بعد تسع سنوات على استفتاء بريكست... أين يقف الرأي العام البريطاني اليوم؟
تابعونا على:

أخبار لندن

بعد تسع سنوات على استفتاء بريكست… أين يقف الرأي العام البريطاني اليوم؟

نشر

في

842 مشاهدة

بعد تسع سنوات على استفتاء بريكست... أين يقف الرأي العام البريطاني اليوم؟

كشف استطلاع حديث ملامح متجددة لحالة الرأي العام البريطاني حيال خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي بريكست (Brexit)، حيث يرى 61% من البريطانيين أن عملية الخروج شكلت فشلًا أكثر من كونها نجاحًا، ورغم ذلك، لا تحتل مسألة العودة إلى التكتل الأوروبي موقعًا متقدمًا على سلم الأولويات الوطنية في الوقت الراهن.

وتزامن هذا التقييم مع حلول الذكرى التاسعة لاستفتاء الخروج الذي أجري في 23 يونيو 2016، وما تزال تبعاته تلخص شعورًا عامًا بالندم لدى شريحة واسعة من المواطنين.

ووفقًا لأحدث استطلاعات مؤسسة (YouGov)، يعتبر 56% من البريطانيين أن قرار المغادرة كان خاطئًا، في مقابل 31% فقط يرون أنه كان صائبًا.

ومع ذلك، تظهر البيانات تمسك شريحة كبيرة من المؤيدين السابقين لـ”بريكست” بموقفهم، حيث صرح 68% منهم بأنهم لا يزالون مقتنعين بأنهم اتخذوا القرار الصحيح.

خارطة اللوم بعد تسع سنوات من بريكست

تشير استطلاعات الرأي إلى أن البريطانيين يحملون حزب المحافظين المسؤولية الأكبر عن تداعيات “بريكست”، حيث يرى 88% منهم أن الحزب أخفق في إدارة المرحلة، بينما يحمل 84% المسؤولية شخصيًا لـ بوريس جونسون (Boris Johnson)، الذي قاد الحملة الداعمة للخروج قبل أن يتولى رئاسة الوزراء مع بدء تنفيذ الاتفاق.

لكن المسؤولية لا تتوقف عند هذا الحد، إذ يرى نحو ثلثي المواطنين أن تيريزا ماي (Theresa May) بنسبة 66% وريشي سوناك (Rishi Sunak) بنسبة 64%، وكلاهما تولى رئاسة الحكومة بعد جونسون، يتحملان جزءًا من المسؤولية أيضًا.

كما يوجه 67% من البريطانيين اللوم إلى نايجل فاراج (Nigel Farage)، الزعيم السابق لحزب “بريكست” (Brexit Party) وأحد أبرز الأصوات التي روجت للخروج من الاتحاد الأوروبي.

في حين يحمل37% من البريطانيين الاتحاد الأوروبي نفسه جزءًا من مسؤولية ما آلت إليه الأمور بعد “بريكست”، ويتبنى هذا الرأي 60% من مؤيدي الخروج من الاتحاد.

أما من جهة المعارضة، فإن كير ستارمر (Keir Starmer)، زعيم حزب العمال، وحزبه عمومًا، يتعرضان لقدر أقل من النقد، إذ ألقى 28% من المستطلعين باللائمة عليه، في حين رأى 39% أن الحزب يتحمل جانبًا من المسؤولية.

كما طالت الانتقادات الجهاز الإداري الحكومي بنسبة 30%، وتزداد هذه النسبة بين ناخبي حزب المحافظين وحزب الإصلاح، رغم أن ما يقارب ثلث هؤلاء فقط يقرون صراحةً بأن تجربة “بريكست” كانت فاشلة.

اقرأ أيضاً: اضطرابات الإمداد تكشف هشاشة الاقتصاد البريطاني بعد بريكست وكورونا!

