يعود تاريخ لندن إلى العصر الروماني، وقد رافقت هذه المدينة العريقة مجموعة من الألقاب المختلفة، وعلى مر العصور، استغل سكان لندن هذه الألقاب كوسيلة لتمييز أنفسهم، سواء من خلال وظائفهم أو ملامحهم الجسدية أو سمات شخصياتهم الفريدة، في هذا المقال، سنغوص في عالم ألقاب مدينة لندن المثيرة للاهتمام، ونكتشف كيف تعكس هذه الألقاب تاريخ المدينة وتنوع ثقافتها.
ألقاب لمدينة لندن
منذ قديم الزمان، تحظى لندن بألقاب غربية ومثيرة، ففي عشرينيات القرن التاسع عشر، كان لقبها ون العظيم The Great Wen، وكتب ويليام كوبيت، الذي كان من أبرز المدافعين عن الريف الإنجليزي، عبارة تعكس وجهة نظره الناقدة تجاه المدن، إذ كان يرى أن المدينة تمثل “تورماً مرضياً على وجه البلاد”، وقد استخدم تعبير “ون” للإشارة إلى الكيس الدهني، وهذا من أكثر ألقاب لندن ازدراءً على الإطلاق.
ويعد الميل المربع The Square Mile لقب لندني يشير فقط إلى مدينة لندن، وتعني مدينة لندن مقاطعة تقع داخل لندن الكبرى ولديها حتى حكومتها المحلية الخاصة، اليوم، يعد الميل المربع موطناً للمؤسسات المالية وصناعة التجارة، معنى هذا اللقب اللندني واضح جداً حيث تبلغ مساحة المدينة حوالي ميل مربع واحد.
وربما يكون الدخان الكبير The Big Smoke هو أكثر ألقاب مدينة لندن شهرة، فقد كانت لندن ذات يوم مركزاً صناعياً، مع مصانع عديدة في جميع أنحاء المدينة، أدى تراكم هذه المصانع والوقود المستخدم لتدفئة المنازل السكنية إلى أن تصبح لندن مدينة مليئة بالدخان، وقد ساء الأمر للغاية في ديسمبر 1952 لدرجة أنه تسبب في ضباب لندن العظيم، والذي تسبب في عدد من الوفيات، كما أدى إلى قانون الهواء النظيف، ولهذا السبب لم تعد سماء لندن مليئة بالضباب الدخاني.
ونظراً لكل الحديث عن الضباب الدخاني في وقت سابق، فمن الواضح أن المدينة الخضراء هي لقب أحدث، وهو يعكس التزام لندن بالاستدامة والبيئة، فقد نفذت لندن مبادرات عديدة لتقليل بصمتها الكربونية وتعزيز الحياة الخضراء، بما في ذلك برنامج مشاركة الدراجات وفرض رسوم الازدحام على المركبات.
ومن ألقاب مدينة لندن المثيرة أيضاً يبرز لقب المدينة المتأرجحة The Swinging City، فقد لعبت لندن دوراً محورياً في حقبة الستينيات المتأرجحة، وهذا اللقب يشير إلى ذلك، إذ شهدت هذه الحقبة انغماس لندن في عصر الموضة والثقافة بعد الحرب، مع الموضة الممتعة والموسيقى الجذابة والإيجابية والأجواء المتوافقة.
ولقبت لندن أيضاً بمدينة الأحلام، ففي السنوات الأخيرة، أصبحت معروفة كمركز للإبداع والابتكار، خاصة في مجال الفنون، يعكس هذا اللقب قدرة المدينة على إلهام وجذب الحالمين من كل أنحاء العالم، ما يبرز وجهاً جديداً لها بعيداً عن الانتقادات السابقة.
ويعد لقب لندن تاون Londontown حديثاً نوعاً ما، وربما تكون قد صادفته في الثقافة الشعبية، على سبيل المثال، تشير أغنية Take Me Back to London التي غناها إد شيران وستورمزي إلى كلمات الأغنية “سأعود إلى لندن تاون الآن”، إنه مصطلح محبب للمدينة ويشير إلى الطبيعة الحضرية للندن مع تكريم هويتها البريطانية الفطرية.
وماذا بالنسبة للقب ريكيافيك على نهر التيمز Reykjavik-on-Thame؟، في الواقع، ليس من المعتاد أن يطلق خبراء الاقتصاد نكاتاً سخيفة عن التوقعات الاقتصادية الكئيبة التي تعيشها بلادهم، ولكن بعد الأزمة المالية في عام 2008، ربما كان الجميع يائسين في محاولة تحسين الحالة المزاجية، ومع تفاقم الأزمة، بدأ العديد من المعلقين يرون أوجه تشابه بين عدم الاستقرار الاقتصادي في أيسلندا ومستقبل بريطانيا.
وكان كلا البلدين موطناً لصناعات مالية متعثرة كانت تشكل أساس اقتصادهما، وشهدت نمواً سريعاً في السنوات السابقة، ومع انهيار النظام المصرفي في أيسلندا، الذي أدى إلى ركود اقتصادي وبطالة جماعية، كان يُنظَر إلى ريكيافيك باعتبارها تحذيراً سيئاً للندن، لم يستمر هذا اللقب بعد الانهيار، ولم يُستخدم إلا في دوائر صغيرة.
وأخيراً، من Londinium to London، غزا الرومان بريطانيا، وأنشأوا مستوطنة تجارية على الضفة الشمالية لنهر التيمز وأطلقوا عليها اسم لندنيوم، وكان ذلك حوالي عام 43 بعد الميلاد، وفي السنوات العديدة التي تلت ذلك، أُطلق على لندن كل أنواع الأسماء: لندنيو، ولونديني، ولوندينيينسيوم، وأغوستا، قبل أن يتم الاستقرار على اسم لندن.
ختاماً، لا تعد ألقاب مدينة لندن المثيرة هي المميز الوحيد للمدينة فحسب، بل إن من يعيشون هنا يتمتعون بألقاب رائعة أيضاً، ستجد أن من يقيمون في لندن يُعرفون في المملكة المتحدة باسم “Londoners”، واللقب الآخر الذي كان يُطلق على سكان لندن تاريخياً هو “Cockneys”، بسبب لغة كوكني العامية، واليوم يرتبط هذا اللقب بشكل أكبر بسكان شرق لندن.