 

اكتسبت ستامو المزيد من الخبرات الميدانية العميقة في مجال حوار الأديان، وبعد أن أتقنت التمرس على مباشرة التصدي الحكيم والحازم للتجاوزات الصارخة في حق المستضعفين من المهاجرين المسلمين الأمر الذي أهلها لتصبح حالياً المتحدثة الإعلامية والرسمية الناطقة باسم الرابطة الإسلامية هناك؛ ولأننا هنا في “أرابيسك لندن” حريصون على الإفادة من خبرات العاملين في مجال علاج مشكلات الجاليات المهاجرة بصفة عامة والجاليات الإسلامية بصفة خاصة، وأيضاً لتشابه وضعيات وتفاصيل الأزمات المتعلقة بتواجد المسلمين في الدول الأوروبية، أجرينا هذا الحوار مع السيدة (ستامو) لنناقش قضايا وإشكاليات تخص الظاهرة.

 

حاورها: محسن حسن

 

* في البداية دعيني أسألك عن رأيك في ظاهرة (الإسلاموفوبيا) وفي أسباب انتشارها عالمياً؟
الإسلاموفوبيا ظاهرة عنصرية مصطنعة سمحت للحركات اليمينية المتطرفة وللأتباع المنتصرين لتفوق العرق الأبيض في العالم، باستهداف المسلمين والتوجه بالعداء والكراهية لهم، وخاصة للذين أجبروا على مغادرة بلادهم لأسباب متعددة. وفي واقع الأمر فإن هذه الظاهرة ما هي إلا أداة من أدوات التوظيف السياسي والاستغلال الاقتصادي واستنزاف الموارد الطبيعية في البلدان الإسلامية المغلوبة على أمرها؛ حيث إن الباحثين عن الثراء هم من قاموا بتخليق صراعات وحروب الإسلاموفوبيا تماماً كما يقومون بتخليق البيولوجيا الفتاكة بين الشعوب، وما ذلك إلا من أجل ضرب المجتمعات الآمنة من خلال بث ادعاءات كاذبة ومضللة وقذرة للغاية حول الإسلام والمسلمين، وللأسف الشديد تلقى هذه الادعاءات القبول والانتشار لدى طبقة العنصريين الغوغاء من الجاهلين في شتى أنحاء العالم!!

 

* ما أخطر الصعوبات التي تسببها الإسلاموفوبيا بالنسب للأقليات المسلمة في أوروبا؟
هناك مخاطر وتحديات ضخمة جداً يصعب رصدها بشكل كامل هنا، لكن أخطر الصعوبات التي نواجهها في الجملة، هي أننا بعيدون عن الاعتراف بنا كمواطنين متساوين مع غيرنا، كما أننا محرومون من العيش على قدم المساواة في المجتمع، وفق حقوق متساوية، وواجبات متساوية، وفي اليونان، نحن ما زلنا نفتقر إلى الأساسيات ومنها ممارسة الشعائر الدينية، أو التعليم الديني الأساسي، أو الوصول إلى المناصب الحكومية، أو حتى الانخراط في المجتمع الإداري والمهني كموظفين مدنيين، وعموماً كل دولة أوروبية لديها قضايا وصعوبات مختلفة، ولكن يبقى التشابه هو الافتقار إلى المساواة.

 

* من وجهة نظرك، كيف يمكن للمسلمين مواجهة الإسلاموفوبيا في مجتمعات مثل بريطانيا وفي أوروبا عموماً؟
المسلمون في بريطانيا وأوروبا يعانون ظواهر العداء والتمييز وجرائم الكراهية ضدهم منذ أكثر من عشر سنوات مضت، وقد حاولت منظمات عديدة أن تجد حلاً لتحييد هذه الكراهية وتحجيمها، بما في ذلك مفوضية الاتحاد الأوروبي التي لديها التزامات نسبية وقسم مختص بهذا الأمر، ولكن للأسف النتائج سيئة حقاً وليست مجدية حتى الآن، كما أن التشريعات والقوانين في هذه الدول ليست حاسمة إلى حد كبير، وبالمقابل لا تزال حكومات أوروبية عديدة تنتهج سياسات صارمة وتطبق استراتيجيات معادية للإسلام والمسلمين تحت ذريعة أن تدفق اللاجئين إلى قارة أوروبا يؤدي إلى تدمير التماسك الاجتماعي بين سكانها!!

