قالت مصادر في مجال عمل الذكاء الاصطناعي لبي بي سي bbc إن خطة السير كير ستارمر Keir Starmer لجعل المملكة المتحدة “رائدة عالمياً” في مجال الذكاء الاصطناعي قد تؤدي إلى تفاقم أزمة إمدادات مياه الشرب المتوترة بالفعل، وقد تحتاج مراكز البيانات العملاقة اللازمة لتشغيل الذكاء الاصطناعي إلى كميات كبيرة من المياه لمنعها من ارتفاع درجة حرارتها.
وتقول صناعة التكنولوجيا إنها تعمل على تطوير أنظمة تبريد أكثر كفاءة تستخدم كمية أقل من المياه، لكن وزارة العلوم والابتكار والتكنولوجيا قالت في بيان إنها تُدرك أن المحطات “تواجه تحديات تتعلق بالاستدامة”. وقد التزمت الحكومة ببناء مراكز بيانات متعددة في جميع أنحاء البلاد في محاولة لتحفيز النمو الاقتصادي.
نقص المياه في بريطانيا ومشاريع الحكومة المدعومة بالذكاء الاصطناعي
تواجه أجزاء من المملكة المتحدة، وخاصة في الجنوب، بالفعل خطر نقص المياه بسبب تغير المناخ ونمو السكان، وتدعم الحكومة خططاً لبناء تسعة خزانات جديدة لتخفيف خطر تقنين المياه وحظر استخدام خراطيم المياه خلال فترات الجفاف.
ولكن بعض هذه المراكز موجودة في مناطق من المقرر بناء مراكز بيانات جديدة فيها، وستقام أولى “مناطق نمو الذكاء الاصطناعي” الحكومية في كولهام Culham، أوكسفوردشاير oxfordshire، في حرم هيئة الطاقة الذرية بالمملكة المتحدة على بعد سبعة أميال من موقع خزان جديد مخطط له في أبينجدون Abingdon.
سيُزوّد الخزان، الذي تبلغ مساحته 4.5 ميل مربع (7 كيلومترات مربعة)، العملاء في وادي التايمز Thames Valley ولندن London وهامبشاير Hampshire بالمياه. ولا يُعرف حجم المياه التي ستستهلكها مراكز البيانات الضخمة الجديدة المخطط لها في الجوار
وعلمت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أن شركة “Thames Water” كانت تتحدث إلى الحكومة بشأن تحدي الطلب على المياه فيما يتعلق بمراكز البيانات وكيفية التخفيف من حدته، وفي تقرير جديد، دعت الأكاديمية الملكية للهندسة الحكومة إلى ضمان قيام شركات التكنولوجيا بالإبلاغ بشكل دقيق عن كمية الطاقة والمياه التي تستخدمها مراكز البيانات الخاصة بها.
ويدعو التقرير أيضاً إلى تطبيق متطلبات الاستدامة البيئية لجميع مراكز البيانات، بما في ذلك تقليل استخدام مياه الشرب، والانتقال إلى الاستخدام الصفري للتبريد.
كما يحذر أحد مؤلفي التقرير، البروفيسور توم رودن Tom Rhode، من أنه بدون مثل هذا الإجراء “فإننا نواجه خطراً حقيقياً يتمثل في أن تطويرنا ونشرنا واستخدامنا للذكاء الاصطناعي قد يلحق ضرراً لا يمكن إصلاحه بالبيئة”.
اقرأ أيضاً: أزمة المياه ما زالت حاضرة على طاولة المملكة المتحدة هل من حلول؟
قطاع التكنولوجيا وتعامله مع نقص المياه في بريطانيا
يميل قطاع التكنولوجيا إلى التحفظ بشأن استهلاك المياه، حيث أنه من المعلوم أن مراكز البيانات تستخدم المياه العذبة الرئيسية، بدلاً من المياه السطحية، حتى لا تتراكم الملوثات في الأنابيب والمضخات والمبادلات الحرارية المستخدمة في تبريد رفوف الخوادم.
يمكن أن تختلف الكمية المستخدمة بشكل كبير اعتماداً على عدد من العوامل بما في ذلك البيئة المحيطة، فالمواقع الموجودة في الأجزاء الأكثر برودة ورطوبة في العالم تميل إلى طلب كمية أقل.
يقول الدكتور فينكاتيش أوداميري Venkatesh Udamery، الخبير في إدارة موارد المياه ومقره تكساس Texa، إن مركز البيانات النموذجي يمكن أن يستخدم ما بين 11 مليون و19 مليون لتر من المياه يومياً، وهو ما يعادل تقريباً نفس الكمية التي تستخدمها مدينة يتراوح عدد سكانها بين 30 ألفاً و50 ألف نسمة.
