اجتاح الذكاء الاصطناعي كل مفاصل الحياة، وباتت الروبوتات هي من تنظم لنا يومنا من الألف إلى الياء، فهل وصل هذا الاجتياح للفن والفنانين؟
برامج الذكاء الاصطناعي التوليدي تستخرج المعلومات وتتعلم من كميات البيانات الهائلة الموجودة على شبكة الانترنت مثل النصوص والصور و الموسيقى عبر الانترنت، وذلك بغية توليد محتوى جديد يبدو وكأنه تم إنشاؤه من قبل الإنسان.
وخطر هذا الغزو بات يقترب من الفن والفنانين، حيث أوضح السير إلتون Sir Elton أن الفنانين الشباب لا يملكون الموارد لمحاربة شركات التكنولوجيا الكبرى، وأضاف إلى أن إعادة توليد هذا الكم الهائل من المعلومات عبر الذكاء الاصطناعي دون الاكتراث لحقوق الملكية هو بمثابة عمل إجرامي.
ما هو الذكاء الاصطناعي وما استخداماته
هو برنامج على جهاز الحاسوب يتيح لهذه الأجهزة التعلم وحل المشاكل بطرق بشرية، ولكن لا يمكن لهذه الأجهزة تتعاطف أو أن تستنتج.
لكن رغم كل ذلك فقد طور العلماء أنظمة تستطيع القيام بالعديد من المهام التي تتطلب بالعادة لإنجازها الذكاء البشري، وهذه ماهي إلا محاولة لمحاكاة الطريقة التي يقوم الناس بها باكتساب المعرفة وتوظيفها عبر استخدامها في مكانها الصحيح.
حيث يمكن لهذه البرامج معالجة كميات كبيرة من البيانات مع تحديد الأنماط واتباع الأوامر والتعليمات التفصيلية لما يجب القيام به.
تتنوع استخدامات الذكاء الاصطناعي في مجالات مختلفة منها التعليمية والطبية والثقافية وصولاً للاستعمالات المنزلية، وباتت العديد من الشركات تدخل تقنية الذكاء الاصطناعي ضمن إطار عملها.
اقرأ أيضاً: المراكز الصحية في المملكة المتحدة ومساعدة الذكاء الاصطناعي
كيف يسرق نتاج الفنانين بواسطة الذكاء في المملكة
وصف السير إلتون جون الحكومة البريطانية بأنها الخاسرة تماماً بسبب إعفاءها شركات التكنولوجيا من قوانين حقوق النشر. وفي حديثه الحصري لبرنامج Sunday with Laura أوضح أنه في حال مضى الوزراء في خطط السماح لشركات الذكاء الاصطناعي باستخدام محتوى الفنانين دون دفع، فإن هذه العملية تعتبر بمثابة ارتكاب سرقة ونهب على نطاق واسع.
حيث رفضت الحكومة البريطانية مقترحات مقدمة من مجلس اللوردات لإجبار شركات الذكاء الاصطناعي على الكشف عن المواد التي يتم استخدامها بغية تطوير برامجها.
وقد صرح متحدث باسم الحكومة: “لن يتم النظر في أي تغييرات على قوانين حقوق النشر ما لم نكن راضيين تماماً عن أنها تعمل لصالح المبدعين”.
اقرأ أيضاً: قطاع الذكاء الصناعي في بريطانيا سيحصل على تمويل بقيمة 100 مليون جنيه إسترليني
الحكومة ما بين حماية الفنانين ودعم الشركات
حذر السير إلتون من أن الحكومة في طريقها إلى “حرمان الشباب من إرثهم ودخلهم”، وأضاف أن الحكومة بهذه العملية خاسرة تماماً، وقد عبر عن غضبه الشديد حيال هذا الأمر.
وأضاف إن رئيس الوزراء السير كير ستارمر Sir Keir Starmer يحتاج لأن “يصبح أكثر حكمة” حسب وصفه، كما وصف وزير التكنولوجيا بيتر كايل Peter Kyle بأنه “أحمق بعض الشيء”، وأشار أنه في حال لم تغير الحكومة خططها، فسيتجه لمقاضاة الوزراء، قائلاً “سنقاتل بكل الطرق”.
وأضاف أن رئيس الوزراء “يجب ألا يبيع” الجيل القادم من المطربين ومؤلفي الأغاني والموسيقيين والمبدعين الموسيقيين “ويسمح بسحق كل هذه المواهب من خلال السماح لروبوتات الذكاء الاصطناعي عديمة الروح بنهب أعمالهم”.
وقبل التصويت في مجلس اللوردات، انضم السير إلتون إلى أكثر من 400 موسيقي وكاتب وفنان بريطاني في التوقيع على رسالة تطالب رئيس الوزراء بتحديث قوانين حقوق النشر بطريقة تحميهم من الذكاء الاصطناعي.
لقد صوت مجلس اللوردات بأغلبية 147 صوت على تعديل مشروع قانون البيانات (الاستخدام والوصول) لإضافة متطلبات الشفافية، والهدف منها ضمان حصول أصحاب حقوق النشر على إذن لاستخدام أعمالهم.
لكن أعضاء مجلس العموم صوتوا على رفض هذا التغيير، هذا ما يعني أن مشروع القانون سيستمر في التردد بين المجلسين حتى يتم الوصول إلى اتفاق بشأنه.
والحكومة البريطانية تقوم حالياً بالتشاور بشأن مقترحات من شأنها السماح لشركات الذكاء الاصطناعي بأن تستخدم المواد المتاحة عبر الإنترنت من غير احترام حقوق الطبع والنشر إذا كانت تستخدمها في استخراج النصوص أو البيانات.
ومن شأن هذه المقترحات أن تمنح الفنانين أو المبدعين ما يسمى بـ “حق التحفظ على الحقوق” أو ما يعرف بالقدرة على الانسحاب.
ولكن لهذا المقترح منتقدين، من وجهة نظرهم من غير الممكن لكاتب أو فنان فردي أن يخطر آلاف مقدمي خدمات الذكاء الاصطناعي المختلفين بأنهم لا يريدون منهم استخدام محتواهم بهذه الطريقة، أو مراقبة ما حدث لعملهم عبر الإنترنت بالكامل.
ويجري العمل في مجلس اللوردات من قبل عضو البرلمان البارونة كيدرون Baroness Kidron، على تقديم اقتراح بديل للفنانين لاختيار إعطاء الإذن باستخدام المحتوى الخاص بهم.
وأوضح توم كيهل Tom Kehl، الرئيس التنفيذي لهيئة صناعة الموسيقى في المملكة المتحدة: “إن خطط الحكومة لتغيير قانون حقوق النشر لتسهيل استخدام شركات الذكاء الاصطناعي لموسيقى الفنانين والملحنين وشركات الموسيقى دون إذنهم تضع صناعة الموسيقى في خطر كبير”.
وأضاف “سيكون ذلك بمثابة رهان غير عادل ضد القطاع الإبداعي الذي يساهم بالفعل بأكثر من 120 مليار جنيه إسترليني في الاقتصاد وسيكون له تأثير مضاد لطموحات النمو التي تتبناها الحكومة.
ختاماً، لا يجب السماح للذكاء الاصطناعي بسرقة مهارات الحياة البشرية ومصادرتها، فوصوله للناتج الفني الإبداعي وإعادة توليده يدق ناقوس الخطر بشأن استيلاء الذكاء على كل الناتج البشري الإبداعي بلا حسيب ولا رقيب.
اقرأ أيضاً: هل سيؤدي الذكاء الاصطناعي إلى تفاقم الجرائم الإلكترونية في بريطانيا؟