 

* هل هناك حلول محددة تقترحينها للحد من استمرار هذه الظاهرة؟
بداية يجب على الجهات المعنية بالتشريعات والقوانين تحسين فاعليتها ضد خطاب الكراهية وسلوكيات الإجرام الموجهة ضد كل ما هو إسلامي، كما يجب تنقية مناهج التعليم الأوروبية من شوائب اتهام الآخر المختلف وتشويه نواياه لمجرد أنه ينتمي لدين مختلف، ومن جهة ثانية، يتوجب ترقية مفاهيم وسلوكيات أجهزة الأمن في كل بلد أوروبي وفق أسس تعامل عادل وإيجابي مع المهاجرين المسلمين، بدلاً من وضعهم الدائم ضمن قوائم المشكوك في نواياهم أمنياً وأيديولوجياً، وثالثاً يعد ضرورياً للغاية أن يتم اتخاذ قرارات أوروبية حاسمة تجاه العديد من وسائل الإعلام التي لا نهاية لها والتي تعيد إنتاج دعاية الإسلاموفوبيا على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع، وتعمل بلا كلل أو ملل في غسل وتلويث أدمغة الأوروبيين، وخاصة من لديهم توجهات سياسية، بمفاهيم وادعاءات مضللة، وبشكل عام نحن نحتاج إلى تكاتف الجهود المجتمعية والأهلية والحكومية في أوروبا لاعتماد قرارات رسمية ثابتة تدين الإسلاموفوبيا.

 

* المسلمون وكثير من البريطانيين يقلقهم انتشار الإسلاموفوبيا فهل لديكم تجارب ناجحة يمكن الإفادة منها في الحد من هذا الانتشار؟
في بريطانيا وباقي الدول الأوروبية، يوجد لدينا مجتمعياً خطاب كراهية وجرائم، ويوجد أيضاً سياسات حكومية معادية للإسلام، ونحن في الحقيقة في صراع دائم من أجل زيادة وعي الجماهير وتبصيرهم بالحقائق حول كل ما يثار بشأن الإسلام والمسلمين، وكذلك بشأن القيام بتقديم شروحات مفصلة حول مشكلات الجالية المسلمة للمنظمات الدولية الراغبة في تقديم الدعم والمساندة، لكن النتيجة التي كانت أكثر نجاحاً في تحقيق أهدافنا، حدثت عندما قمنا باستهداف التعاون مع العدد الأكبر من المناهضين للفاشية والعنصرية في اليونان، وبذلك استطعنا إقناع السلطات بجدوى تقديم الدعم والمساندة لنا من أجل كشف ألاعيب ودسائس وجرائم المجموعات المؤججة لنيران العنصرية والاضطهاد والدعاية السلبية ضدنا.

 

* على ذكر المملكة المتحدة وشكوى الإسلاموفوبيا. برأيك لماذا هذه الشكوى في مجتمع متعدد الثقافات؟
في ظني أنه إذا كان يوجد لدينا في اليونان مستويات معقولة ومحتملة من الإسلاموفوبيا، فإنه يكون من غير المتصور إن لم يكن من المستحيل وجودها في المملكة المتحدة؛ فقد كان ملايين المسلمين ينتمون للإمبراطورية البريطانية، ولا يزال الكثير منهم أعضاء في الكومنولث، وبرأيي أن الظاهرة بين البريطانيين لا تعدو عن كونها قضية صراع طبقي بحت؛ فالاقتصاد متدهور، والتطورات السياسية لا تسمح للغالبية العظمى من المواطنين بالاستقرار والتميز كما كانوا من قبل، ولأن الشعب البريطاني يعيش الآن حياة فقيرة، فإنه يحلو له إعادة وإنتاج نفس الدعاية العنصرية والعدائية تجاه المسلمين ودينهم، تماماً كما هي الحال في فرنسا وفي أي مكان أوروبي أو غير أوروبي آخر تحولت فيه الدول والشعوب من حال الغنى إلى حال الفقر، ولو عادت الأيام بالمسلمين البريطانيين إلى الزمن الماضي، فسيردد البريطانيون (شكراً للمستعمرات)، وما يقوله المسلمون نموذجي في هذا الإطار: إنهم لا يمانعون في رؤيتي عامل نظافة أو باني إنشاءات، لكنهم مستاؤون مني عندما أصبح طبيبة ناجحة أو محاميًا بارعًا وما إلى ذلك. وبما أن المسلمين لا يزالون من الطبقة الدنيا، فلا بد أن هناك صراعاً طبقياً، والظاهرة في حقيقتها داخل بريطانيا تنم عن وجود صراع كهذا، ومن ثم نرى الإسلاموفوبيا تتصاعد هناك!!

