الاقتصاد البريطاني.. خسائر كارثية ومتتالية فمن المسؤول عن الانهيار؟
تابعونا على:

بريطانيا

الاقتصاد البريطاني.. خسائر كارثية ومتتالية فمن المسؤول عن الانهيار؟

نشر

في

1٬624 مشاهدة

الاقتصاد البريطاني.. خسائر كارثية ومتتالية فمن المسؤول عن الانهيار؟

أصبح من المألوف بين الخبراء الاقتصاديين أن يقارنوا الاقتصاد البريطاني، الذي كان في يوم من الأيام قوة عظمى عالمية، باقتصاد “السوق الناشئة” كيف ولا تُقارن بتلك التسمية الهزيلة التي كانت ورائها حكومة فاشلة ذات قرارات تعسفية وسريعة لا يمكنها حل المشكلات الاقتصادية التي تعصف ببريطانيا بل وحتى التراجع عن قرارات صدرت والاكتفاء بالاعتذار.

 

استهزاء يطال الاقتصاد البريطاني
وبحسب مقال تحليلي نشره موقع “investing.com”، وصف العديد من محللي وخبراء الاقتصاد الاقتصاد البريطاني “بالناشئ” أبرزهم وزير الخزانة الأمريكي السابق لاري سمرز حيث أستهزئ بالاقتصاد البريطاني قائلاً: “تتصرف إلى حد ما مثل الأسواق الناشئة” وايضاً علق بنك ING الهولندي: إن تقلبات التداول في الجنيه تعكس ما تتوقعه خلال أزمة العملات في الأسواق الناشئة؛ ووصف المستثمر الملياردير الأمريكي راي داليو إدارة رئيسة الوزراء الجديدة ليز تروس، بأنها تعمل “مثل حكومة دولة ناشئة”.

بالنسبة لأولئك الذين يعيشون في بريطانيا، قد يكون كصفعة على الوجه مثل هذه التسميات والصفات التي تطلق على دولة متقدمة مثل بريطانيا العظمى، حتى إنه يتعارض مع التاريخ الذي تعلمناه والاعتقاد الذي بات راسخاً في عقولنا بوصف بريطانيا كدولة عظمى ومتقدمة في كافة جوانب الحياة كما وجب التذكير أن بريطانيا كانت مهد الرأسمالية والثورة الصناعية التي غيرت مجرى الاقتصاد العالمي ناهيك عن الديمقراطية البرلمانية وسيادة القانون، ايضاً تمتلك بريطانيا تاريخياً العديد من الفلاسفة والخبراء الاقتصاديين كأمثال أدم سميث وكارل ماركس الذين ألفوا العديد من الكتب والنظريات التي تعتبر من أساسيات الأنظمة الاقتصادية التي تتبعها العديد من الدول في وقتنا الحالي.

 

ماذا يعني أن توصف بريطانيا بالسوق الناشئة؟
في الواقع فإن مصطلح “الناشئة” هي اختصار للتقلب وعدم الاستقرار السياسي قبل عشر سنوات، كانت الأسواق الناشئة دولاً نامية، قبل ذلك بثلاثين عاماً كانوا من دول “العالم الثالث”.

منذ استلام ليز تروس منصب رئاسة الوزراء في الخامس من أيلول الماضي شرعت لسن قوانين من أجل إنقاذ بريطانيا من موجة التضخم والعاصفة الاقتصادية المحيطة بالقارة الأوروبية والعالم أجمع، ووضعت رئيسة الوزراء البريطانية ليز تروس نفسها في موقف لا تُحسد عليه؛ فبعد أن أكدت في أكثر من حوار صحفي مع انطلاق المؤتمر السنوي لحزب المحافظين أنها لن تتراجع عن خطتها الضريبية المعروضة في “الميزانية المصغرة”، لتعود معلنة في صباح اليوم التالي بالتراجع عن منح إعفاءات ضريبية للأغنياء في البلاد.

