مشاهد يومية تصورها الأخبار المرتبطة بتحركات حزب العمال القانونية، والتي يبدو أنها ترزح تحت تركة ثقيلة خلفتها حكومة المحافظين السابقة، ما جعلها تجتهد في اجتراح حلول قد لا تلجأ إليها دول عظمى أقل ما يقال عنها إنها من بين الدول ذات الملاءة المالية، الأمر الذي ترك المملكة المتحدة في مواجهة مع إحدى الأمهات، التي وجهت اتهامات للحكومة البريطانية بانتهاك حقوق الإنسان.
بدأت القصة مع إعلان الحكومة أنها ستفرض ضريبة القيمة المضافة على الرسوم الدراسية في المدارس الخاصة، بحجة تحقيق وفر مالي يسهم في توسيع الكادر التعليمي في المدارس العامة، ويسد بعض الاحتياجات في القطاع التعليمي العام، لتقع اليافعة أديسون وهي من ذوي الاحتياجات الخاصة تحت رحمة هذا القرار، بسبب عدم استطاعة والدتها الاستمرار في تحمل أعباء تدريسها بعد القرار الأخير.
ونتيجة لذلك اختارت الأم أن تواجه الحكومة وترفع دعوة بحقها، متهمة إياها بانتهاك حقوق الإنسان، مع الإعلان عن فرض ضريبة القيمة المضافة على الرسوم المدرسية، ووجدت الأم “أليكسيس كوين” (Alexis Quinn) أن الحل المتبقي أمامها بعد إعلان عجزها عن دفع الرسوم المدرسية الجديدة للعام الدراسي القادم، يكمن في مقاضاة الحكومة.
وفي ذات السياق لكن من وجهة نظر حكومة حزب العمال، عملت الأخيرة على إلغاء الإعفاء القائم على ضريبة القيمة المضافة (VAT) المترتب على الرسوم الدراسية في المدارس الخاصة، اعتباراً من يناير المقبل، في إطار ما أعلنت عنه كخطة تمويلية لـ 6500 مدرس جديد في المدارس الحكومية.
من جانب آخر وجدت الأم المدعية أليكسيس كوين نفسها في مأزق كبير بعد رفض المجلس المحلي في منطقتها، منح الرعاية الصحية والتعليمية (EHCP) لابنتها أديسون، لتجد نفسها منعزلة تماماً عن أي نوع من أنواع الدعم الحكومي، وقائمة بحمل ثقيل لا يمكنها مواجهته وحدها، وشبهت فقدان ابنتها خطة التعليم والرعاية الصحية بوقوعها ما بين المطرقة والسندان.
وتحدثت والدة الطفلة أديسون عن معاناة ابنتها في المدارس الحكومية، وقالت أنها كانت تبكي كل صباح، بسبب إحساسها بالضيق في المدرسة العامة، وذلك بسبب إصابتها بمرض التوحد وهو ما يستدعي رعاية صحية خاصة، موضحة أنها لجأت إلى خيار المدارس الخاصة عندما وصلت إلى مرحلة اليأس مع ابنتها، مؤكدة أنها ترسل ابنتها إلى المدرسة الخاصة التي تبعد ساعة عن المنزل حتى تتمكن من تلقي التعليم الأفضل، في وقت قد توفر المال في المدرسة الحكومية على حساب مصلحة ابنتها.
واستعرضت السيدة كوين معاناتها بالقول، إنها تعيش في منزل والديها، ومع إضافة الضريبة الحالي أصبح المبلغ كبير جداً وهو التزام مالي ضخم لا يمكنها تأديته، فليس من السهولة وضع ابنتها في المدرسة الخاصة، ولكن الخيار الأصعب تركها في المدارس الحكومية، لأنها لن تتلقى الرعاية التي تحتاجها.
وتشير الأرقام إلى أنه من بين 111 ألف طالب من ذوي الاحتياجات الخاصة وذوي الهمم متواجدون في المدارس البريطانية الخاصة، أقل من 8 آلاف منهم فقط يتلقون الدعم الخاص بالتعليم والرعاية الصحية، وهو رقم محبط للغاية يترك هؤلاء الأطفال مع أهاليهم لمواجهة مصيرهم بمفردهم.
وأجابت اليافعة أديسون وهي موضع الخلاف والقضية عند سؤال الصحفي لها عن مدرستها الحكومية السابقة، قالت بأنها كانت دائمة التشتت، وتنزعج دوماً من الصراخ والأصوات المرتفعة، مشيرة إلى حالة الرغبة بالتسبب في الإزعاج منتشرة بين الطلبة، وأنها كانت تشعر بالضيق عندما يبدأ جميع الطلبة بالتحدث، وكانت تجد صعوبة في الحصص الدراسية كافة، بدءاً باللغة الإنكليزية وليس انتهاءاً عند الرياضيات، فكانت تجد الصعوبة في كافة المواد.
ودافعت الأم عن ابنتها بالقول، إنه لا يجب الطلب من الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة الاختيار بين عدم التعليم والمدرسة الحكومية، في إشارة إلى قرار الحكومة الأخير، مؤكدة أن فشل الطلبة أو إصابتهم بصدمة نفسية جراء الالتحاق بالمدرسة الحكومة هو الاحتمال الأكثر ترجيحاً وينبغي على الحكومة أن تتصرف، دون أن تكون الحلول على حساب الأطفال وأهاليهم.
ومن الجدير بالذكر أن المدارس الحكومة في المملكة المتحدة عانت مؤخراً من نقص حاد في الموارد، إلى جانب وصول بعضها إلى مرحلة العجر، الأمر الذي فرض على الحكومة أولوية ملحة بتمويل قطاع التعليم العام، فاتجهت الحكومة إلى البحث عن التمويل بشتى الطرق والوسائل، ومن بينها القرار الأخير المتعلق بضريبة القيمة المضافة، الأمر الذي وجده المعنيون والمراقبون على حد سواء أمراً معيباً، ودفع والدة أليكسي لتوجيه اتهامات للحكومة البريطانية بانتهاك حقوق الإنسان.