يبدو أن عام 2025 أبى أن ينتهي دون مفاجأة جديدة لكرة القدم. مع اختتام الموسم لكل الدوريات العالمية، نجح فريقٌ آخر بتحقيق المعجزة وجلب المجد القاري لاسمه، فبعد باريس سان جيرمان، كريستال بالاس، بولونيا، اختتم بيراميدز المصري هذه السلسلة بتتويجه بلقب دوري أبطال أفريقيا ليكون اللقب القاري الأول له في تاريخه الرياضي الذي لا يتخطى الـ 18 عاماً.
باريس سان جيرمان نجح بتحقيق دوري أبطال أوروبا لأول مرة في تاريخه، بولونيا حقق كأس إيطاليا على حساب الميلان بعد غياب 51 عن منصات التتويج الرسمية، كريستال بالاس فاز بكأس الاتحاد الإنجليزي على حساب مانشستر سيتي ليكون أول لقب رسمي لهم في تاريخهم الرياضي، وختاماً عانق بيراميدز المجد القاري من منصة نهائي دوري أبطال أفريقيا بعد فوزه في المباراة النهائية لهذا الموسم أمام ماميلودي صان داونز الجنوب أفريقي بنتيجة 2-1، ويكون رابع فريق مصري يتوج باللقب الإفريقي القاري بعد الأهلي، الزمالك، والإسماعيلي.
هذا النجاح الذي حققه بيراميدز لم يصل على طبق سار به مسؤولو النادي فوق سجادةٍ حمراء، ولم يكن نتاج عمل موسم واحد. القصة بدأت في عام 2008، تأسس نادي “الأسيوطي سبورت” أو كما يعرف حالياً باسم “الأهرام” أو “بيراميدز” جنوب مصر في مدينة الصعيد، ليبدأ مشواره الكروي بالمنافسات في دوري الدرجة الرابعة المصرية لكرة القدم، بعدها بفترة وجيزة صعد للدرجة الثالثة ليستمر فيها لسنتين قبل أن يصعد إلى منافسات الدرجة الثانية المصري في عام 2013.
تطور النادي الأسيوطي بشكل ممتاز في موسم 2014-2015 وكان هذا الموسم هو الأول لهم في منافسات الدوري الممتاز لكرة القدم، استمر في مصافي الدوري الممتاز عامين وبعدها عاد للدرجة الثانية ليعود مرةً أخرى في موسم 2017 إلى دوري الدرجة الممتازة ليستمر من وقتها حتى هذه اللحظة في دوري الأضواء، خاصةً بعد التغييرات الادارية الكبيرة التي حلت عليه.
وصول تركي آل الشيخ: بداية ثورة التغيير!
عام 2018، أي بعد عشرِ سنوات فقط من تأسيس النادي، وصل رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه السعودية المستشار تركي آل الشيخ ليشتري النادي بشكل رسمي ويغيّر اسمه من الأسيوطي سبورت إلى نادي بيراميدز. المالك السابق للنادي كان رجل الأعمال محمود الأسيوطي، وبعد رحيله دخل بيراميدز في مرحلة التغيير الرسمية مع السعودي تركي آل الشيخ ليتم تعيين أول مجلس إدارة جديد برئاسة حسام البدري، فيما كان أحمد الحسن هو المشرف على الكرة في النادي، بعدها تولى البرازيلي ألبرتو فالنتيم تدريب الفريق في تلك الفترة.
اقرأ أيضاً: برشلونة يستهدف أفضل حراس المرمى في أوروربا: هل تتم الصفقة؟
في فترة إدارة حسام البدري، تم التعاقد مع أكثر من اسم كبير من ساحة كرة القدم مثل المصري عبدلله السعيد، البرازيلي كينو، البوركيني إيريك تراوري، السوري عمر خريبين، المصري محمد مجدي أفشة الذي أصبح لاحقاً من أبرز الأسماء مع فريق الأهلي المصري.
بداية تحقيق الألقاب وصناعة المجد
موسم 2018-2019 تمكن بيراميدز من أن يكون واحداً من الفرق التي تنافس على الدوري المصري الممتاز مع الأهلي والزمالك. وفي عام 2019، وقف بيراميدز على أعتاب المجد حين بلغ نهائي كأس مصر، لكن حلم التتويج تبخّر أمام الزمالك الذي فرض هيمنته بثلاثية نظيفة. تلك الخسارة لم تكن سوى محطة في مسيرة تحوّل جذري شهدته إدارة النادي، حيث انتقلت ملكيته من تركي آل الشيخ إلى رجل الأعمال الإماراتي سالم سعيد الشامسي، لتبدأ حقبة جديدة من الطموح والاستثمار.
على الصعيد الإداري، أولى الشامسي ثقته للكفاءات المصرية، فاختار ممدوح عيد لقيادة دفة النادي كرئيس تنفيذي، بينما تنوّعت خيارات القيادة الفنية بين مدربين عالميين، بدءاً من الفرنسي سيباستيان ديسابر مروراً بالأرجنتيني أروابارينا واليوناني تاكيس جونياس، ووصولاً إلى المصري إيهاب جلال والبرتغالي جايمي باتشيكو، قبل أن يرسي المركب أخيراً على يد الكرواتي المحنك كرونسلاف يورتشيتش Krunoslav Jurčić.
على مدار السنوات، أضحى بيراميدز ظاهرة تنافسية في الدوري المصري، حيث احتل المركز الثاني أربع مرات متتالية، كان أبرزها في موسم 2024-2025 عندما حلّ بصدارة المطاردين بفارق نقطتين فقط عن الأهلي، في منافسة أثارت جدلاً قانونياً بعد تقديم شكوى ضد الأهلي بسبب انسحابه من مباراة الزمالك، بانتظار حكم المحكمة الرياضية الدولية.
اقرأ أيضاً: مانشستر يونايتد يبحث عن بديل برونو فيرنانديش في الصيف!
لم تكن الكؤوس المحلية حكراً على منافسات الدوري، ففي أغسطس 2024، كتب بيراميدز اسمه بأحرف من ذهب في سجلات كأس مصر بعد انتصاره على زد بهدف قاتل سجّله فيستون مايلي، ليعوّض خيبات سابقة في نهائيَي 2019 و2022. أما على الصعيد القاري، فقد نال الفريق لقب دوري أبطال إفريقيا 2025 بعد مباراة أسطورية أمام صنداونز الجنوب إفريقي، حيث قلب تأخره في الذهاب إلى فوز تاريخي في القاهرة، ليكتمل مشواره من الوصافة في الكونفيدرالية 2020 إلى ذروة المجد الأفريقي.
ارتفعت قيمة النادي لتصل إلى 19.98 مليون يورو بحسب “ترانسفير ماركت“، مع صدارة إبراهيم عادل لقائمة القيم السوقية للاعبين، فيما عزّزت صفقات نوعية مثل كينو ورمضان صبحي وكارلوس إدواردو من مكانة الفريق كقوة كروية واقتصادية. هكذا، تحوّل بيراميدز من فريق وافد إلى عملاق يخطف الأضواء بخطوات ثابتة نحو القمّة.
هذا النجاح الكبير الذي كتبه نادي بيراميدز في تاريخ الكرة المصرية هو دليل فعلي وواضح أن المال بدون إدارة لا يساوي أي شيء، أما بوجود المال مع الإدارة الصحيحة يمكن لأي كيانٍ رياضيٍ كان أم غير رياضي أن يكتب النجاح ويحقق أهدافه على المدى القريب والبعيد.