يواجه الجيش البريطاني معضلة غير مسبوقة تهدد تماسكه وجاهزيته، فالأرقام التي أفرزتها وزارة الدفاع تبدو صادمة؛ أكثر من عشرة آلاف جندي غير مؤهلين للانتشار الطبي، ونقص في الأعداد المستهدفة، بينما تشتد المنافسة العالمية على تعزيز الدفاعات.
وبين تطلعات بريطانيا لدور ريادي في دعم الحلفاء، مثل أوكرانيا، والتحديات الداخلية التي تفرضها القيود الصحية والمالية، تتكشف صورة جيش يواجه اختباراً حقيقياً لقدرته على البقاء في طليعة القوى العالمية، فهل تستطيع المملكة المتحدة الموازنة بين طموحاتها العسكرية وواقعها الطبي والاقتصادي؟
كشفت بيانات وزارة الدفاع البريطانية أن أكثر من 10000 من أفراد القوات المسلحة غير قادرين على المشاركة الطبية في العمليات العسكرية، ووفقاً للإحصائيات التي قدمها وزير الدفاع البريطاني، أليستير كارنس (Alistair Carns)، فإن 99560 عضواً في الجيش البريطاني مؤهلون للانتشار الكامل، بينما يقتصر الانتشار لـ 14350 فرداً، ويعتبر 13522 غير مؤهلين للانتشار الطبي.
وكشف وزير الدفاع، أليستير كارنس، في إجابة خطية على سؤال برلماني، أن عدد الأفراد القادرين تماماً على الخدمة العسكرية من الناحية الطبية يبلغ 99560 فرداً، أما الأفراد الذين يعانون من قيود في القدرة على الخدمة فيصل عددهم إلى 14350، في حين يبلغ عدد غير القادرين طبياً على الخدمة 13522 فرداً، وبالنسبة للتوزيع، فإن القوات البحرية الملكية تضم 2922 فرداً غير مؤهل طبياً، بينما يبلغ العدد في الجيش 6879 فرداً، وفي سلاح الجو الملكي 3721 فرداً.
وصرح متحدث باسم وزارة الدفاع قائلاً: «الغالبية العظمى من أفراد قواتنا المسلحة، حوالي 90%، قادرون على الانتشار في أي وقت. أما الأفراد الباقون فهم يعملون ضمن أدوار عسكرية أوسع. نحن ملتزمون بتقديم رعاية طبية عالمية لضمان عودة الأفراد للخدمة أو دعم انتقالهم للحياة المدنية».
اقرأ أيضاً: تحذير: لن يصمد الجيش البريطاني أكثر من ستة أشهر!
ويخضع الأفراد الذين يعانون من مشكلات طبية أو لياقة بدنية لتقييم من مجلس طبي، حيث يتم تحديد حالتهم الطبية. قد يتم تخفيض التصنيف الطبي للسماح بالعلاج والتعافي، مع إمكانية إعادة التقييم لتحديد قابلية الانتشار سواءً كانت دائمة أو مؤقتة.
وأشارت إحصائيات وزارة الدفاع لشهر أبريل 2024 إلى أن الجيش البريطاني لم يحقق الحجم المستهدف لأول مرة منذ تحديده، فهو يعاني من نقص في الجيش بنسبة 1% (5440 فرداً)، ونقص في البحرية الملكية ومشاة البحرية بنسبة 5%، ونقص في القوات الجوية الملكية بنسبة 10%.
ووصف وزير الدفاع السابق، جيمس هيبي (James Heappey)، هذه الأرقام بأنها «مثيرة للقلق»، وأضاف أن جزءاً كبيراً من الأفراد غير المؤهلين قد يكون بسبب أسباب بسيطة مثل عدم إجراء فحوصات الأسنان في الأشهر الستة الأخيرة، مؤكداً أن العديد منهم قد يشاركون في الحرب عند الحاجة.
وكانت قد أُثيرت تكهنات حول إرسال بريطانيا قوات إلى أوكرانيا لتدريب جيشها، وذلك عقب مكالمة بين زعيم المعارضة، كير ستارمر (Keir Starmer)، والرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي (Volodymyr Zelenskyy). وصرّح وزير الدفاع، جون هيلي (John Healey)، بأن بريطانيا ستكثف دعمها خلال هذه الفترة الحرجة.
اقرأ أيضاً: ملايين الجنيهات ضدّ الأطفال في بريطانيا!
فيما أظهرت دراسة لمجلس العموم بتكليف من الحزب الليبرالي الديمقراطي أن روسيا، إيران، والصين زادت ميزانياتها الدفاعية منذ عام 2014 بنسب 34%، 57%، و60% على التوالي، بينما لم تتجاوز الزيادة في بريطانيا 14%.
وأشارت هيلين ماكغواير (Helen Maguire)، المتحدثة باسم الدفاع في الحزب الليبرالي الديمقراطي، إلى أهمية تعزيز دفاعات بريطانيا في ظل شريك غير موثوق عبر الأطلسي، بينما تراجعت ميزانية الجيش البريطاني بمقدار 500 مليون جنيه إسترليني بالقيمة الحقيقية خلال السنوات الخمس الأخيرة، ومن المتوقع أن تصل إلى 11.66 مليار جنيه في 2024-2025، أي انخفاض بنسبة 4% عند تعديلها للتضخم.
هذا وتعهد رئيس الوزراء البريطاني بزيادة ميزانية الدفاع بـ 2.9 مليار جنيه للعام المقبل، وأكد متحدث باسم وزارة الدفاع: «نحن ملتزمون بوضع مسار نحو إنفاق 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع، مع تقديم أكبر زيادة في الرواتب منذ عقود، وتحسين المساكن العسكرية، وتقديم حوافز للاحتفاظ بالمهارات الرئيسية».