 

* هل أفهم من هذا الكلام أن ظاهرة الإسلاموفوبيا ربما تكون مستغلة رسمياً وجماهيرياً أو مرتبطة بظهور أحداث ما أو اختفائها؟
نعم، فكما قلت سابقاً، هذه الظاهرة ــــــــ لسوء الحظ ـــــــــ تستخدم كلعبة في أيدي قوى مختلفة من بينها الحكومات ووسائل الإعلام والصناديق التي تدعمها، والمجتمع المدني والحزبي وموازنات السلم والحرب، وهي مستغلة سياسياً إلى حد كبير، وبالأساس تم إنشاء الإسلاموفوبيا للترويج لنظام سياسي يميني متطرف، واليوم إذا أراد شخص ما أن يُنتخب دون بذل الكثير من الجهود، فيمكنه بسهولة تبني صورة معادية للإسلام وخطاباً عنصرياً تجاه المسلمين، وسيحصل على الفور على دعم مالي وترويج إعلامي متطرف؛ هذه حقيقة تنطبق على جميع الدول الأوروبية؛ فأسلم طريقة لصيد أصوات الناخبين هو كراهية المسلمين. ولكن بالتأكيد إذا تغير الخطاب الإعلامي إلى وجه أكثر تساهلاً وإنسانية، فإن الإسلاموفوبيا، وبعيداً عن خطاباتها الكريهة ضد الآخر، سيكون لها حوادث أقل، وضحايا أقل، وفي الواقع نحن لا نرى في العالم انتحالًا واستحضاراً إيجابيًا لصفات المسلمين، وهو أمر مقصود، اللهم إلا عندما يصفون فاحشي الثراء أو أفراد العائلة المالكة.

 

آنا ستامو خبيرة في ظاهرة "الإسلاموفوبيا" لأرابيسك لندن: المسلمين لا يزالون من الطبقة الدنيا في بريطانيا

 

* حوار الأديان في أوروبا وبريطانيا: هل هو مفيد للحد من الإسلاموفوبيا؟
على الرغم من أنني أشارك في حوار الأديان منذ سنوات عديدة، إلا أنني أرى النتائج الإيجابية المتحققة من خلاله ضئيلة للغاية، طبعاً باستثناء ما تحقق من خطوات جديرة بالاهتمام خلال العامين الأخيرين فقط، وهو ما حدث بدافع الضرورة؛ فقد ارتفعت جرائم الكراهية وبدأ جميع المنتمين للإسلام ومعهم جميع المتدينين في العالم يشعرون بالخوف؛ لأن الإسلاموفوبيا اجتذبت المزيد من الجماعات البغيضة، ويبدو أن طغيان الكراهية وحَّد العديد من أطراف المجتمع؛ لقد فهم المتدينون أنه إذا لم يتكاتفوا معاً، فسيصبحون ضعفاء أمام أية صعوبات أو تحديات حالية أو مستقبلية. ولذلك أعتقد أنه في السنوات القادمة سنحقق بعض النتائج الإيجابية، والمسلمون دائمًا منفتحون ويعملون بجد من أجل حوار إيجابي ومثمر بين الأديان.

 

* برأيك متى تستطيع المؤسسات الرسمية في بريطانيا وأوروبا استخدام الإسلام للحد من العنصرية وجرائمها؟
نحن المسلمين نعلم أن المبادئ الإسلامية هي أفضل الممارسات لمجتمع مزدهر يخلو من العنصرية والتمييز وصراع الطبقات، لكن هذه التعاليم لا تصل إلى السلطات العليا والحكومات في الدول الأوروبية؛ ففي العادة يركزون على الأفعال السلبية لبعض المسلمين، ثم يُبقون عليها في ذاكرتهم، وللأسف الشديد، لا يمنح المجتمع العالمي والأوروبي نفسه الفرصة كاملة للفصل بين الإسلام كدين متكامل ومنهج حياة من جهة، وأخطاء المسلمين كأفراد عاديين من جهة أخرى؛ لا يريد العالم أن يفهم أن المسلمين كغيرهم من الناس يصيبون ويخطئون، وأنه من غير المنصف تحميل الإسلام كدين أخطاء المسلمين كأتباع لهذا الدين، تماماً كما أنه من غير المنصف تحميل المسيحية كدين أخطاء بعض المسيحيين كأتباع، في الحقيقة نحن نفتقد النية الحسنة والوضوح في هذه النقطة، وهنا نقول نعم لحوار الأديان ولدوره في إيجاد أرضية إيجابية مشتركة لجميع الرسالات السماوية، بحيث يمكن استخدامها لإصلاح الأضرار التي لحقت بالناس ممن يعانون الكراهية والعنصرية.

