يواجه سوق العمل في بريطانيا ضغوطاً غير مسبوقة ونقصاً حاداً في الأيدي العاملة، حيث وصل إلى مستوى يعاني فيه من نقص العمال، مما أثر على ملايين الوظائف وأثار مخاوف الشركات من تضرر عجلة الإنتاج في البلاد على المدى القريب والبعيد أيضاً.
كما تمارس الشركات الكبرى ضغوط على الحكومة من أجل إقرار خطط لتسهيل هجرة اليد العاملة إلى بريطانيا، وتخفيف القيود التي فرضتها على الهجرة، وإلا فإن عدداً من الوظائف لن تجد يداً عاملة للقيام بها.
تحذيرات ومخاوف من تفاقم أزمة نقص العمالة
حذر مكتب الإحصاء الوطني البريطاني من اشتداد حدة أزمة نقص قوة العمل في بريطانيا خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، بسبب تغيير التركيبة السكانية في البلاد وزيادة عدد غير الراغبين في العمل.
ويظهر تقرير المكتب الإحصاء الوطني أنه بحلول عام 2026 سيزيد عدد غير الراغبين في العمل في بريطانيا بمقدار 726 ألف شخص، في الفئة العمرية من 16 إلى 64 عاماً، مقارنة بمستويات ما قبل جائحة كورونا.
إن هذه الأرقام تثير المخاوف من النقص الشديد في العمالة، ما سيدفع أصحاب العمل إلى زيادة الأجور، بالتالي استمرار ارتفاع معدل التضخم.
وأوضح تحليل مكتب الإحصاء أن أكثر نصف الزيادة في عدد غير الراغبين في العمل يعود إلى أسباب ديموجرافية، وأن الجزء الأكبر من هذا العدد في الفئة السنية من 60 إلى 64 عاما، الذين يميلون عادة إلى التقاعد المبكر، كما أن هناك زيادة في عدد تلاميذ المدارس من عمر 16 و17 عاماً.
الانخفاض في عدد العمال الكبار في السن عامل رئيسي وراء نقص العمالة
حث وزير المالية البريطاني، جيريمي هانت، على إدراج تدابير في ميزانية هذا الشهر لتشجيع عودة المزيد ممن تجاوزوا الخمسين من العمر في سوق العمل خاصة بعد أن حددت وزارة الخزانة وبنك إنجلترا الانخفاض في عدد كبار السن من العمال كعامل رئيسي وراء نقص العمالة.
وقال معهد الدراسات المالية فى المملكة المتحدة: “إن أزمة تكاليف المعيشة كانت السبب وراء دفع الأشخاص فى الخمسينيات والستينيات من العمر خاصة بين 50 و 64 لإعادة التفكير في قرارهم بالتقاعد المبكر بعد أن أصبحوا أكثر فقراً بسبب ارتفاع معدلات التضخم لمستويات قياسية”.
وأضاف المعهد: “كانت معظم الزيادة في الخمول بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 50 و 64 عاماً، توفر البيانات الجديدة مؤشرات أولية على أن الاتجاه قد يتحول – على الرغم من أنه من السابق لأوانه القول على وجه اليقين – من المحتمل أن يعكس الضغوط المالية من أزمة تكلفة المعيشة “.
الشركات البريطانية تتمسك بعمالها
وبحسب ما كشف أحدث تقريرعن قوة العمل في بريطانيا، فإنه منذ فبراير 2020 ارتفع عدد البريطانيين في سن العمل، الذين لا يعملون أو لا يبحثون عن عمل بمقدار 520 ألف شخص.
أدى هذا التوجه إلى معاناة الشركات من أجل الاحتفاظ بعمالها أو الحصول على احتياجاتها من العمالة، وهو ما دفع بنك إنجلترا المركزي إلى خفض تقديراته لنمو الاقتصاد البريطاني على المدى الطويل إلى 0.7% سنوياً، مقابل %2.7 قبل تفجر الأزمة المالية العالمية 2008.
ومن المتوقع، أن تعلن الحكومة البريطانية سلسلة إجراءات تستهدف إعادة المنسحبين من سوق العمل إلى السوق.