أطلقت السعودية “استراتيجية وطنية للاستثمار” تستهدف رفع صافي تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى 388 مليار ريال (103.45 مليار دولار) سنوياً، بالإضافة إلى زيادة نظيرتها المحلية إلى 1.7 تريليون ريال سنوياً (453.6 مليار دولار) بحلول عام 2030. ويقول عنها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، “إنها مرحلة استثمارية جديدة تقوم على نجاحنا في زيادة عدد وجودة الفرص للمستثمرين السعوديين والدوليين”.
ويرى ولي العهد، “أن بلاده تمتلك قدرات استثمارية ضخمة نظير موقعها الاستراتيجي تسعى من خلالها إلى تمكين القطاع الخاص، وتوفر له فرصاً ضخمة”. ويؤكد أنه “لا شك أن الاستثمار إحدى الوسائل التي ستساعدنا على تحقيق طموحات وتطلعات رؤية السعودية 2030، بما في ذلك تنمية وتنويع الاقتصاد واستدامته، ونقل وتوطين التقنية، وتطوير البنية التحتية، وتحسين جودة الحياة، وتوفير فرص العمل، وصقل مهارات ثرواتنا البشرية وتعزيز قدراتها، لنترك إرثاً من الازدهار لأجيال الغد”.
المنافسة في مؤشر التنافسية العالمي
ستسهم الاستراتيجية الوطنية للاستثمار كما تخطط لها البلاد في نمو الاقتصاد الوطني وتنويع مصادره، الأمر الذي سيحقق العديد من أهداف رؤية السعودية 2030، بما في ذلك رفع إسهام القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي إلى 65 في المئة، وتعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر ليصل إلى 5.7 في المئة، وزيادة نسبة الصادرات غير النفطية من 16 إلى 50 في المئة من إجمالي الناتج غير النفطي، بالإضافة إلى تخفيض معدل البطالة إلى سبعة في المئة. الأمر الذي سيسهم في استحواذ البلاد على أحد المراكز العشرة الأوائل في مؤشر التنافسية العالمي بحلول عام 2030.
يؤكد الأمير السعودي، “أن الاستراتيجية الوطنية للاستثمار تشمل تطوير خطط تفصيلية لعدة قطاعات، منها الصناعة، والطاقة المتجددة، والنقل والخدمات اللوجيستية، والسياحة، والبنية التحتية الرقمية، والرعاية الصحية”.
10 تريليونات ريال من الإنفاق الحكومي
وأشار ولي العهد إلى “أن بلاده ستضخ استثمارات تفوق 12 تريليون ريال ( أي ما يعادل 3 ترليونات دولار )في الاقتصاد المحلي حتى عام 2030 على أن تكون خمسة تريليونات ريال (1.3 تريليون دولار) من مبادرات ومشاريع برنامج شريك، وثلاثة تريليونات ريال ( نحو 800 مليار دولار) من صندوق الاستثمارات العامة مخصصة للاستثمارات المحلية، وأربعة تريليونات ريال (مايزيد على ترليون دولار) من استثمارات الشركات الوطنية والعالمية المتنوعة، تحت مظلة الاستراتيجية الوطنية للاستثمار”. كما سيحظى الاقتصاد بضخ نحو عشرة تريليونات ريال ( نحو 2.6 ترليون دولار) أخرى من الإنفاق الحكومي من خلال الميزانية العامة للدولة خلال السنوات العشر المقبلة، وخمسة تريليونات ريال أخرى من الإنفاق الاستهلاكي الخاص للفترة ذاتها، ليشكل إجمالي هذا الإنفاق ما يقارب 27 تريليون ريال حتى عام 2030 (أي ما يعادل سبعة تريليونات دولار).
