في ظل أزمة المعيشة التي يعاني منها سكان بريطانيا، تظهر العديد من الجهات التي تحاول التخفيف من هذه الأزمة، وتقديم خيارات مالية للمواطنين علها تفيدهم في تحقيق التوازن بين مصروفاتهم ورواتبهم، ومنها تطبيق Wagestream الموجه بشكل أساسي للعمال ذوي الأجور المنخفضة، والتي تتميز بعدة ميزات منها الفائدة القليلة مقارنة بالمقرضين الأخرين، إلا أن الأمر لا يخلو من الانتقادات، في هذا المقال سنسلط الضوء على هذا التطبيق.
يواجه تطبيق Wagestream للرفاهية المالية انتقادات واسعة بعد إطلاقه حزمة جديدة من القروض عالية الفائدة الموجهة للعمال ذوي الأجور المنخفضة، وتسمح هذه الحزمة باقتراض مبالغ تصل إلى 25,000 جنيه إسترليني، وهي متاحة من خلال بعض الشركات الكبرى في المملكة المتحدة مثل Asda وPizza Express.
يتم الترويج لهذه القروض كميزة للموظفين، حيث تتراوح معدلات الفائدة السنوية التمثيلية بين 13.9% و19.9%، وهذا يعني أن ما لا يقل عن 51% من المقترضين سيقعون ضمن هذه النسبة، مع إمكانية أن تصل الفائدة إلى 34.9% بحسب الاتفاق مع كل صاحب عمل.
تُطرح القروض في البداية عبر شركات تستخدم خدمة Wagestream الأساسية لسحب الرواتب مسبقاً، أي الشركات التي تسمح لعمالها بالوصول إلى نصف راتبهم قبل يوم الدفع مقابل رسوم بسيطة، على أن يُخصم المبلغ بشكل تلقائي لاحقاً، لكن لا يزال غير واضح عدد الشركات من أصل 1,311 عميل لـWagestream، لكن هناك مجموعة من الشركات ضمن التطبيق بشكل مؤكد ومن بينهم Superdrug وDomino’s وHalfords وSchuh وعدد من صناديق NHS التي تبنت خدمة القروض بالفعل، والجدير بالذكر أن الشركات لا تقوم بالإقراض مباشرة ولا تحصل على أي عمولة.
تؤكد Wagestream أنها تقدم بديل “أكثر أخلاقي” للعاملين ذوي الأجور المنخفضة مقارنة بالمقرضين التقليديين الذين يفرضون فوائد تصل في المتوسط إلى 62%، ومع ذلك هناك منتقدون يحذرون من أن هذه الخدمة قد تجعل من السهل على العمال ذوي الدخل المحدود الوقوع في الديون، بسبب الجمع بين السلف على الرواتب والقروض في آن واحد.
كما يشير المتخوفون من هذا التطبيق أن يخصم مدفوعات القروض تلقائياً من الرواتب، ما يمنحها الأولوية على الفواتير الأساسية الأخرى وبذلك يضمنون استعادة أموالهم قبل أي شيء، بالرغم من أن العمال يمكنهم اختيار السداد عبر الخصم المباشر أو تأجيل الدفع، لكن ذلك يتطلب ترتيبات إضافية مع الشركة.
آراء وانتقادات لتطبيق Wagestream
قال آدم بتلر Adam Butler، مدير السياسة العامة في مؤسسة StepChange Debt Charity: “المقرضون الذين يأخذون المدفوعات مباشرة من الأجور يجب أن يضمنوا أن قروضهم لا تجبر العملاء على التعويض في مكان آخر، سواء من خلال اقتراض إضافي أو خفض النفقات الضرورية أو تفويت سداد الفواتير”.
بينما عبرت سارة ويليامز Sarah Williams، مستشارة ديون وناشطة ومؤلفة مدونة Debt Camel عن مخاوفها بقولها: “لدي مخاوف جدية بشأن محاولة شركة بيع قروض بفائدة عالية لعملاء اشتركت معهم في برامج سلف على الرواتب، إن نموذج الأعمال الذي يدفع الناس أولاً إلى الحصول على سلف قصيرة الأجل بنسبة فائدة 0% ثم يبيع لهم قرضاً باهظ الثمن لسدادها يثير قلقاً كبيراً، على أصحاب العمل التفكير فيما إذا كان هذا يتماشى حقاً مع مصلحة عمالهم”.