 

* على ذكر أخطاء المسلمين: هل تؤدي بعض هذه الأخطاء إلى توجيه الإهانة للدين الإسلامي وتشويه صورته؟
بالطبع نعم؛ فنحن 1.9 مليار مسلم، وكوننا مسلمين لا يعني أننا كاملون، ومن ثم فإن ارتكاب الأخطاء أمر وارد، بل هو في الواقع أمر حتمي في حق أي إنسان سواء كان مسلماً أو غير مسلم، لكن بعض الأخطاء عندما تكون صارخة وقاسية وعلى يد بعض المنتسبين للإسلام، يكون مردودها السلبي واسعاً ومفصلياً في حكم البعض على الإسلام كدين وعلى المسلمين كأتباع؛ لذلك ومن هذه الناحية يمكن أن نرى أفرادًا يستهدفون ديننا ببعض الإهانات، ويمكن أن نرى أيضاً بعض الجماعات التي تتلذذ بإذلال المستضعفين من المسلمين هنا وهناك، وكيف لا يحدث هذا، وقد رأينا بأنفسنا جيوشًا وجماعات شبه عسكرية تعمل على نشر الدمار والفوضى باسم الله وباسم الإسلام، وهو ما يورطنا جميعاً في آلام الحروب ومعاناتها، ويعمل على تدمير الأرواح والأجيال، وهذا ليس في التصور الإسلامي للإنسانية، بل على العكس، هذا ضد ما يأمر به الإسلام تجاه الإنسانية. ولكن عموماً، عندما ندرك من الذي يستفيد من هذه الأخطاء المرتكبة باسم ديننا زوراً وبهتاناً، فسوف نفهم إلى أي حد أسأنا لديننا ومنحنا بعض الغوغاء فرصة الإساءة إليه أيضاً.

 

* حرق القرآن، رسوم كاريكاتورية ساخرة باسم النبي محمد، وسلوكيات وأفعال أخرى مماثلة: كيف ترون هذه الأفعال؟
مثل هذه السلوكيات ناقشناها على مستوى مسلمي أوروبا مراراً وتكراراً، وباتت لدينا قناعات راسخة بأنها من قبيل استفزاز عموم المسلمين وأنها تتم وفق منظومة سلوكية معتمدة ومدعومة سياسياً من قبل الأحزاب اليمينية المتطرفة، وبتغطية إعلامية كاملة؛ فقد أصبح القائمون بمثل هذا يحصلون على الفرح الشديد لمجرد النيل من المسلمين ومن كتابهم ودينهم وقتما شاؤوا ودون أية عواقب، ومع ذلك فنحن على يقين بأنها سلوكيات طارئة وعارضة وقابلة للتغيير والتحول في أي وقت، فالعداء الآن موجه نحو المسلمين، وفي يوم من الأيام سوف ينسون كراهية المسلمين ويحولون الكراهية إلى اتجاه آخر وأناس آخرين، كما حدث بالضبط مع الشيوعيين في العقود الماضية، عندما لم يكن الإسلام يمثل لهم مشكلة. ومثل هذا التحول العدائي المضطرب في المزاج الأوروبي المهووس بالبحث عن عدو يكرهه، هو في جوهره مشكلة كبيرة تدعو للقلق والعلاج.

 

* أخيرًا، هل ستستمر ظاهرة الإسلاموفوبيا في الهيمنة على العقلية الأوروبية لفترة طويلة، أم أنها ستتلاشى تدريجيًا؟
رغم أني متشائمة، إلا أنني أعتقد أن الإسلاموفوبيا سوف تتلاشى بمجرد ظهور (عدو عالمي) جديد، ومع تلاشي الكراهية ضد الشيوعية، بنفس الطريقة ستختفي الكراهية ضدنا عندما يقرر صناع القرار ذلك، لكن هذا لا يعني أننا لن نكافح من أجل تحسين حياتنا ومجتمعاتنا وبيئتنا، بكل تأكيد سنبذل قصارى جهدنا وسنكون متيقظين ونشطين لفائدة مجتمعنا الأوسع.

إترك تعليقك

إترك تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

X