وتستند حساباته التي يتم الاستشهاد بها على نطاق واسع إلى المناخات القاحلة أو شبه القاحلة، ولا تأخذ في الاعتبار تحسينات الكفاءة الأخيرة أو التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي.
وارتفع استخدام مايكروسوفت Microsoft العالمي للمياه بنسبة 34% أثناء تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي الأولية الخاصة بها، واستخدمت مجموعة من مراكز البيانات في ولاية Iowa من إمدادات المياه نحو 6% في المنطقة في شهر واحد أثناء تدريب GPT-4 من OpenAI.
اقرأ أيضاً: تطوير الذكاء الاصطناعي ضمن الخطط الحكومية عبر منحة رودس
شركات المياه في المملكة والجهود الحكومية
قالت شركة المياه إنه ينبغي تبريد مراكز البيانات الكبيرة باستخدام “مياه الصرف الصحي المعالجة” بدلاً من مياه الشرب، وقال رئيس التخطيط بشركة أنجليان ووتر Anglian Water إنه ينبغي أن يتم إنشاء هذه المرافق بالقرب من محطات إعادة تدوير المياه، حتى يتمكنوا من الوصول إلى الإمدادات بسهولة أكبر، وهناك حاجة إلى مراكز بيانات عملاقة لتشغيل الذكاء الاصطناعي، ولكنها تحتاج إلى الماء لمنع ارتفاع درجة حرارتها.
كما سلطت وكالة البيئة الضوء على الطلب المتزايد على المياه من مراكز البيانات، ويخشى البعض في صناعة المياه من أن يؤدي نمو الذكاء الاصطناعي إلى نقص المياه، ونفى متحدث باسم تحالف مركز البيانات حاجتهم إلى كميات كبيرة من المياه للتبريد، لكنه لم يعترض على استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة.
وتعهدت الحكومة ببناء المزيد من البنية التحتية للذكاء الاصطناعي ودعت المناطق للتقدم بطلبات لتصبح “مناطق نمو الذكاء الاصطناعي”، مع تخصيص المنطقة الأولى لكولهام، أوكسفوردشاير، ويجب على المتقدمين الحصول على خطاب دعم من مورد المياه المحلي.
وقال جيف دارش Jeff Darsch، رئيس التخطيط الاستراتيجي للأصول في شركة أنجليان ووتر، إن الشركة تلقت “تعبيرات عن الاهتمام بمناطق نمو الذكاء الاصطناعي، ولكن أيضاً بمراكز بيانات محددة”.
وقال إنه إذا اتصل أحد المطورين بشركة أنجليان طالباً توصيل مياه الصنبور بانتظام لمركز بيانات كبير في جزء من منطقته يعاني من نقص المياه، “فستكون استجابتنا الفورية وأن هذا الأمر سيكون تحدياً”.
وأضاف: “لدينا حد أقصى لكمية المياه، مياه الشرب الصالحة للشرب التي نسمح بها لهذا النوع من الاستخدامات في الوقت”، وأضاف أن الشركة “تشجع الناس على البحث عن مصادر بديلة للمياه” بما في ذلك “مياه الصرف الصحي المعالجة”.
وصرح كذلك: “من الممكن ألا نحتاج إلى استخدام مياه الشرب لتبريد هذه المنشآت. يمكننا استخدام مواد مثل مياه الصرف الصحي المعالجة، والتي قد تكون بنفس الكفاءة لتبريد مراكز البيانات هذه”.
وقال السيد دارش إن مراكز البيانات وإنتاج الهيدروجين سيكونان من أهم الاحتياجات الصناعية للمياه في المستقبل، وإن هذه الموارد ربما لا تمثل سوى نسبة 1.1% من إجمالي إمدادات المياه في أنجليا Anglia، ولكن هذا قد يعادل “عشرات الملايين من اللترات [من المياه] يومياً.
ختاماً، الذكاء الاصطناعي يلعب دور هام في معالجة نقص المياه في بريطانيا، لكن على السلطات في المملكة معرفة كيف التعامل معه وتوظيفه من قبل شركات المياه بما يخدم الواقع المائي في المملكة، وعلى الحكومة البريطانية إصدار قوانين تدير استخدام مراكز البيانات للذكاء الاصطناعي في قضايا المياه وغيرها.
اقرأ أيضاً: بريطانيا تواجه أزمة مياه.. تحذيرات من قيود محتملة وحظر استخدام الخراطيم