زها حديد العربية التي حاربها العرب واحتضنها الغرب
تابعونا على:

إخترنا لكم

زها حديد العربية التي حاربها العرب واحتضنها الغرب

نشر

في

124 مشاهدة

زها حديد العربية التي حاربها العرب واحتضنها الغرب

لم تنشأ العراقية زها حديد نشأتً متعصبة كمثيلاتها في مدينتها الموصل بفضل عقلية والديها المستنيرين، بل وصلت إلى ما وصلت إليه بسبب التربية العصرية من والديها والفكر الإبداعي الخلاق لديها.

فتلقت دراستها الابتدائية والثانوية في مدرسة الراهبات الأهلية، وكانت المسلمة الوحيدة فيها مقابل وجود أيضاً عدد من اليهوديات، وانبهرت الفتاة الصغيرة في سن السادسة بأشكال المباني عندما اصطحبها والدها إلى معرض خاص في فرانك لويد رايت بدار الأوبرا ببغداد، ولم تغب هذه الأشكال المعمارية عن ذهنها حتى حددت اهتماماتها في سن الحادي عشر لتصبح معمارية، وكانت أولى تجاربها في التصميم هو تصميم ديكور غرفتها.

على الرغم من دراستها الرياضيات في الجامعة الأمريكية في بيروت إلى أن مشروعها المعماري عاد بقوة لتدرس العمارة في الجمعية المعمارية في لندن في الفترة الممتدة بين 1972 إلى عام 1977 ومنحت بموجبها على الدبلوم.

زها حديد العربية التي حاربها العرب واحتضنها الغرب

تميزت بداية حياة زها حديد العملية منذ بدايتها بالنشاط الأكاديمي، فبدأت التدريس في الجمعية المعمارية في مكتب ريم كولاس وإليا زنجليس أصحاب مكتب OMA، وما لبثت فترة إلا أن أنشأت مكتبها في لندن عام 1979 لتنشر إبداعها المعماري المترافق مع انتشار عالمي واسع.

استلهمت زها حديد تصميماتها المعمارية من المعماري البرازيلي أوسكار نيمايز، وخاصة إحساسه بالمساحة، مما شجعها على ابتكار أسلوبها الخاص القائم على الهندسة التفكيكية أو التهديمية أي الهندسة القائمة على مستوى عال من التعقيد والعندسة غير المنتظمة، مما أسهم في تغيير مفهوم العمارة في العالم، وقد صنفت أعمالها أنها إلى عالم الخيال.

الخيال والمثالية، هكذا وصف المعماريون المخضرمون تصاميم زها حديد، حتى كادوا يرون أنها تصاميم غير قابلة للتطبيق في الواقع إلا أن الدعامات القائمة عليها تصاميمها وصفت بالعجيبة والمائلة، ووجه أحد النقاد المعماريين وصفاً لتصاميم زها حديد بأنها لا تعرف وجها ولا ظهر ولا خطوط أفقية ولا عمودية، إذ أن تصاميمها كالسفن الفضائية التي تسبح بعيدا عن تأثير الجاذبية، وكل ما تخطه على حاسوبها قابل للتنفيذ.

زها حديد العربية التي حاربها العرب واحتضنها الغرب

أنجزت زها حديد العديد من المشروعات التي أوصلتها بجدارة إلى الساحة العالمية، وقد فازت في مسابقات معمارية عديدة، ومن أهم هذه المشروعات التي نُفذت محطة إطفاء الحريق في ألمانيا، متحف الفن الحديث في مدينة سينسيناتي بأمريكا، ومركز الفنون الحديثة في روما، معرض منطقة العقل في الألفية بلندن، المركز الثقافي في أذربيجان، وجسر الشيخ زايد في دولة الإمارات العربية المتحدة، محطة لقطار الأنفاق في ستراسبورج، المركز العلمي في ولسبورج، محطة البواخر في سالرينو، مركز للتزحلق على الجليد في إنسبروك، ومبنى بي إم دبليو المركزي، ومركز حيدر علييف الثقافي في باكو.

عبر مركز الألعاب المائية بلندن وهو أحد أعمال زها حديد المعمارية، والذي يقع في المتنزه الأولمبي في لندن، وبدأ بناءه في عام 2008، وتم الانتهاء منه في 2011، عن حركة الماء بشكل مدهش حيث يبدو أن التكوين بأكمله عبارة عن قطرة ماء في حالة حركة دائمة، كما أنه يصنع فضاءات تشبه بيئة النهر، صمم المبنى حتى يلبي احتياجات دورة الألعاب الأوليمبية بلندن 2012 بحيث يسع 17500 متفرجاً، كما تم وضع أحواض السباحة الثلاثة على محور واحد، بحيث وضع حوض السباحة الخاص بالتدريب تحت جسر فيما تركت الأحواض الأخرى ضمن التغطية الأساسية للمبنى.

