مع اقتراب الشتاء البريطاني القارس، تُهيمن مخاوف جديدة على ملايين الأسر التي تواجه تحدياً غير مسبوق، وهو كيفية إبقاء منازلها دافئة وسط ارتفاع تكاليف المعيشة وتضخم فواتير الطاقة، ففي الوقت الذي كانت فيه حرارة المنازل تمثل ملاذاً آمناً للدفء والاسترخاء، تبدو التدفئة اليوم رفاهية بعيدة المنال لكثير من الأسر.
دفع هذا الواقع الصعب أكثر من 1.7 مليون أسرة إلى قرار قاسٍ يقضي بعدم تشغيل التدفئة طوال موسم الشتاء، ليفتح بذلك فصلاً جديداً في سردية البحث عن حلول مبتكرة للتغلب على البرد القاسي وتحدي تقلبات الطقس، بدءاً من البطانيات المدفأة وصولاً إلى الاعتماد على الملابس الحرارية وقوارير المياه الساخنة.
أظهرت دراسة حديثة أجرتها منصة مقارنة الأسعار «يو سويتش» (Uswitch) أن أكثر من 1.7 مليون أسرة في المملكة المتحدة لن تقوم بتشغيل التدفئة خلال فصل الشتاء المقبل، وتأتي هذه الزيادة الكبيرة بالمقارنة مع العام الماضي، حين أفاد 972000 أسرة فقط أنهم اتخذوا هذا القرار القاسي.
وتعزو 55% من هذه الأسر هذا القرار إلى ارتفاع تكاليف المعيشة، بينما تشير ربع العائلات التي تضم متقاعدين إلى أن السبب هو فقدان دعم الوقود الشتوي، على الرغم من المخاطر الصحية المحتملة.
بالتزامن مع ذلك، ازدادت عمليات البحث عن قوارير المياه الساخنة على موقع «أرجوس» (Argos) بنسبة 257% مقارنةً بالعام الماضي، بينما ارتفع الطلب على البطانيات المدفأة بنسبة 224% مع استعداد الناس لقضاء أمسيات شتوية باردة في منازلهم.
اقرأ أيضاً: 42 % من البريطانيين يجهلون تكاليف الطاقة!
وفي حديثها حول الأمر، علقت إليس ميلفيل (Elise Melville)، الخبيرة في «يو سويتش» قائلةً: «يمكن أن يمثل الطقس البارد تحديّاً للأسر التي تعاني من دفع فواتير الطاقة، ولكن البقاء في منزل بارد يشكل خطراً على الصحة، لذا ينبغي الحفاظ على درجات الحرارة عند مستويات آمنة». وأضافت ميلفيل أن ضبط منظم الحرارة (الثرموستات) بين 18 و21 درجة مئوية هو الخيار الأنسب، حتى عند محاولة توفير المال.
وتُعد الملابس المدفأة «حلاً موفراً للتكاليف بشكل كبير»، حسبما صرحت يوهانا لوديرز (Johanna Lueders)، المديرة في شركة «سنوجل» (Snugel) المختصة بحلول التدفئة، حيث قالت: «تمكن العملاء من توفير 100 جنيه إسترليني شهرياً باستخدام البطانيات والملابس المدفأة بدلاً من الاعتماد على التدفئة التقليدية، وحتى مع احتساب تكلفة الشراء الأولية، يظلّ هناك توفير كبير على المدى البعيد».
من جهته، وفي تعليقه على الموضوع من موقعه كمستخدم، أوضح بين (Ben) أنه منذ انتقاله مع شريكه جيمس (James) إلى منزلهما الجديد في كينت (Kent) في عام 2020، قاما بشراء مستلزمات التدفئة الشخصية مثل الثياب الحرارية وقوارير المياه الساخنة والأغطية الدافئة، والتي أصبحت بمثابة «نعمة» في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وفواتير الطاقة، وبيّن بين أنهما سيحاولان تجنب تشغيل التدفئة قدر الإمكان هذا الشتاء للتوفير.
اقرأ ايضاً: «الطاغية» أصبح «كريماً».. لامي يسحب كلامه بعد فوز ترامب!
وأفادت جانيت (Janette)، وهي متقاعدة، بأنها تخطط لإبقاء التدفئة مطفأة معظم الوقت، وستقوم بتدفئة غرفة واحدة فقط عند الحاجة. وقالت: «كان المنزل يعتمد على التدفئة الكهربائية، ووجدت أنها مكلفة للغاية، لذا قمت بتركيب مدفأة غازية أرخص تكلفة»، وعند زيارة ابنتها مرة واحدة أسبوعياً، تستخدم مدفأة صغيرة للحفاظ على الدفء ومنع الرطوبة والعفن.
وبفضل صديقة لها، حصلت جانيت على بطانية كهربائية، لكنها تشكو من برودة الوجه في الليالي شديدة البرودة رغم الدفء الذي توفره البطانية، فيما أكدت ميلفيل أن البطانيات الكهربائية توفر حلاً اقتصادياً للتدفئة بأقل تكلفة مقارنة بالسخانات الكهربائية، ويمكن لقوارير المياه الساخنة أيضاً أن تقدم ساعات من الدفء بتكلفة غليان ماء فقط.
وأضافت ميلفيل أن هناك العديد من عروض الطاقة الثابتة التي تقل عن الحد الأقصى للأسعار لشهر نشرين الأول/أكتوبر، ما يوفر للأسر استقراراً في الأسعار لمدة تصل إلى 12 شهراً.
اقرأ أيضاً: أصداء متناقضة في بريطانيا: ماذا يعني فوز ترامب؟