اعتاد الجميع على صوته في كل أسبوع كروي، حفظوا جمله الشهيرة وشاركوها لسنوات طويلة مع كرة القدم، قامة من قامات الإعلام الرياضي في العالم العربي، بمسيرة مهنية غنية جداً، ضيف حوار اليوم الإعلامي والمعلق الرياضي حفيظ الدراجي.
لقاء خاص لأرابيسك لندن- السعودية
حاوره حازم ملحم
1- أستاذ حفيظ أهلاً وسهلاً بك في Arabisk London ومن الشرف لنا أن تكون ضيفنا في هذا الحوار…
كبرنا على صوت حفيظ الدراجي، ومع كل موسم تزيد معنا الذكريات لأهداف خالدة بصوتك، بالنسبة لك أستاذ حفيظ ما هي المباراة المحفورة بذاكرتك والتي لم تنسى التعليق عليها ؟
-مساء الخير مرحباً وأهلاً وسهلاً بكم، على مدى مشوار دام 33 سنة بل أكثر من ذلك، 35 سنة، مباريات كثيرة. وأكثرها تلك المباريات المتعلقة بمنتخب الجزائر، أولها مباراة أم درمان سنة 2009 بين مصر والجزائر المؤهلة لكأس العالم 2010، يوم عادت الجزائر وعدنا للمشاركة في كأس العالم بعد 24 سنة، ظلت المباراة محفورة بذاكرتي ليس فقط بسبب المباراة وأحداثها، لكن أيضاً بسبب ما أحاط بها، من إثارة، وحماس، والضغط الإعلامي، أعتقد لهذا السبب بقيت وستبقى خالدة في ذهني.
وبعدها نهائي كأس أمم أفريقيا (2019)، لكن قبل 2019 أيضاً، يوجد مباراة ظلت محفورة في ذهني أيضاً، وهي مباراة نهائي دوري أبطال أوروبا بين البايرن ومانشستر يونايتد عام 1999، بايرن ميونخ كان متقدم 1-0، بعدها المان يونايتد عاد بالنتيجة في الوقت الإضافي +90، وسجل هدف التعديل والهدف الثاني وفاز بدوري أبطال أوروبا، تلك المباراة ستظل محفورة بذاكرتي للأبد.
2- من الممكن أن يكون أكثر موضوع تمت معارضته من قبل جماهير كرة القدم وحتى بعض اللاعبين الذين خرجوا بالمؤتمرات وتحدثوا عنه بشكل علني هو موضوع “الإرهاق البدني” بسبب إزدحام جدول مباريات المنتخبات والأندية، هل برأيك الويفا والإتحاد الدولي نسوا هذه التفصيلة المهمة جداً؟
– لايختلف إثنان أن المال أصبح أهم شيء في الاتحادات القارية والدولية في كرة القدم، حتى بالنسبة للاعبين والمدربين والأندية، ولما تعلم أنه في آخر اجتماع للفيفا التقرير كان يشير لتقديرات قد تصل إلى 7 مليار دولار كمدخول إجمالي من كأس العالم عام 2026، ولما تجد أن خزينة الفيفا التي تمتلك أكثر من 15 مليار دولار اليوم، تفهم أن اللعبة كلها قائمة على المال، أعتقد طبعاً أنه كان هنالك سوء تقدير بسبب كثرة المنافسات، اتصور أن اللاعبين اليوم يلعبون بين 60 إلى 80 مباراة في الموسم، بالإضافة للتنقلات في البلدان التي يلعبون فيها، والتنقلات أيضاً بين البلدان عندما يلتحقوا بالمنتخبات، بالتأكيد هناك تطور كبير عرفته التكنولوجيا وفي المجال الصحي والطبي وصنع فارق، لكن الإنسان يبقى إنسان ولديه طاقة، ولاحظنا كثرة الإصابات في بداية هذا الموسم، من رباط صليبي، وتشنج عضلي، وتمزق عضلي، خاصةً بالنسبة للاعبين الذين لعبوا في بطولة اليوروة الأخيرة، عادوا للمنافسة بسرعة كبيرة ووجدوا أنفسهم يخوضون 3 مباريات كل عشرة أيام، فالأمر صعب، وأعتقد أنه الضغوطات التي ستحصل الان من قبل نقابة اللاعبين ومن قبل اللاعبين بحد ذاتهم، سوف تفرض على الفيفا والاتحاد الأوروبي بأنه يتخذ إجراءات من أجل التخفيف من هذا العبئ الكبير جداً على اللاعبين، وبدأت تظهر ملامحه ومعالمه على صحة اللاعبين أولاً، ثم على مردودهم فوق أرضية الميدان، سواء مع نواديهم أو مع منتخباتهم، وحتماً حتى بالنسبة للمشاهد، كثرة كرة القدم تقتل كرة القدم، وتقتل متعة الكرة كذلك، وتقتل بين قوسين لاعبين الكرة، والمشجع والمتابع يصبح لديه تشبع، فالأمر ينقلب إلى ضد، إن شاء الله يحصل وعي في الموضوع من طرف الاتحاد الدولي والاتحادات القارية، ويبحثوا في حل للازدحام الكبير للمباريات.