زها حديد العربية التي حاربها العرب واحتضنها الغرب

بينما احتل تصميم حديد المرتبة الأولى في قائمة التصاميم المرشحة لبناء دار أوبرا بيتهوفن في العاصمة الألمانية السابقة بون، وقد تم اختيار التصميم، الذي وصف بلؤلؤة الراين من قبل الصحافة الألمانية، في مقدمة أربعة تصاميم كان قد تم تقديمها.

يُعد المبنى العائم في دبي أو برج ذا أوبس أيقونة معمارية مميزة في الشرق الأوسط والعالم، تم تصميمه على أحدث الطرز العالمية ليكون بمثابة سيتى سكيب الشرق الأوسط، يتكون هذا البرج من مکعب به فراغا كبيراً في الوسط، وهو مقسم إلى هيكلين مرتبطين، بارتفاع 21 طابق، بقاعدة مخفية تجعله يبدو وكأنه يطفوا فوق سطح الأرض، يبدو ليلا بشكل مختلف عن نهاره حيث يبدو في النهار على شكل مكعب كامل لامع بانعكاس أشعة الشمس عليه، ويبدو في الليل به أضواء تملأ الفراغات، حيث تمتص واجهتها الزجاجية الضوء وتتألق بإضاءة صناعية رائعة.

لإنشاء محطة مترو مدينة الرياض بالمركز المالي بالمملكة العربية السعودية عام 2013 ، على مساحة تتجاوز 20 ألف متر مربع، أظهرت تصاميم الصور الإلكترونية لمحطة القطارات وكأنها المحطة الفضائية في صحراء العرب أو صندوق الدنيا أو فندق بخمس نجوم. والتصميم عبارة عن تموجات كبيرة تعبر عن التدفق اليومي لحركة المرور في الرياض، التي يسكنها خمسة ملايين شخص.

زها حديد العربية التي حاربها العرب واحتضنها الغرب

قدمت زها حديد تصميما، وصفه البعض مثيراً للجدل، لاستاد الوكرة، المقر الجديد لنادي الوكرة الرياضي لاحقا، الذي استضاف دور المجموعات ودور الستة عشر والدور ربع النهائي ضمن بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، ويتحول مرافق الاستاد، في الأيام التي لا تشهد مباريات الدوري، إلى مركز مجتمعي، يوفر مناطق مغطاة ومبردة للتنزه والجلوس لسكان الوكرة وزوارها.

فازت مدينة الدرعية السعودية بآخر تصاميم الراحلة زها حديد عبر مشروع مركز التراث العمراني بحي الطريف بالدرعية، واستوحت زها حديد تصميم مركز التراث العمراني من الكثبان الرملية والبيئة التراثية، ويعد حي الطريف أهم معالم الدرعية التاريخية، والعنصر الأساسي للتطوير فيها، فقد كان مقرا لسكن الإمام محمد بن سعود وأسرته، ومقراً للحكم في الدولة السعودية الأولى.

زها حديد العربية التي حاربها العرب واحتضنها الغرب

يقع مقر مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية في الرياض بجانب جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن على أرض مطار الملك خالد الدولي شمال مدينة الرياض. وافتتح رسمياً من قبل الملك سلمان بن عبد العزيز في 20 كانون الثاني / يناير 2016.

في عام 2013، أعلنت زها حديد عن مشروعها الجديد لإنشاء 5 يخوت فاخرة بالتعاون مع شركات بناء السفن في هامبورغ. وقدمت حديد الفكرة من خلال شركة يونيك سيركل، المتخصصة لتصميم اليخوت في تعاون حصري مع شركة بلوم فوس، الخبراء في صناعة اليخوت والهندسة المعمارية البحرية، يأتي تصميم هذه اليخوت عبارة عن دعامات متشابكة استوحت شكلها من التكوينات البحرية الطبيعية والتصميم الديناميكي السائل وسيتم تصنيع اليخوت كلها من هياكل متينة تدعم التصميم، وكانت قد قالت زها حديد أنه يمكن تعديل تصميم اليخوت الصغيرة على حسب ذوق أصحابها، ويضمن اليخت أعلى مستويات الجودة والسلامة.

اقرأ أيضاً: ياسمين حياة ..رسامة مبدعة.. العديد من بلدان العالم تحتفظ بأعمالها الفنية الراقية

زها حديد ومجال الموضة والمجوهرات

شمل عشق التصميم لدى زها حديد تصميم الأزياء والموضة، فارتأت أن التصميم المعماري طريق مشابه لتصميم الأزياء فكلاهما يقومان على عنصر الخيال والإبداع القابل للتنفيذ، وبذلك جمعت العمارة والموضة في آن معاً، فتعاونت مع العديد من الأسماء المرموقة في عالم الموضة والأزياء.

