حذرت السلطات البريطانية من شكل جديد من الاحتيال الإلكتروني في بريطانيا يتمحور حول استغلال تقنيات الذكاء الاصطناعي، لإنشاء هويات وهمية لخداع الذين يستخدمون تطبيقات المواعدة بحثاً عن الحب، وسلب مدخراتهم، حيث يستخدم بعض المحتالين صوراً ومقاطع فيديو مزيفة تظهر فيها شخصيات خيالية في قصص محكمة التفاصيل، وهو ما يسبب الإيقاع بالضحايا قبل أن يكتشفوا ملابسات الجريمة.
سيدة ستينية بريطانية تعمل مقدمة رعاية شرق إنجلترا، تعرفت من خلال تطبيق تيندر على شخص يدعي أنه أرمل ستيني يعمل عقيداً في الجيش الأميركي، ويستعد للتقاعد بعد مهمة أخيرة يقوم بها في كوبا، زاعماً أنه يسعى لبدء حياة عاطفية جديدة بعد وفاة زوجته، وأرسل للسيدة رسائل مفعمة بالمشاعر والآمال، ومقاطع فيديو تظهره لابساً الزي العسكري الأمريكي.
وبحسب صحيفة ذا تايمز البريطانية أنشأ المحتال هذه المواد معتمداً على تقنيات الذكاء الاصطناعي المتطورة، الأمر الذي أعطى قصته الوهمية مصداقية كبيرة، ومع تطور العلاقة بينه وبين السيدة، أرسل لها مجموعة من الهدايا الصغيرة تعبيراً عن صدق مشاعره، ليستغل لاحقاً تعلقها به وانجذابها إليه، ويطلب منها مساعدته بتسديد رسوم مالية غير قادر على تسديدها كاملة لاستلام حقيبة عسكرية تحتوي 607 آلاف جنيه إسترليني.
السيدة مدفوعة بمشاعرها التي تولدت تجاه المحتال، وافقت على مساعدته وأرسلت إليه 25 ألف جنيه إسترليني على دفعات، فكانت الصدمة الكبيرة حينما فتحت الحقيبة التي وصلتها ووجدتها مليئة بأوراق فارغة، لتتأكد حينها أنها وقعت ضحية لأحد أشكال الاحتيال الإلكتروني في بريطانيا .
صحيفة نيويورك بوست نقلت عن المسؤول الكبير في المركز الوطني لمكافحة الاحتيال ببريطانيا مارتن ريتشاردسون، تأكيده أن هذا النوع من الحيل متزايدة الانتشار يعكس مراحل متطورة باستخدام الذكاء الاصطناعي لخداع الضحايا، وهو ما خلق لدى صناع التكنولوجيا مسؤولية أخلاقية بتطوير أدوات دفاعية ضد مثل هذه الجرائم التي تستخدم الذكاء الاصطناعي بمختلف أشكاله.
وفي بيان نشرته السفارة الأميركية في المملكة المتحدة، حذرت من محتالين ينتحلون صفة جنود أميركيين لاستغلال الضحايا على الصعيدين العاطفي والمالي، داعية المؤسسات المالية والتكنولوجية لبذل المزيد من الجهود والمبادرات لزيادة الوعي حول مخاطر الجرائم السيبرانية، وتطوير وسائل التصدي لها.
ويشكل الاحتيال الإلكتروني في بريطانيا 40% من الجرائم المسجلة، ليكون بذلك الجريمة الأكثر شيوعاً في المملكة المتحدة اليوم، وتشير التقديرات إلى أن جرائم الاحتيال الإلكتروني تكلف بريطانيا ما يزيد على 200 مليار جنيه استرليني سنوياً، مع تأكيد السلطات البريطانية بأن القسم الأكبر من هذه الجرائم يتم تنفيذها خارج الحدود، دون استبعاد تورط جهات حكومية أو حكومات أجنبية على خصومة مع الدولة البريطانية وسياساتها الخارجية.
هيئة التمويل البريطانية تؤكد أن 90 % من عمليات الاحتيال التي يتعرض لها الأفراد تنتمي للنوع غير المصرح به، 58 % منها تتم عبر سرقة بطاقة البنك وبيانات الحسابات المصرفية، في حين تتم 42 % من عمليات الاحتيال عبر الاتصال المباشر بالضحايا.
وفي محاولة للحد من جرائم الاحتيال الإلكتروني في بريطانيا أصدرت السلطات البريطانية قانون سلامة الإنترنت، الذي يفرض على مواقع التواصل إزالة المحتوى غير الشرعي من منصاتها مع التشديد على حماية الأولاد من المحتوى الذي يسبب ضرراً لهم.
وفي وقت سابق خلال العام الجاري أغلقت السلطات البريطانية منصة رشن كومس الإلكترونية، التي تم استخدامها للاحتيال على مئات آلاف الأشخاص حول العالم، عبر الاتصال بالأفراد لإقناعهم بنقل أموالهم من حساباتهم البنكية إلى أماكن أخرى، وهو مما تسبب بخسارة أكثر من 170 ألف شخص لعشرات ملايين الجنيهات في المملكة المتحدة.
وطورت شركة اتصالات بريطانية، نموذج ذكاء اصطناعي جديد معروف بديزى، يهدف لإبقاء المحتالين على الهاتف لأطول فترة ممكنة، بهدف إضاعة وقتهم وحماية الأشخاص الحقيقيين من الوقوع ضحية الاحتيال، كما تعمل الشركة شهرياً على حجب ملايين المكالمات والرسائل النصية الاحتيالية، وتشجيع الناس على الإبلاغ عن الأنشطة المشبوهة من خلال إعادة توجيه الرسائل إلى الرقم 7726، وهي خدمة مجانية.
يذكر أن تقريراً صادراً عن المركز القومي للأمن السيبراني في بريطانيا ذكر أن المتسوقين في بريطانيا تعرضوا في عيد الميلاد الماضي لعمليات احتيال عبر الإنترنت بلغت قيمتها أكثر من 11.5 مليون باوند، أي أكثر بمليون باوند من الفترة نفسها عام 2022.