3- أستاذ حفيظ، بالنسبة لكرة القدم الحالية، هل تشعر بأن اللعبة أصبحت مختلفة عن السابق وأصبحت موضوعة بقوالب جاهزة، هل أصبحت اللعبة مملة لكل هذا الحد.. وماهو السبب برأيك؟
لا اللعبة أصبحت مختلفة لكن ليس لدرجة الملل، اليوم شباب العالم كله لديه وسائل تواصل اجتماعي وحتى في هذه الوسائل موجودة صور وفيديوهات كرة القدم أكثر من فيديوهات المسرح والغناء والرقص، فوسائل التواصل الإجتماعي زادت من اهتمام الناس بكرة القدم وكثرة المباريات أيضاً، زادت من اهتمام الناس، ف لايمكن أن نتحدث عن ملل، لكن من الممكن أن نتحدث عن تغير اللعبة، وتغير مضمونها، وتغير محتواها، ولكن مازالت تعتمد على المهارة الفردية رغم قلتها ولكن الجانب البدني والجانب التكتيكي والأمور المادية، كلها عوامل جعلت كرة القدم مختلفة قليلاً عن الماضي، أصبح التكتيك يصنع فارق، وبالتالي نحن لا نتحدث عن تغيرات بل نتحدث عن تحولات، منها العادية والطبيعية ومنها المبالغ فيها.
4- بالنسبة لموضوع التفاوت الفني بين الدوريات الخمسة الكبرى في أوروبا، هل بإعتقادك أن موضوع وجود المواهب في دوري واحد دوناً عن غيره من الدوريات الأخرى هو السبب، أم من الممكن أن وجود كل المدربين الجيدين في دوري واحد أحياناً فيصبح هذا الدوري ممتع أكثر وجذاب أكثر، ما رأيك؟
هذا يعود لقرار السوق الرياضي أخي العزيز، إن خيرت أي لاعب اليوم أو أي مدرب بين إنجلترا وفرنسا أو بين إنجلترا والبرتغال يجاوبك بإنجلترا، وبين البرتغال وإسبانيا، يجاوبك بإسبانيا، ومن الصعب جداً أن نطالب بتكافؤ الفرص مثل التكافؤ الذي يتم المطالبة به في بعض الدوريات العربية بين الأندية الكبيرة والأندية الأخرى، مثل السعودية الان موجود الهلال والنصر، أندية أخرى تشتكي بأنها لاتمتلك موارد ولاتمتلك إمكانيات ولا اهتمام فهذا أمر طبيعي، وفي الجزائر مثلاً هناك عدة أندية لديهم شركات وأندية أخرى ليس لديها شركات، فهنا تدخل معايير ومقاييس أخرى، وعلى الصعيد القاري والأوروبي لايمكن الحديث عن توزيع المدربين على مختلف الدوريات وعلى مختلف الأندية حتى يوجد تكافؤ في المشاهدة، لا لا أنا لست مع هذا المنطق، يوجد أكثر من 50 اتحاد أوروبي فكل دوري وكل بلد له خصوصياته، فالاتحاد الذي يوفر المرافق والملاعب والمال والظروف الحسنة هو الذي يستقطب الجميع، مثلاً الاستقطاب في السعودية هو استقطاب مادي، والسعودية تعمل على مشروع ضخم مستقبلي، فبالنهاية يجب أن نضع الأمور على حالها وعلى طبيعتها والسوق هو الذي يتحكم.
اقرأ أيضاً: مورينيو وسخرية حساب غلطة سراي من البرتغالي
5- نظام دوري الأبطال الجديد” هل برأيك الشكل الجديد للبطولة فائدته أكبر على الأندية ولاعبين هذه الأندية، أم أن الفكرة مع المواسم القادمة ستكون مزعجة ومتعبة للاعبين والأندية بشكل كلي؟
أعتقد أنه في دوري المجموعات خاصةً فقد المتعة واللذة التي كان يمتلكها خصوصاً في الموسم الماضي كمباريات ذهاب وإياب، فعندما تشاهد مباريات ذهاب من دون إياب تدرك أن الأمر تغير، مثلاً حالياً كل يوم ثلاثاء فقط أو اقصى شيء ثلاثاء وأربعاء تشاهد مباراة ممتعة أو كبيرة، أما بالنسبة للصيغة للقديمة من دوري الأبطال كان يلعب يوفنتوس وبرشلونة ذهاب إياب إن قابلوا بعضهم في دور المجموعات، أما اليوم سنشاهد مباراة واحدة بين برشلونة وبايرن ميونخ مثلاً الأسبوع القادم، فتشعر أن النظام الجديد نظام غريب قليلاً يعود إلى طبيعته ابتداءً من دور الـ 16 ونظام خروج المغلوب، لكن دعنا نعيش التجربة، زادت المباريات وزادت المدخلات المالية، وبرامج المباريات أصبحت مزدحمة، مباريات الكؤوس المحلية ومباريات الدوريات، ومباريات كأس العالم للأندية ابتداءً من العام المقبل، فهو أمر سيؤثر بشكل ملحوظ على المردود العام للاعبين طبعاً، لكن برأيي سابق عن أوانه الحكم على نظام دوري الأبطال الجديد.