اعترفت تروس بالخطأ في طريقة تقديمها الميزانية المصغرة والمثيرة للجدل، والتي أدت لانهيار تاريخي في قيمة الجنيه الإسترليني، إلا أن هذا الإقرار لم يخفّف من الغضب الشعبي على سياسات حزب المحافظين، ظلّت رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس وفيّة لخطها السياسي في اتخاذ المواقف ثم التراجع عنها، فبعد أيام من الدفاع عن خطتها لمنح الطبقة الغنية إعفاءات ضريبية، عادت للاعتراف بأنها أخطأت في طريقة تقديم خطة المالية الجديدة، وتراجعت عن قرار خفض الضريبة على الدخل بالنسبة للأغنياء.

وانهالت موجة من الانتقادات على رئيسة الحكومة الجديدة لأنها أعلنت التراجع عن خطتها الاقتصادية، ذلك بأن عدداً من أنصارها والمقربين منها اعتبروا هذا التراجع “إهانة لها ولحكومتها”، وسيزيد من انعدام الثقة فيها، خصوصاً وأن تروس تراجعت عن مواقف أخرى خلال حملتها للوصول إلى رئاسة الوزراء.

 

ليز تروس وجه النحس الذي طال بريطانيا
بعد استلام ليز تروس منصب رئاسة الوزراء عقب الرئيس السابق جونسون في الخامس من أيلول الماضي تلاها بعد ثلاث أيام نبأ وفاة الملكة إليزابت في الثامن من أيلول وفي أول مهمة لها في الثالث والعشرين من أيلول شرعت في إعلان عن موازنة صغيرة تشمل تخفيض الضرائب الغير ممولة التي تبلغ قيمتها 45 مليار جنيه إسترليني ما يعادل تقريباً 50 مليار دولار مما أدت الى انهيار الأسواق المالية بعدها بثلاثة أيام ينخفض الجنيه الإسترليني لأدنى مستوى أمام الدولار ليسجل سعر صرف 1.4 حيث ارتفع معه التضخم ليبلغ 10.1 بالمئة عادت ليز لتعتذر وتعلن عن تراجعها عن خطة الموازنة المصغرة وفي الرابع عشر من تشرين الأول استقال وزير المالية وبعد استقالة الأخير بأيام استقالت أيضاً وزيرة الهجرة لتعلن بعدها ليز استقالتها في 20 الشهر الحالي.

 

ضياع السبب الرئيسي والضحية واحدة
مما لاشك فيه الاقتصاد البريطاني الحالي يعيش في حالة سيئة لكن ليست بالسيئة للغالية بل حتى هناك خلاف حول نوع الضعف التي تتعرض له بريطانيا فبريطانيا تصدر العملة التي تقرض بها أموالها، وبالتالي تجعل التخلف عن سداد الديون أمراً مستبعداً، إن تاريخ منطقة الجنيه الإسترليني وحقيقة أن الجنيه كان العملة الاحتياطية العالمية منذ قرن مضى فقط يعني أنه من غير المرجح أن يخضع الجنيه إلى نفس الأعماق التي بلغها الدولار الزيمبابوي في عام 2008 أو البيزو المكسيكي في عام 1994 فالحكومة لن تضطر إلى فرض ضوابط على تحركات رأس المال عبر الحدود من أجل منع الناس من نقل أموالهم إلى خارج البلاد.

ومع ذلك، على الرغم من تلقي الضربة القاضية من الأسواق وحتى الانتقادات التي طالت من صندوق النقد الدولي مؤخراً، لا يزال تصنيف المملكة المتحدة كسوق ناشئة أمراً مبالغاً ومع ذلك، فإن رد الفعل العنيف والانتقادات الذي تتلقاه الحكومة البريطانية ليس سوى نتيجة لأخطاء بفعل قرارات سريعة غير مدروسة بعناية يرافقها تقلب في الأسواق العالمية ومخاوف الدول من الركود المتوقع يبقى الضحية هو الجنيه البريطاني والاقتصادي البريطاني رغم تعدد الأسباب والتكهنات التي يصعب على حكومة ليز التحكم بها وترويضها ووضعها تحت السيطرة.

إترك تعليقك

إترك تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

X