وترى الدولة الثرية بالنفط أن خطتها الاستثمارية ستسهم في نمو الاقتصاد السعودي ليصبح من أكبر 15 اقتصاداً على مستوى العالم من خلال “رفع صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 388 مليار ريال سنوياً (103.45 مليار دولار) )، وزيادة الاستثمار المحلي ليصل إلى نحو 1.7 تريليون ريال سنوياً (453.6 مليار دولار) بحلول عام 2030. وبتحقيق هذه المستهدفات، من المتوقع ارتفاع نسبة الاستثمار إلى الناتج المحلي الإجمالي للسعودية من 22 في المئة في 2019 إلى 30 في المئة خلال 2030”.
“استثمر في السعودية”
وحسب البيان الحكومي، “ستدفع هذه الاستراتيجية بالاستثمار في السعودية إلى الأمام بوتيرة أعلى وخطى أسرع من خلال تحسين بيئة الاستثمار، وزيادة جاذبيتها وتنافسيتها، وتنفيذ إجراءات تصحيحية جوهرية على مستوى الإطارين التنظيمي والتشريعي، وحصر وتطوير الفرص الاستثمارية وعرضها على المستثمرين، وتوفير حزم من الحوافز للمشروعات الاستثمارية النوعية”. إضافة إلى جذب المقار الإقليمية للشركات العالمية إلى السعودية، مع دعم استثمارات وأعمال الشركات الوطنية لتعزيز مكانتها الدولية، وتمكينها من إيصال وترسيخ استثماراتها ومنتجاتها وخدماتها في الأسواق الإقليمية والعالمية، بكفاءة وتنافسية عالية.
وتنضم الاستراتيجية السعودية الهادفة إلى جلب الملايين لخزينة الدولة إلى برامج سابقة أعلن عنها، بينها الرؤية، التي يمثل الاستثمار جزءاً أساساً فيها، وصندوق الاستثمارات العامة، وتطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجيستية، والتخصيص، وتطوير القطاع المالي، وجودة الحياة، بالإضافة إلى الاستراتيجيات الوطنية الأخرى.
وتشمل الاستراتيجية الوطنية للاستثمار التي تسعى لتطوير منصة “استثمر في السعودية” إلى وضع حوكمة شاملة للإشراف على تنفيذها، من خلال اللجنة الوطنية العليا للاستثمار التي يرأسها ولي العهد، وبحسب “واس” فإن “الاستراتيجية تشمل عدداً من المبادرات، منها إنشاء مناطق اقتصادية خاصة بتنظيمات تنافسية وحوافز جاذبة للاستثمارات في القطاعات ذات الأولوية، وبرنامج لنقل سلاسل الإمداد الاستراتيجية إلى السعودية، والاستحواذ على حصة من السوق في مكونات سلاسل الإمداد، ومبادرات للتمويل تشمل تطوير حلول جديدة للقطاع الخاص لتعزيز رأس المال”.
استثمارات تصل إلى تريليون ريال
من جانبه، يرى وزير الاستثمار السعودي، خالد الفالح، “أن الاستراتيجية الجديدة ستجعل من الرياض وجهة مستدامة ومقصداً للشركات الكبرى”، ويضيف، “الكثير من الإنجازات الاستثمارية تحققت منذ إطلاق رؤية السعودية 2030 التي تهدف إلى تنمية وتنويع الموارد الاقتصادية، وبذلك ستسهم الاستراتيجية الوطنية في تنمية استثمارات تصل إلى أكثر من تريليون ريال بنهاية عام 2030 تحت مظلة الاستراتيجية”.
في السياق ذاته، أعلنت الحكومة السعودية في فبراير (شباط) الماضي أنها ستتوقف عن توقيع عقود مع الشركات الأجنبية التي لا يكون لها مقر إقليمي في البلاد بعد عام 2023. وسيبدأ سريان هذا القرار بحسب الوكالة الرسمية للبلاد (واس)، في يناير (كانون الثاني) 2024 وتهدف من خلاله السعودية، “إلى تشجيع الشركات الأجنبية على وجود دائم لها، الأمر الذي سيساعد في خلق مزيد من الوظائف”. وكانت 24 شركة، بينها “بيبسيكو” و”تيم هورتونز”، أعلنت نيتها فتح مكاتب إقليمية في السعودية.