في مشهد عالمي يشوبه التوتر التجاري والمصالح المتشابكة، تعود الرسوم الجمركية إلى الواجهة كأداة للضغط والمساومة، وفي قلب هذه العاصفة الاقتصادية، يقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ملوحاً بتهديداته، فيما تسعى المملكة المتحدة لحماية مصالحها التجارية وسط اقتصاد عالمي مترابط.
وبين تصريحات جوناثان رينولدز الواثقة وتحركات المسؤولين الأوروبيين، تبدو الساحة وكأنها رقعة شطرنج حيث تتحرك القطع بحذر، كل خطوة قد تغيّر قواعد اللعبة، فهل تنجح بريطانيا في تفادي هذا التصعيد؟ وهل يمكن للتجارة أن تكون جسراً بدلاً من حاجز بين الدول؟
في التفاصيل، حث وزير الأعمال البريطاني، جوناثان رينولدز (Jonathan Reynolds)، الإدارة الأمريكية على استثناء المملكة المتحدة من الرسوم الجمركية التي يهدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرضها على الصادرات إلى الولايات المتحدة، وأوضح رينولدز في حديثه لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» أن الولايات المتحدة لا تعاني من عجز تجاري في السلع مع المملكة المتحدة، وهو ما يحدث عندما تتجاوز الواردات الصادرات.
وأعاد ترامب التأكيد على تهديداته بفرض رسوم جمركية كبيرة على الدول التي تبيع منتجاتها في السوق الأمريكية، ورداً على سؤال «بي بي سي» حول استثناء بريطانيا من الرسوم الجمركية بسبب غياب العجز التجاري بين البلدين، لم يقدم ترامب إجابة مباشرة، بل تحدث عن العجز التجاري مع كندا وسبل معالجته.
اقرأ أيضاً: اجتماع قريب لستارمر مع ترامب.. ماذا سيناقشان؟
وأثارت احتمالية فرض ضرائب أعلى على الواردات إلى الولايات المتحدة قلق العديد من قادة العالم، إذ ستؤدي إلى زيادة تكاليف بيع السلع في أكبر اقتصاد عالمي، وصرح ترامب خلال منتدى الاقتصاد العالمي بأن على الشركات إما إنتاج سلعها داخل الولايات المتحدة أو مواجهة رسوم جمركية ضخمة قد تصل قيمتها إلى مئات المليارات أو حتى تريليونات الدولارات.
وفي حديثه، أكد رينولدز أن الولايات المتحدة لا تعاني من عجز تجاري في السلع المصنعة مع بريطانيا، مشيراً إلى أن الاقتصاد البريطاني يعتمد بشكل كبير على الخدمات، وأضاف: «إذا كانت هذه هي المنطقية التي تعتمدها الإدارة الأمريكية، فلدينا حجة قوية يمكن طرحها».
هذا وتعد الرسوم الجمركية جزءاً مركزياً في الرؤية الاقتصادية لترامب، حيث يراها وسيلة لتعزيز الاقتصاد الأمريكي وحماية الوظائف وزيادة الإيرادات الضريبية، كما يستخدمها وسيلة ضغط لتحقيق أهداف سياسية أخرى.
على سبيل المثال، يدرس ترامب فرض ضريبة 10% على الواردات من الصين بدءاً من 1 فبراير، متهماً الصين بإرسال مادة الفينتانيل إلى المكسيك وكندا، كما هدد بفرض رسوم بنسبة 25% على كندا والمكسيك، مبرراً ذلك بمخاوف متعلقة بالفينتانيل والهجرة.
من جهة أخرى، أشار رينولدز إلى أن بريطانيا تركت الباب مفتوحاً لاحتمال الالتزام بقواعد الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالمنتجات الغذائية والزراعية من أجل الحفاظ على وصول سلس إلى الأسواق الأوروبية، وأكد أن هذا الاتفاق المحتمل، الذي يخفض الحواجز التجارية مقابل التزام بريطانيا بمعايير الاتحاد الأوروبي، لا يتعارض مع خطوط الحكومة الحمراء.
اقرأ أيضاً: صندوق النقد: بريطانيا تتقدم وترامب يثير المخاوف!
جاءت هذه التصريحات بعد أن أشار مفوض التجارة الأوروبي ماروش شيفتشوفيتش (Maros Sefcovic) إلى إمكانية التوصل إلى اتفاق جديد يشمل التوافق الديناميكي على المعايير إلى جانب مجالات أخرى من التعاون الجمركي الأوروبي. وقال رينولدز إن هذه النبرة تتماشى مع ما أعلنته الحكومة سابقاً حول استراتيجية التجارة المزدوجة.
وأعرب حزب المحافظين عن غضبهم من تقارير حول إمكانية اتفاق جديد بشأن التجارة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، وصرحت وزيرة الخارجية في الظل دام بريتي باتيل (Dame Priti Patel) أن الحكومة «تخضع لإرادة الاتحاد الأوروبي»، بينما يرى حزب الديمقراطيين الأحرار أن الحكومة لا تبذل الجهد الكافي لتسهيل التجارة مع الاتحاد الأوروبي.
اقرأ أيضاً: سفينة روسية تجسس وبريطانيا تحذر بوتين!