وجهت الحكومة البريطانية، في إطار حرصها على تشديد القوانين المتعلقة بمنتجات التبغ، تحذيراً صارماً إلى سلسلتي سينسبري (Sainsbury’s) و موريسونز (Morrisons)، داعية إياهما إلى اتخاذ إجراءات فورية لإزالة كل أشكال الدعاية والإعلان عن منتجات التبغ المسخن المعروضة في متاجرها.
وجاء هذا التحذير بعد تقرير مفصل نشرته هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) كشف فيه عن وجود شاشات عرض ولصقات دعائية تروج لهذه المنتجات، ما يثير تساؤلات حول مدى التزام هذه المتاجر بالتشريعات السارية.
يذكر أن المملكة المتحدة كانت قد فرضت منذ عام 2002 حظراً كاملاً على الإعلان والترويج لجميع منتجات التبغ، بما فيها تلك التي يمكن “تدخينها أو استنشاقها أو امتصاصها أو مضغها”.
لكن مع ظهور منتجات جديدة مثل التبغ المسخن (الذي لا ينتج دخاناً تقليدياً بل بخاراً يحتوي على النيكوتين) برزت ثغرة في التطبيق العملي للقانون، مما دفع بعض الشركات إلى الاستمرار في عرض إعلانات مرئية لهذه الأجهزة تحت ذريعة أنها لا تدخل ضمن نطاق الحظر.
وكان تقرير سابق لشبكة (BBC) في فبراير الماضي قد رصد هذه الممارسات لدى (Sainsbury’s) و (Morrisons)، حيث أكدت الشركتان آنذاك أنهما تعملان ضمن حدود القانون، وأن منتجات التبغ المسخن لا تخضع لنفس القوانين التي تشمل السجائر التقليدية والسجائر الإلكترونية.
اقرأ أيضاً: بريطانيا تقود معركة ضد السجائر الإلكترونية.. لماذا الآن؟
موقف رسمي حازم من الحكومة البريطانية
لم تترك الحكومة البريطانية الأمر مفتوحاً للتأويل، إذ أصدرت مؤخراً بياناً واضحاً أكدت فيه أن قانون 2002 يشمل جميع منتجات التبغ، بمن فيهم تلك التي تستخدم بطريقة غير تقليدية مثل التبغ المسخن.
وأضافت أن رسائل رسمية تم إرسالها إلى السلسلتين تطلب وقف أي نشاط دعائي لهذه المنتجات فوراً، مشددة على أن “جميع منتجات التبغ ضارة بالصحة العامة”.
وقالت متحدثة باسم وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية: “في شهر مايو المنصرم، وجهنا خطابات إلى سلستين من المتاجر الكبرى في البلاد، نعيد فيها التأكيد على أن قانون حظر الإعلان والترويج لمنتجات التبغ لعام 2002 ينطبق على جميع المنتجات المتاحة حالياً في السوق، وطالبنا رسمياً بإيقاف الترويج والإعلان داخل المتاجر.”
ردود الفعل من الشركات
من جانبها، أوضحت متحدثة باسم (Sainsbury’s) أن الشركة توفر مجموعة من المنتجات المقيدة بالعمر وفق سياسة (Think25) الصارمة، مضيفة أن جهاز التبغ المسخن “يعد بديلاً للسجائر ويتوافق تماماً مع التشريعات الحالية.”
وأكدت أن الشركة تدرك الطبيعة الحساسة والعاطفية لهذا الموضوع، وهي تتابع عن كثب التطورات المرتبطة بالتشريعات المستقبلية، وتسعى لتحقيق الامتثال بشكل سلس.
أما (Morrisons)، فقد أفادت بأنها تلقت الرسالة الحكومية في نهاية مايو، وهي الآن بصدد مراجعتها، وسترد رسمياً على وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية في الوقت المناسب.
اقرأ أيضاً: دعوات متصاعدة لمكافحة السجائر الإلكترونية والتدخين في بريطانيا
المزيد من التشديد
وفي إطار سعي الحكومة لتضييق الخناق على منتجات التدخين بكافة أنواعها، يعمل البرلمان البريطاني حالياً على مشروع قانون جديد يهدف إلى تعزيز قوانين الإعلان والترويج للتبغ والسجائر الإلكترونية.
ومن بين البنود البارزة في المشروع، حظر بيع منتجات التبغ لأي شخص ولد في أو بعد 1 يناير 2009، وهو ما يعرف بـ “الجيل الخالي من التدخين”، بهدف تقليل معدلات الإصابة بالأمراض المرتبطة بالتبغ، مثل السرطان وأمراض القلب.
كما دخل مؤخراً حيز التنفيذ حظر كامل على بيع السجائر الإلكترونية ذات الاستخدام الواحد، وذلك اعتباراً من 1 يونيو الماضي، في خطوة تستهدف منع الشباب من الانخراط في دائرة الإدمان على النيكوتين.
وبموجب هذا الحظر، يواجه البائعون الذين يخالفون القانون غرامات تبدأ بـ 200 جنيه إسترليني، وقد تصل العقوبة إلى السجن في حال التكرار.
وبحسب إحصائيات صادرة عن جمعية “التحرك من أجل الصحة ومكافحة التدخين” (ASH)، فإن نسبة مستخدمي السجائر الإلكترونية ذات الاستخدام الواحد في بريطانيا انخفضت من 30% في عام 2024 إلى 24% في 2025، فيما سجلت الفئة العمرية بين 18 و24 عاماً تراجعاً ملحوظاً من 52% إلى 40% خلال نفس الفترة.
هل نشهد نهاية الترويج للتبغ؟
إذا ما تم تمرير مشروع القانون الجديد، فإن المملكة المتحدة ستكون أمام مرحلة جديدة من التشريعات الأكثر صرامة في تاريخها الحديث، والتي تهدف إلى إعادة تنظيم سوق التبغ بالكامل، وجعل البيئة التجارية أقل تشجيعاً على استخدام منتجات التدخين.
ومع تصاعد الضغوط على الشركات الكبرى مثل (Sainsbury’s) و(Morrisons)، يبدو أن الأيام القادمة ستشهد تحولاً دراماتيكياً في طريقة عرض وترويج منتجات التبغ، ليس فقط من الناحية القانونية، بل أيضاً من حيث المسؤولية الاجتماعية والأخلاقية.