مستقبل العلاقة مع الاتحاد الأوروبي

رغم الشعور المتزايد بالندم حيال الخروج من الاتحاد الأوروبي، إلا أن ملامح المستقبل لا تزال موضع جدل واسع في الشارع البريطاني.

إذ يظهر الاستطلاع أن نحو 65% من البريطانيين يفضلون اليوم إقامة علاقة أوثق مع الاتحاد الأوروبي، وهو توجه يمتد عبر مختلف الأطياف السياسية، من 51% إلى 78%، بل ويشمل 60% من الناخبين السابقين لصالح الخروج، الذين باتوا يرون أن تعزيز الروابط هو الخيار الأنسب،ومع ذلك، لا يترجم هذا الميل بالضرورة إلى رغبة واضحة في العودة الكاملة إلى الاتحاد.

فعلى الرغم من أن 56% من المواطنين يؤيدون إعادة الانضمام، إلا أن هذه النسبة تتراجع بشكل حاد بين مؤيدي الخروج السابقين 24%، وناخبي حزب المحافظين بنسبة 28%، وحزب الإصلاح بنسبة 16%.

ويبقى السؤال: هل تمثل العودة إلى الاتحاد أولوية وطنية في الوقت الراهن؟

الإجابة لدى البريطانيين منقسمة، حيث يرى 44% أن التركيز على العودة يعد خيارًا خاطئًا في ضوء التحديات الاقتصادية والاجتماعية الحالية، مقابل 37% يعتبرونها أولوية تستحق الاهتمام.

هل سيجرى استفتاء جديد؟

لا يزال الجدل قائمًا في بريطانيا بشأن فكرة إجراء استفتاء جديد للعودة إلى الاتحاد الأوروبي.

وتشير نتائج الاستطلاعات إلى انقسام في الرأي العام في الوقت الراهن، إذ يؤيد 45% من البريطانيين تنظيم الاستفتاء خلال السنوات الخمس المقبلة، مقابل 42% يرفضون ذلك.

ومع تمديد الأفق الزمني لعقد الاستفتاء، تزداد نسبة المؤيدين تدريجيًا؛ إذ ترتفع إلى 49% خلال العقد المقبل، مقابل 34% فقط يظلون على موقفهم الرافض.

ويبدو أن القبول بالفكرة يرتبط ارتباطًا طرديًا بعامل الزمن؛ فعلى مدى الـ25 عامًا المقبلة، تظهر الأرقام أن 52% من البريطانيين يؤيدون الاستفتاء، بينما يتراجع الرفض إلى 26% فقط.

اقرأ أيضاً: البريكست وتداعياته على الاقتصاد البريطاني بعد 8 سنوات

تداعيات اقتصادية وأسئلة مفتوحة

لم يخل الاستطلاع من تسليط الضوء على التبعات الواقعية لبريكست، فقد كشفت البيانات عن توقعات بتراجع التجارة البريطانية بنسبة 15%، وتواجه الشركات تكاليف إضافية تقدر بنحو 37 مليار جنيه إسترليني سنويًا.

ورغم كل هذه المعطيات، يبقى الشعور بأن الوقت غير مناسب للعودة إلى الاتحاد سائدًا، فـ44% من البريطانيين لا يرون في هذه الخطوة أولوية حقيقية للحكومة، فيما يعتقد 37% أنها خطوة ضرورية ومجدية.

ندمٌ بلا فعل

ما يظهر بوضوح هو أن بريكست لم يكن النصر المنتظر، بل تحول إلى تجربة مريرة تركت أثرًا عميقًا في الاقتصاد والمجتمع البريطاني.

ومع تصاعد المشاعر السلبية، إلا أن الرأي العام لا يزال منقسمًا حول الخطوات التالية، خاصةً فيما يتعلق بجدوى العودة وإمكانية تنفيذها في الوقت الحالي.

فبينما يميل الكثيرون إلى تصحيح المسار، يبقى الواقع السياسي والاقتصادي معقدًا بما يكفي ليمنع تحويل الرغبات إلى أفعال.

 

X