يواجه اللاجئون السوريون في المملكة المتحدة العديد من العراقيل، فبعد أن أوقفت وزارة الداخلية جميع المقابلات والقرارات المتعلقة بطلبات اللجوء السورية في التاسع من ديسمبر من العام الماضي، بحجة “تقييم الوضع الراهن”، عادت اليوم لتعليق طلبات السوريين الذين حصلوا مسبقاً على حق اللجوء ويسعون إلى الاستقرار الدائم في البلاد.
تشهد أوضاع اللاجئين وطالبي اللجوء السوريين في بريطانيا حالة من عدم الاستقرار. فوفقًا لأحدث الإحصاءات الحكومية حتى شهر مارس، تُرك ما لا يقل عن 7000 شخص دون البت في طلبات لجوئهم، وفي هذا السياق، يعتزم خمسة لاجئين سوريين تقديم طعون قانونية ضد قرارات وزارة الداخلية التي أوقفت البت في ملفاتهم، وذلك بمساعدة مكتب المحاماة “دنكان لويس”.
يدور جدل واسع بين مكاتب المحاماة وبعض المسؤولين في الحكومة البريطانية بشأن قرارات تعليق اللجوء للسوريين. ففي حين ترى مكاتب المحاماة أنه لا يوجد مبرر قانوني أو إنساني لإيقاف القرارات الخاصة باللاجئين السوريين، خاصة إذا كانت الحكومة تعتقد أنهم ليسوا في مأمن حال عودتهم إلى سوريا، فإن المسؤولين الحكوميين يصرّحون بأنهم لا يزالون بصدد “تقييم الوضع”.
من جانبها، طالبت مانيني مينون Manini Menon، المحامية في مكتب “دنكان لويس Duncan Lewis”، بمنح الإقامات للاجئين السوريين، مشيرة إلى أن وزارة الداخلية لا تمتلك تصورًا واضحاً حول مدى الاستقرار في سوريا، خصوصاً بعد أن فقد بعض اللاجئين صفة اللجوء نتيجة سقوط النظام السابق، حسب تعبيرها.
ويُذكر أن وزير الداخلية، اللورد هانسون Lord Hanson، أوقف البت في ملفات اللجوء الخاصة بالسوريين منذ يناير الماضي، مبرراً ذلك بـ”عدم وضوح الوضع العام ومدى استقرار سوريا”، بينما صرحت السيدة أنجيلا إيغل Angela Eagle في فبراير بأن الحكومة ستستأنف اتخاذ القرارات المتعلقة باللجوء “حال توفُّر معطيات واضحة عن الوضع في سوريا”.
اقرأ أيضاً: إغلاق فنادق اللجوء في بريطانيا، والحكومة تجد الحل
موقف الجمعيات السورية من تعليق القرارات
علّق هيثم الحموي، رئيس الكونسورتيوم السوري البريطاني، على قرار التعليق، قائلاً إن عدداً كبيراً من السوريين الذين فرّوا من حكم بشار الأسد لا يشعرون بالأمان حتّى بعد سقوطه، حيث لا تزال المطالب بالحرية والديمقراطية قائمة، وأضاف أن بعض اللاجئين لم يهربوا من النظام فحسب، بل من ظروف الحرب والعمليات العسكرية، بحسب تصريحه لقناة BBC.
أوضاع اللاجئين السوريين في بريطانيا
بعد قرار التعليق، انخفض عدد طلبات اللجوء السورية بنسبة 81%. ورغم ذلك، وصل إلى السواحل البريطانية خلال ثلاثة أشهر بعد سقوط النظام حوالي 299 لاجئاً سورياً عبر قوارب صغيرة، ما يعادل 5% من إجمالي الوافدين في تلك الفترة.
وبحسب القوانين البريطانية، يُمنع على طالب اللجوء العمل أثناء دراسة ملفه، وتوفر له الحكومة سكناً ممولاً ومخصصات مالية لتغطية الاحتياجات الأساسية فقط.
وعلّق جون فيتونبي John Fittonby، كبير محللي السياسات في مجلس اللاجئين، على هذه السياسات، موضحاً أن الحكومة تخسر مبالغ طائلة بسبب تعليق البت في ملفات اللجوء، وذكر أنه في نهاية شهر مارس كان هناك نحو 5500 سوري يقيمون في مساكن ممولة من الدولة، من بينهم 2130 شخصاً يعيشون في فنادق اللجوء، على الرغم من تعهّد الحكومة بالتوقف عن استخدامها لإيواء طالبي اللجوء.
ولا تقتصر المشكلة على طالبي اللجوء الذين ما زالت ملفاتهم معلّقة، بل تشمل أيضًا السوريين الذين حصلوا على اللجوء المؤقت لمدة خمس سنوات، إذ يواجه هؤلاء عند انتهاء تلك المدة صعوبات كبيرة في تجديد الإقامة، إضافة إلى تعقيدات في الحصول على سكن وعمل مستقرين.
واقترح مجلس اللاجئين، بقيادة فيتونبي، منح الأولوية في البت للطلبات المقدَّمة من أشخاص يسعون للحصول على الحماية لأسباب لا تتعلق بالنظام السابق.
ختاماً، يبقى مستقبل اللاجئين السوريين في بريطانيا مجهولًا، فيما يدفعهم الشعور بعدم الاستقرار إلى اللجوء إلى المحاكم ومكاتب المحاماة، بينما لا تزال الكلمة الفصل بيد الحكومة البريطانية وتقديراتها الخاصة لما يجري في سوريا.
اقرأ أيضاً: اللاجئون يدعمون اقتصاد بريطانيا بمليون جنيه استرليني سنوياً