قد يبدو كل الحديث عن ميزانيات الإدارات والقواعد المالية بعيداً بعض الشيء عن تكلفة الموارد المالية للأفراد، لكن مراجعة الإنفاق ليست ميزانيةً تُغيّر الضرائب أو تُعلن عن مجموعة من السياسات الجديدة، فسيكون لها تأثيرٌ على الفرد وأمواله، كما سيحظى قطاع الدفاع وهيئة الخدمات الصحية الوطنية بتمويل حكومي كبير. وستحظى العلوم والتكنولوجيا باستثمارات، بينما ستكون الاستثمارات في مجالات أخرى أقل بكثير، وعلى مدى السنوات الثلاث المقبلة، سينخفض تمويل وزارة الداخلية بنسبة 1.7% سنوياً، وستخسر وزارة الخارجية 6.9% سنوياً، وخاصة في الإنفاق على المساعدات، وستخسر وزارة النقل 5% سنوياً، وستخسر وزارة البيئة والشؤون الريفية 2.7%، وستخسر وزارة الأعمال والتجارة 1.8%.
كيف تسير مراجعة الإنفاق الحالية على أراضي المملكة؟ لنتعرف على ذلك.
اسكتلندا ومراجعة الانفاق
من المتوقع أن ترتفع ميزانية هوليرود Holyrood بمقدار 2.9 مليار جنيه إسترليني بشكل سنوي في المتوسط نتيجة لمراجعة الإنفاق التي أجرتها المستشارة راشيل ريفز Rachel Reeves، وفقاً لمسؤولي الخزانة، وقالت ريفز: “إن تمويل المنحة الإجمالية من Westminster سيرتفع إلى 52 مليار جنيه إسترليني بحلول عام 2029، وهو “أكبر تسوية من حيث القيمة الحقيقية منذ تقديم نظام اللامركزية”.
وفي معرض استعراضها لأول مراجعة للإنفاق متعدد السنوات في المملكة المتحدة منذ عام 2021، أكدت أيضاً أن يتم الاستثمار في مشاريع الدفاع واحتجاز الكربون والحوسبة.
لكن وزيرة المالية الاسكتلندية شونا روبيسون Shona Robison زعمت أن حكومتها تعرضت لـ”خسارة” تزيد عن مليار جنيه استرليني، مع زيادة في المنح الإجمالية أصغر من الزيادة الإجمالية في جميع إدارات الحكومة البريطانية، وأكدت مراجعة الإنفاق التي أجرتها المستشارة تمويل عدد من المشاريع المحددة في اسكتلندا، وبعضها كان متأخراً قبل خطابها.
وتشمل هذه المشاريع تمويل تطوير مخطط احتجاز الكربون في مشروع أكورن Acorn في مقاطعة أبردينشاير Aberdeenshire، على الرغم من عدم الكشف عن المبلغ الدقيق.
سيحصل مشروع حاسوب فائق في جامعة إدنبرة University of Edinburgh على 750 مليون جنيه إسترليني، وتم تخصيص 250 مليون جنيه إسترليني لتطوير المرافق في قاعدة الغواصات النووية فاسلين Vaseline.
كما سيشمل زيادة التمويل المخصص لهيئة الخدمات الصحية الوطنية والإسكان في بقية أنحاء المملكة المتحدة سيكون لها أيضاً تأثير غير مباشر على الأموال التي تتلقاها الحكومة الاسكتلندية سنوياً من Westminster، والتي يتم حسابها باستخدام صيغة بارنيت Barnett’s formula.
وقال مكتب اسكتلندا إن الحكومة الاسكتلندية ستحصل على مبلغ إضافي قدره 9.1 مليار جنيه إسترليني طوال مدة مراجعة الإنفاق، ومع ذلك، قال وزير المالية الاسكتلندي إنه كان ينبغي أن تكون هناك زيادة أكبر في التمويل اليومي.
وقالت شونا روبيسون Shona Robison: “إن التسوية التي تم التوصل إليها اليوم بالنسبة لاسكتلندا مخيبة للآمال بشكل خاص، مع نمو حقيقي بنسبة 0.8% سنوياً لمنحتنا الإجمالية، وهو أقل من المتوسط بالنسبة للإدارات في المملكة المتحدة، وأضافت: “لو كان تمويل مواردنا للأولويات اليومية قد نما بما يتماشى مع الإنفاق الإجمالي للحكومة البريطانية، لكان لدينا 1.1 مليار جنيه إسترليني إضافية لإنفاقها على أولوياتنا على مدى السنوات الثلاث المقبلة، في الواقع، تعرضت اسكتلندا لخسارة تزيد على مليار جنيه إسترليني.”
اقرأ أيضاً: خطة خفض الإنفاق تشعل حرباً سياسية في بريطانيا
الإنفاق الدفاعي هل سيتأثر؟
قالت ريفز إن الإنفاق الدفاعي الإجمالي في المملكة المتحدة سيرتفع إلى 2.6% بحلول أبريل 2027 كجزء من خطة لجعل بريطانيا “قوة عظمى صناعية دفاعية”.
ويتضمن ذلك وعداً بإنفاق “مبلغ أولي قدره 250 مليون جنيه إسترليني” على مدى ثلاث سنوات على قاعدة الغواصات فاسلين، “لدعم الوظائف والمهارات والنمو في جميع أنحاء غرب اسكتلندا”، ولم يتم الكشف بعد عن تفاصيل ما ينطوي عليه الاستثمار، لكن وزير الدفاع جون هيلي John Healy قال إنه سيوفر “استثماراً مستداماً طويل الأجل لقاعدة البحرية الملكية في كلايد Clyde للحفاظ على الغواصات وصيانتها وتشغيلها على مدار الساعة”، وأعلن المستشار أيضاً أنه سيتم استثمار 4.5 مليار جنيه إسترليني في الذخائر في عدة مواقع في جميع أنحاء المملكة المتحدة، بما في ذلك غلاسكو Glasgow.
وتم الإعلان عن تمويل التنمية لتطوير مشروع احتجاز الكربون في أبردينشاير Aberdeenshire خلال مراجعة الإنفاق، يهدف مشروع أكورن Acorn Project الذي يقع مقره في سانت فيرجوس Saint Fergus إلى أخذ انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري وتخزينها تحت بحر الشمال، في عملية تعرف باسم التقاط الكربون وتخزينه (CCS).
ويأتي ذلك في أعقاب دعوات من قادة الأعمال للاستثمار في المشروع الذي طال انتظاره، والذي كان في السابق على قائمة الاحتياطي للتمويل، ولم يتم الإعلان عن المبلغ الدقيق لتمويل تطوير المشروع.
وذكرت الوثائق أن “القرار النهائي بالاستثمار سيتم اتخاذه في وقت لاحق من هذا البرلمان، وذلك رهناً بجاهزية المشروع وقدرته على تحمل التكاليف”.
ختاماً، تتناول مراجعة الإنفاق كل ما تريد الحكومة إنفاق الأموال عليه خلال السنوات الثلاث المقبلة، وكمراجعة للأرقام المتعلقة بالإنفاق والتي جرى طرحها نرى أن بريطانيا أمام تحديات كبيرة يجب أن تتغلب عليها، وأن تتجنب أن تؤثر مراجعة الإنفاق على مواطنيها وأموالهم، كما وعلى الحكومة البريطانية تحقيق التوازن بين الشمال والجنوب فيما يتعلق بالإنفاق.
اقرأ أيضاً: هل تفي بريطانيا بوعودها؟ سوناك يتعهد بزيادة الإنفاق الدفاعي وسط مخاوف من التنفيذ