6- كإعلاميين وصحفيين بكل تأكيد يوجد فريق نحبه ونشجعه ونفضله عن غيره، لكن في ظل العمل المهني ومايتطلبه من موضوعية دائماً نحافظ على هذا الحب ضمنياً، ماهو الفريق الذي تحبه استاذ حفيظ وكبرت على تشجيعه!
– عندما تتحدث عن الفريق الذي يشجعه حفيظ الدراجي، فصعب يكون نفس الحديث عن نفس الفرق التي يتداولها الناس أو يشجعها الناس، لأن أنا كحفيظ من جيل سبعينيات وثمانينات القرن الماضي الذي كان يبحث عن المتعة أين ماكانت، سواء كانت في إيطاليا مع الإنتر والميلان واليوفي، أو في إنجلترا مع ليفربول ومانشستر يونايتد او في إسبانيا مع الريال والبارسا، فكان هدفنا المتعة أكثر من ألوان أي فريق، صدقني لم أكبر على التعلق بنادي بعينو أو دوري بعينو، أنا كبرت على الاستمتاع بالمتعة أين ما حلت، ف أنا من جيب ليفربول زمان ويونايتد زمان ويوفنتوس زمان وميلان زمان وإنتر زمان والريال زمان، فلذلك دعني أقول لك لا أملك فريق أشجعه، لذلك أنا مرتاح جداً بالتعليق بدون ضغوطات أو بدون أي مشاعر.
7- العالم الرقمي وتسارعه الكبير، أصبح البشر يميلون لكل ماهو سريع الهضم، الخفيف، حتى لو كان غير مفيد، وكلنا نعلم مدى التأثير الكبير بهذا التضخم الرقمي على الأجيال الحالية من الشباب، وحتى في عالم الرياضة أصبح نسبة كبيرة من الشباب لا يتابعون كرة القدم للفائدة والاستمتاع، بل فقط للتريند والأمور غير المفيدة أحياناً، ماتعليقك سيد حفيظ على هذا الجانب ؟
فعلاً العالم الرقمي وعالم السرعة الذي تسبب بتغيير الكثير من المعطيات ومن المفاهيم على الأجيال الحالية اليوم، بالنسبة للشباب وبالنسبة لكل الأعمار طبعاً.
اقرأ أيضاً: أكبر خمسة ملاعب لكرة القدم حول العالم
8- الذكاء الإصطناعي، هل برأيك سيحل علينا يوم من الأيام وسنجد المعلق هو مجرد “روبوت”، هل تتوقع أن تصل كرة القدم ولهذه الدرجة وتستبدل الآلة بالعنصر البشري ….
الذكاء الإصطناعي هذا هم آخر للصراحة، حلّ على الإنسانية عموماً وحل على الجيل الصاعد وعلى الرياضة وكرة القدم بشكل خاص، يأتي يوم يتم فيه تعويض المعلق بروبوت هو موضوع صعب ولكن من يدري، نجد أنفسنا أمام معلق روبوت فهو أيضاً شيء صعب لأن المعلق أيضاً مشاعر وأحاسيس، وتكهنات وتوقعات وتجاوب وتناغم، وتعلم صعب هذه الأشياء تكون في الروبوت وصعب أننا نستغنى عن العنصر والعامل البشري أيضاً، فهل هذا يعني أننا سنصل إلى لاعب روبوت مثلاً في عالم الكرة، لا أعتقد صعب جداً، الأمر من الممكن أن يأتي مع زمن آخر وجيل آخر لكن نتمنى أن لانشهد هذا الأمر صراحةً، لأن حلاوة التعليق ستزول والطعمة والشعور سيزول…
9- وأخيراً ما هي الرسالة التي تحب أن توجهها من منصة Arabisk London لمشجعي كرة القدم من هذا الجيل والأجيال القادمة؟
ونقول لمشجعي كرة القدم استمتعوا قدر المستطاع، بالكرة واللاعبين والأندية والمنتخبات، بعيداً عن التشنج وبعيداً عن التعصب بعيداً عن كل الاستفزازات التي نشهدها في الملاعب والمدرجات والشوارع، كرة القدم هي مجرد لعبة، نعم لم تعد مجرد لعبة من المنظور الإقتصادي والإجتماعي والتجاري والمالي، ولكن هي في نهاية المطاف لعبة، ان شاء الله لا تفقد جوهرها ومتعتها بالنسبة لجماهير كرة القدم، شكراً لكم والسلام عليكم جميعاً.
اقرأ أيضاً: نهائي الفيناليسما.. تاريخ طويل وإرث دولي خاص