زها حديد العربية التي حاربها العرب واحتضنها الغرب

ففي 2006 تعاونت مع دار لوي فيتون لإنتاج حقيبة تحمل العلامة ذاتها، بينما عد عام 2008 عاما زاخرا مبهجا لزها حديد، حيث تعاونت مع علامة لاكوست وأطلقت حذاء بلسان طويل من الجلد الناعم يلتف حول الساق، وفي نفس العام قامت بتصميم بوتيك دار أزياء نيل باريت في طوكيو، ثم مع علامة ميليسا البرازيلية وصممت حذاءً بلاستيكيا يحاكي الهياكل وتعاونت مع بوتيكات ستيوارت فايتسمان وصممت حديد أكثر من متجر لعلامة ستيوارت فايتسمان، وأولها بوتيك ميلانو الذي افتتح في أيلول / سبتمبر 2014 حيث صنعت الجدران من الألياف الزجاجية، وكان لعلامة دار فندي دوراً هي الأخرى، إذ أعادت حديد تعريف حقيبة بيكابو عام 2014 من أجل المشروع الخيري الذي أطلقت العلامة آنذاك وقد بيعت الحقيبة في مزاد دار سوثبي، وذهبت الأموال لصالح الأطفال.

واستوحت المعمارية تصاميم أساور من الكريستال بألوان دافئة مشرقة لعلامة سواروفسكي، وكان لحذاء أديداس هو الآخر دوراً في هذه المعمارية، ثم عملت مع أحذية يونايتد نيود،و تعاونت أيضاً مع دار المجوهرات اللبنانية عزيز ووليد مزنر، وأطلقت المجوهرات عام 2016.

زها حديد العربية التي حاربها العرب واحتضنها الغرب

ترى حديد أن تصميم البنايات وقطع الأثاث ينبعان من ذات الشيء، حيث المرونة والتمدد، حيثط كانت البداية في مشروع متحف غوغنهايم بتايوان، ثم تحولت إلى نصب اسمه إيلاستيكا بميامي، وصولاً إلى طاولة لفيترا، ثم كانت مجموعة سيملاس التي تم تصميمها لصالح إيستابليشت أند سانز، اللتين لم تستغرقا سوى شهرين، وقدمت حديد تصميمات جديدة خاصة بالأثاث الداخلي، تم عرضهما في 14 من نيسان / أبريل عام 2013، في معرض ميلانو الدولي للأثاث صالون ديل موبيل في ميلان، ضمن دار التصميم الإيطالية المتخصصة بالأحجار الطبيعية سيتكو، حيث قدمت ثلاثة تصاميم لطاولات رخامية باللونين الأبيض والأسود ومطعمة بأوردة من اللون الذهبي، وفي لندن 2013، افتتحت حديد معرضها للتصاميم والأثاث في معرض کلیر کینويل بوسط لندن.

اقرأ ايضاً: هل حقّاً عاد الاقتصاد البريطاني إلى النمو؟!

جوائز وتكريمات لزها حديد

مثلت زها حديد قصة كفاح امرأة عربية رفعت اسم العرب في العالم الغربي، وأشعلت شرارة أمل لكل النساء العربيات بالقدرة على التفوق والإبداع، زها حديد جابت بتصميماتها الشرق والغرب حتى كرمت من أبرز المقرات والجمعيات العالمية.

فازت المهندسة العراقية بأرفع جائزة نمساوية عام 2002، وأختيرت كرابع أقوى امرأة في العالم في 2010 حسب تصنيف مجلة التايمز، وكانت اليونسكو قد ضمنت حديد ضمن لائحة فناني السلام، في 2004، فازت زها حديد بجائزة بريتزكر التي تمنحها مؤسسة هيات المالكة لسلسة فنادق ريجينسي لأحد المعماريين الأحياء حيث تعادل في قيمتها جائزة نوبل، وتبلغ قيمتها المادية 100.000 دولار مقرونة بميدالية برونزية، وفي 2006 منحتها الجامعة الأمريكية في بيروت درجة الدكتوراه الفخرية تقديراً لمجهوداتها، إضافة إلى حصولها على وسام الإمبراطورية من رتبة كوماندور من فرنسا.

في 2007، منحت جائزة توماس جيفرسون للهندسة المعمارية، وهي جائزة تمنح للمعماريين منذ عام 1966 بشكل سنوي، وفي 2012 حصلت على الوسام الإمبراطوري الياباني ووسام التقدير من الملكة إليزابيث، واختيرت كأفضل الشخصيات في بريطانيا.

في 2014، نالت جائزة متحف لندن للتصميم لتصميمها مركز حيدر علييف في أذربيجان، وفي 2016، فازت بجائزة ريبا، الميدالية الذهبية الملكية للعمارة، وأصبحت المعمارية العراقية زها أول امرأة تحصل على هذه الجائزة التي هي أعلى تكريم يقدمه المعهد الملكي البريطاني اعترافا بالإنجاز التاريخي في مجال الهندسة المعمارية، وتمتلك زها حديد ثروة تقدر ب 215 مليون دولار.

توفيت المعمارية العراقية زها حديد في ميامي بالولايات المتحدة الأمريكية في 31 آذار / مارس 2016، عن عمر ناهز 65 عاماً، إثر نوبة قلبية مفاجئة، تاركةً ورائها إرثاً معمارياً خلد ذكراها على مر التاريخ.

اقرأ أيضاً: تعرف على قصة حياة أكشاتا مورتي زوجة ريشي سوناك وأغنى من ملكة إنجلترا

X