إصلاحات جذرية في قوانين الهجرة إلى بريطانيا.. وحزب العمال يكشف التفاصيل!
تابعونا على:

أخبار لندن

إصلاحات جذرية في قوانين الهجرة إلى بريطانيا.. وحزب العمال يكشف التفاصيل!

نشر

في

1٬442 مشاهدة

إصلاحات جذرية في قوانين الهجرة إلى بريطانيا.. وحزب العمال يكشف التفاصيل!

تستعد حكومة حزب العمال البريطاني برئاسة كير ستارمر (Keir Starmer) لإصدار مجموعة من الإجراءات الجديدة التي تهدف إلى تشديد قوانين الهجرة في المملكة المتحدة.

ومن المتوقع أن يتم الكشف عن هذه الإجراءات في “الكتاب الأبيض” (White Paper) المقرر الإعلان عنه الأسبوع المقبل، حيث ستمهد محتوياته لتغييرات واسعة النطاق في سياسة الهجرة، تشمل شروطاً أكثر صرامة على المهاجرين وطالبي تأشيرات العمل.

رفع معايير اللغة الإنجليزية: بوابة الاندماج أم حاجز جديد؟

يعد رفع مستوى اللغة الإنجليزية المطلوب من أبرز التعديلات المنتظرة للمهاجرين الذين يرغبون في العمل في المملكة المتحدة، وسيتعين على المتقدمين إثبات قدرتهم على التحدث باللغة الإنجليزية بمستوى يعادل شهادة “أي- ليفل” (A-Level) أو ما يعرف بالشهادة الثانوية العليا، وهو مستوى أعلى بكثير من الشهادة الحالية التي تعادل شهادة الصف الحادي عشر أو ما يعرف في المدارس البريطانية بشهادة “جي سي إس إي” (GCSE).

وترى الحكومة البريطانية أن المستوى القائم حالياً منخفض للغاية ولا يسمح بالاندماج الكامل للمهاجرين في المجتمع البريطاني.

ويتطلب المستوى الجديد من المتقدمين إثبات قدرتهم على التعبير عن أنفسهم بطلاقة وعفوية، والكتابة حول مواضيع معقدة باللغة الإنجليزية دون الحاجة المستمرة للبحث عن الكلمات.

قيود على الروابط العائلية والتأشيرات:

في سياق متصل، تشير التقارير إلى أن “الكتاب الأبيض” سيتضمن خططاً لتقليص الروابط العائلية كمبرر للبقاء في المملكة المتحدة.

ويرى مصدر حكومي رفيع، أن المحامين يستغلون المادة الثامنة للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان للادعاء بأن من حق الأشخاص البقاء في المملكة المتحدة استناداً إلى حقهم في الحياة العائلية.

وتعتزم الحكومة تغيير القانون لإعطاء الأولوية لما تراه سيادة برلمانها، كما من المرتقب فرض قيود إضافية على قدرة الطلاب والعمال على جلب أفراد من عائلاتهم إلى المملكة المتحدة، بالإضافة إلى إمكانية وضع ضوابط على أفراد العائلات المهاجرة بشكل عام.

وعلاوة على ذلك، قد يتم تقييد طلبات التأشيرة من بعض الجنسيات التي يعتقد أن حامليها هم “الأكثر احتمالاً لتجاوز مدة الإقامة القانونية الممنوحة لهم، ثم يتقدمون بطلب لجوء في المملكة المتحدة”.

وتوضح المصادر أن هذه الإجراءات تأتي في أعقاب مخاوف من أن العديد من الأشخاص الذين يأتون إلى المملكة المتحدة بتأشيرات عمل أو دراسة يتقدمون لاحقاً بطلبات لجوء، مما يشكل عبئاً مالياً كبيراً على دافعي الضرائب.

وتصف وزيرة الداخلية إيفيت كوبر (Yvette Cooper) نظام الهجرة الحالي بأنه “مضطرب”، وتؤكد أن الورقة البيضاء تهدف إلى “إعادة النظام إليه”.

اقرأ أيضاً: الهجرة تعود إلى قمة الأجندة السياسية وتعرقل خطط القادة البريطانيين

مسار الإقامة الدائمة: تمديد فترة الانتظار وتحديات جديدة

من التعديلات الهامة الأخرى التي ينظر فيها تمديد فترة الانتظار للحصول على الإقامة الدائمة في المملكة المتحدة.