في حين قالت نادين هوتون Nadine Houghton، المسؤولة الوطنية في نقابة GMB، التي تمثل آلاف عمال Asda “إمكانية الوصول إلى قروض بمثل هذه الفائدة المرتفعة بمجرد ضغطة زر تعادل قروض يوم الدفع بالنسبة للعمال ذوي الأجور المنخفضة، نحن نريد أن يحصل أعضاؤنا على أجور عادلة تكفيهم للادخار بدلاً من الاضطرار إلى الاستدانة”.
نقلت صحيفة الغارديان تجربة إحدى العاملات في Asda مع تطبيق Wagestream، وشرحت أنها اقترضت 1000 جنيه إسترليني في مارس عبر التطبيق بعد أن اعتادت استخدام خاصية السحب المبكر من راتبها كل شهر، وأشارت أن الفائدة كانت أقل بكثير من مقرضي المنازل، ولم تكن مؤهلة للاقتراض من البنوك الكبرى بسبب تاريخها الائتماني، إلا أنها أدركت أنها اقترضت فقط للعودة إلى نقطة البداية، وأضافت أنها كانت تعاني من عجز مالي شديد في أحد الأشهر، لذلك قدمت الطلب للاقتراض في أقل من 10 دقائق، وكان المال في حسابها خلال ساعتين”.
ردود الشركات والمستثمرين
يبدو أن شركة Asda ترى بالتطبيق مناورة جيدة لعمالها، فقد علقت قائلة: “منذ شراكتنا مع Wagestream في عام 2023، استفاد آلاف الزملاء من خدمات الرفاهية المالية مثل السلف الاختيارية على الرواتب ومنتجات الادخار، أما بالنسبة للقروض، يتم تقييم جميع الطلبات بحسب لوائح هيئة السلوك المالي لضمان القدرة على السداد والجدارة الائتمانية”.
أما Pizza Express أكدت أن موظفيها يمكنهم الوصول إلى القروض ضمن “مجموعة من الأدوات” التي تشمل التدريب المالي والخصومات وخدمات الادخار، وأشارت إلى أن المشاركة طوعية وأن الشركة لا تدفع مقابل المنصة ولا تحصل على أي عائد مالي منها.
بينما شركة Ascension التي تدير صندوق Fair by Design الذي استثمرت من خلاله مؤسسة Joseph Rowntree في Wagestream، قالت: “ندرك المخاوف المطروحة، لكن الكثير من الأسر لا تملك مدخرات لمواجهة النفقات المفاجئة، ما يتركها عرضة لمقرضي الفائدة الكبيرة المكلفين، ونؤكد أن أولويتنا هي دعم نماذج توفر بدائل أكثر مسؤولية وبأسعار معقولة، مع استخدام بيانات واختبارات أقوى للقدرة على السداد، هذا ليس بديلاً عن الأجور العادلة أو نظام رعاية فعال، لكنه يخفف الاعتماد على أكثر أشكال الائتمان ضرراً”.
وأضافت مؤسسة Joseph Rowntree: “بينما ينبغي على الحكومة تحسين الدعم للأسر ذات الدخل المنخفض، لا تزال الحاجة إلى الائتمان قائمة، وفي ظل هذا الواقع، يمكن للمقرضين المسؤولين ذوي التوجه الاجتماعي أن يلعبوا دوراً في مساعدة الأسر على تحمل تكلفة الأساسيات في أوقات الشدة”.
في النهاية أكد المسؤولين عن تطبيق Wagestream أنهم تأسسوا على أساس ميثاق اجتماعي لتحسين الرفاهية المالية للعمال، وذلك من خلال الشراكة مع أصحاب العمل، إذ يوفروا للعاملين خدمات الكسب والادخار والإنفاق والاقتراض بشروطهم الخاصة، وقال: نفخر بتقديم بديل عادل ومتاح يساعد الأعضاء على بناء مستقبل مالي أفضل، ونظل ملتزمين بخلق بيئة أكثر شمولاً وإنصافاً”.
اقرأ أيضاً: كيف يؤثر ارتفاع تكاليف الاقتراض على حياتك اليومية؟
