تستعد الشركات البريطانية لإنفاق 10.5 مليار جنيه إسترليني، أي ما يعادل نحو 13.38 مليار دولار أمريكي، على إعلانات عيد الميلاد القادم، وهو مبلغ قياسي يعكس استمرار الإعلانات التلفزيونية المرتبطة بعيد الميلاد كأحد أبرز تقاليد الاحتفال في المملكة المتحدة.
وتستثمر الشركات البريطانية المليارات لجعل عيد الميلاد فرصة لتعزيز حضورها في السوق وترسيخ علاماتها التجارية، مع توقعات بالتركيز المتزايد على الإعلانات الرقمية، وبذل جهود مضاعفة لإيصال الرسائل الإعلانية التي تجمع بين الجوانب الترفيهية والرسائل الاجتماعية، وتعزز ولاء المستهلكين وتزيد المبيعات وتضاعف قوة العلامة التجارية.
دراسة أجرتها شركة كانتار أظهرت أن أكثر من نصف البريطانيين ينتظرون بفارغ الصبر إعلانات عيد الميلاد ، وأن 60 % من الجمهور البريطاني يرى أن هذه الإعلانات تضفي البهجة والمرح على حياتهم، وكما أكدت الدراسة أن إعلانات عيد الميلاد تؤثر بشكل كبير في قرارات الشراء في حال تم تقديمها بشكل جذاب.
من ناحية أخرى يرى ثلثا البريطانيين أن إطلاق إعلانات عيد الميلاد في وقت مبكر يفقدها بعضاً من سحرها وتأثيرها الجذاب، رغم أن هذه الإعلانات لم تعد تقتصر على الشاشات الصغيرة، بل تجاوزتها لتحتل المنصات الرقمية بشكل كبير، الأمر الذي يعكس تغيراً ملحوظاً في طرق استهداف المستهلكين في ظل التطور التكنولوجي الذي يشهده عصرنا الحالي.
ومن أبرز الحملات الإعلانية التي تم إطلاقها هذا العام، إعلان سلسلة متاجر تيسكو الذي يمتد على ثلاث دقائق، ويتضمن شخصية حزينة تقوم بتحويل المدينة والمارة إلى مجسمات تشبه خبز الزنجبيل وذلك بعد قضمهم قطعة واحدة من هذا الخبز، مع تأكيدها على أنها ستتبرع بجزء من مبيعات خبز الزنجبيل للجمعيات الخيرية، علماً أن سلسلة المتاجر الرائدة في بريطانيا (تيسكو) حققت العام الماضي خلال فترة 19 أسبوعا قبل بداية يناير مبيعات قياسية بلغت 16.8 مليار جنيه إسترليني.
أما سلسلة متاجر “ألدي” الألمانية، التي تميزت بانخفاض أسعار منتجاتها في الوقت الذي تعاني فيه بريطانيا من أزمة في القوة الشرائية للمواطن، فقد أطلقت إعلانات تظهر شخصية بالرسوم المتحركة على شكل جزرة تدعى “كيفن”، وهي شخصية معروفة لدى مشاهدي التلفزيون البريطاني، تعمل على إنقاذ روح عيد الميلاد بعدما استحوذت عليها حلوى شريرة.
كما ينتظر البريطانيون إعلان سلسلة “ماركس آند سبنسر”، الذي يظهر جنية تساعد فتاة على إنقاذ احتفالات الميلاد، وإعلان “جون لويس”، الذي يعرض رحلة بحث عن هدية مثالية تسترجع الذكريات، وتشير التقارير الصحفية إلى أن جون لويس أنفقت هذا العام 7 ملايين جنيه إسترليني على حملتها الإعلانية هذه.
في المقابل، ومع الإقبال الكبير على إعلانات عيد الميلاد ، واجهت بعض الحملات الإعلانية انتقادات واسعة، ولعل أكثر من تعرض لهذه الانتقادات إعلان شركة كوكا كولا للمنتجات الغذائية الذي اعتمد بالكامل على صور تم إنشاؤها بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي، وهو ما أثار مخاوف لدى المتلقين لجهة فقدان العنصر البشري بشكل كامل في المحتوى الإبداعي.
تقاليد عمرها عشرات السنين، مازال البريطانيون يحيونها خلال أعياد الميلاد، وفي مقدمتها إحياء يوم الملاكمة، وهو عطلة رسمية في اليوم التالي لعيد الميلاد، يستغلها البريطانيون للسفر وزيارة أقاربهم، وصنع بودنغ يتم تقديمه عشية عيد الميلاد، يصنع من الزبيب والكشمش والخوخ والنبيذ والتوابل، ويتم وضع عملة فضية داخله، يقال إنها تجلب الحظ للشخص الذي يجدها.
ومن الأطباق التقليدية الحاضرة في هذه المناسبة الديك الرومي الذي يجب أن يكون حاضراً على موائد البريطانيين في هذه المناسبة، إضافة لفطائر اللحم المفروم، وهي معجنات صغيرة مليئة بالكشمش والفواكه المجففة مع الأعشاب والتوابل،
ولا ينسى البريطانيون تبادل الهدايا مع أقاربهم وأصدقائهم في هذه المناسبة، من خلال سحب ديكورات الطاولة الاحتفالية للكشف عن هدية صغيرة مخبأة داخلها، كما يميل قسم كبير منهم للذهاب لحضور البانتو، وهو عرض كوميدي موسيقي يعتمد على مزج القصص الخيالية أو الخرافات المعروفة بالمراجع الثقافية الشعبية.
وأخيراً لا يمكن إلا أن نذكر تقليد ملء صناديق الأحذية بالتبرعات الخيرية، والذي تعود جذوره لعام 1990 عندما قرر رجل في ويلز حث الناس على التبرع بالمال لدور الأيتام، من خلال ملء صناديق الأحذية بالألعاب والهدايا للأطفال اليتامى، إضافة لتقليد تعليق الأطفال للجوارب عشية عيد الميلاد على المدافئ حتى يتمكن القديس نيكولاس (المعروف باسم سانتا كلوز أو عيد الميلاد الأب) من ملء جواربهم بالهدايا.