وتشير المصادر إلى أن الإصلاحات المرتقبة قد تفرض على المهاجرين الذين يمتلكون تأشيرات عمل الانتظار لمدة تصل إلى عشر سنوات قبل التقدم بطلب للحصول على الإقامة الدائمة، بدلاً من المدة الحالية البالغة خمس سنوات لمعظم الحاصلين على تأشيرات عمل محددة المدة، خاصة أصحاب المهارات.

وتوضح المصادر أن تمديد فترة الانتظار إلى عشر سنوات قد يطبق بشكل خاص على من يقضون فترات طويلة خارج البلاد أو على من تدور حولهم تساؤلات مالية.

وهذه التغييرات ستؤدي بلا شك إلى وضع مزيد من الضغوط على المهاجرين وتعزيز حالة من عدم اليقين لديهم.

أرقام الهجرة القياسية والضغوط السياسية: دوافع التغيير

لا تأتي هذه التعديلات المقترحة من فراغ، بل في وقت تواجه فيه المملكة المتحدة مستويات هجرة صافية قياسية، حيث بلغ عدد المهاجرين الجدد في عام 2023 أكثر من 900 ألف شخص.

ورغم أن الحكومة قد طبقت إجراءات سابقة أدت إلى انخفاض في بعض الأعداد، إلا أن التوقعات تشير إلى أن الهجرة الصافية ستظل عند حوالي 340 ألف شخص في الأجل المتوسط، وهي نسبة تتجاوز المعدلات التاريخية بشكل ملحوظ.

ويركز المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني على “خفض الأرقام القياسية” التي خلفتها الحكومة السابقة (حكومة المحافظين) ومعالجة أسبابها الجذرية.

وعلاوة على ذلك، تأتي هذه الإجراءات في وقت يشهد فيه حزب الإصلاح بقيادة نايجل فاراج (Nigel Farage)، المعارض الشرس للهجرة، تزايداً في شعبيته.

فبعد فوزه في الانتخابات المحلية الأخيرة، أبرزها الفوز بمقعد منطقة رانكورن وهيلسبي (Runcorn and Helsby) في الأول من أيار/مايو الجاري، والذي انتزعه من حزب العمال، باتت قضايا الهجرة أحد المرتكزات الأساسية لاجتذاب الناخبين.

وقد اعترف بات مكفادين (Pat McFadden)، وزير دوقية لانكستر ( Lancaster)، بأن حزب العمال يواجه “معركة تمتد لأجيال” ضد “سياسة قومية يمينية”.

وينظر إلى الكتاب الأبيض على أنه فرصة لحزب العمال لإظهار جديته في خفض مستويات الهجرة ومواجهة منافسيه.

اقرأ أيضاً: لأول مرة في حملته الانتخابية: زعيم حزب العمال يتعهد بتقليص الهجرة إلى بريطانيا

رؤية جديدة لنظام الهجرة

في إطار خطتها للتغيير، تؤكد الحكومة البريطانية أن “كتاب الهجرة الأبيض” سيعرض خطة شاملة لإعادة تنظيم نظام الهجرة المضطرب من خلال ربط الهجرة بالمهارات التخصصية ونظام التأشيرات.

ويهدف هذا الربط إلى تنمية القوى العاملة المحلية، وإنهاء الاعتماد على العمالة الأجنبية، وتعزيز النمو الاقتصادي على المدى الطويل.

كما يتوقع أن يرتبط وصول العمال المهاجرين بمسؤوليات أصحاب العمل في تدريب العمال المحليين، مما يعكس توجهاً نحو إعطاء الأولوية للسوق المحلي.

 توازن صعب وتحديات تنتظر التنفيذ

يمثل “الكتاب الأبيض” المرتقب من حكومة حزب العمال البريطاني نقطة تحول محتملة في سياسة الهجرة بالمملكة المتحدة.

هذه الإصلاحات المقترحة، التي تتماشى مع مطالب بعض الأحزاب اليمينية وتعكس استجابة للضغوط السياسية والشعبية المتعلقة بأرقام الهجرة، تعد بمثابة اختبار جاد لقدرة الحكومة على تحقيق التوازن بين الوفاء بوعودها الانتخابية بخفض الهجرة وبين الالتزام بالمسؤوليات الإنسانية والاحتياجات الاقتصادية للبلاد.

إنها خطة طموحة تهدف إلى إعادة تشكيل نظام الهجرة، ولكن تنفيذها سيواجه بلا شك تحديات كبيرة، وسيكون تأثيرها على حياة المهاجرين والمجتمع البريطاني ككل موضع ترقب واسع.

X