يبدو أن الضغوط الاقتصادية طالت القطاع الخاص، فبعد أن وعدت حكومة كير ستارمر بالإنتعاش الأقتصادي، انتقل القطاع الخاص من مرحلة النمو البطيء إلى الركود بعد إعلان ميزانية أكتوبر/ تشرين الأول.
وقد أظهرت العديد من البيانات والمؤشرات هذا الركود، ومنها بيانات مؤشر مديري المبيعات “PMI” التي أظهرت هبوطاً حاداً في المشتريات، كما أشارت بيانات ستاندرد آند بورز غلوبال إلى انخفاض في مؤشر مديري المشتريات المركب، من 8, 51 نقطة خلال شهر إكتوبر/ تشرين الأول إلى 9, 49 نقطة خلال نوڤمبر/ تشرين الثاني، ولم تكن هذه النسبة بالانخفاض في الحسبان، إذ توقع الاقتصاديون أن النسبة ستنخفض فقط 1, 0 نقطة، وبالتالي هذا الانخفاض هو الأول منذ سنوات.
وتشير الأرقام والإحصائيات السابقة إلى أول ركود اقتصادي في بريطانيا منذ فترة، وقال كريس ويليامسون كبير الاقتصاديين في ستاندرد آند بورز ماركت إنتليجنس لبلومبيرغ: ” يشير مؤشر نوفمبر/ تشرين الثاني إلى تراجع الاقتصاد بمعدل فصلي يبلغ 0.1%، لكن فقدان الثقة يلمح إلى نتائج أسوأ قادمة، بما في ذلك فقدان وظائف إضافية، ما لم تتحسن المعنويات”.
40 مليار جنيه استرليني حجم الزيادة في الضرائب، هذا الرقم أدى إلى توجيه انتقادات لاسعة لوزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز، وفي تصريحات للعديد من الشركات أكدوا أن شركاتهم هي من تحملت أعباء هذه الزيادات، وزيادة التكاليف التشغيلية للشركات بسبب ارتفاع الحد الأدنى للأجور.
وفي ظل التوقعات المتشائمة حول النشاط الاقتصادي للعام المقبل، شهد قطاع الخدمات تباطؤ حاد، إذ انخفض مؤشر مديري المشتريات من 52 إلى 50 نقطة مسجلاً أدنى مستوى له منذ 13 شهراً، بينما تقلص إنتاج التصنيع بسرعة كبيرة خلال 9 أشهر.
إلا أنه منذ عام 2023 شهد قطاع الأعمال الجديدة النمو الأضعف بين القطاعات الاقتصادية في بريطانيا، والحذر واضح من قبل الشركات في خطو خطوة جديد بأعمال اقتصادية بين الإعلان عن الميزانية، في حين ساهم صدور نتائج الانتخابات الأمريكية بنوع من تعزيز الطلب.
وارتفعت السندات الحكومية البريطانية مع تكثيف التوقعات بخفض بنك إنجلترا أسعار الفائدة بمقدار 3 أرباع نقطة مئوية بحلول نهاية 2025 في حين انخفض الجنيه الإسترليني بنسبة %0.8% إلى 1.2494 دولار، لكنه سجل مكاسب أمام اليورو بعد بيانات مديري المشتريات الأسوأ من المتوقع في منطقة اليورو.
وفي ظل هذه التخبطات الاقتصادية، أعلنت وزيرة الخزنة البريطانية راشيل ريفز الأسبوع الماضي عن سلسلة من الإصلاحات، بما في ذلك تقليص تنظيم خدمات القطاع المالي واتخاذ تدابير لتعزيز استثمارات المعاشات التقاعدية، وهي أحدث التغيرات في سلسلة من المبادرات التي تهدف إلى تحفيز الاقتصاد البريطاني.
وفي جملة من الإصلاحات التي تقوم بها حكومة حزب العمال، يؤدي زيادة معدل النمو الاقتصادي إلى زيادة الإيرادات الاقتصادية، وبالتالي عدم اللجوء إلى زيادة الضرائب، ووفق كبير الاقتصاديين في ING، جيمس سميث، فإن الحكومة تسير على حبل مشدود في هذا الصدد، مضيفاً أنه إذا لم تؤد التغيرات التنظيمية – سواء في القطاع المالي أو في مجالات التخطيط الأخرى – إلى تحفيز الاقتصاد، فإن هناك احتمالية لزيادة الضرائب مجدداً.
وأضاف: “أعتقد بأن ريفز ستحتاج إلى القيام بخطوات أكبر لتعزيز الاستثمار الخاص ، مشيراً إلى أن مشروعات التخطيط والبنية التحتية هي الأكثر احتمالا لتحفيز الاقتصاد، ومن المتوقع الآن أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي البريطاني بنسبة 1.1 بالمئة في 2024 ، ثم نمو بنسبة 2 بالمئة في 2025، قبل أن ينخفض إلى 1.5 بالمئة.
وأفاد مكتب المسؤولية المالية المستقل في حين أن هذه التدابير من المفترض أن تدفع الاقتصاد في المدى القريب، وعزز من توقعاته للنمو الاقتصادي على المدى القصير، من جانبه، عبر نائب محافظ بنك إنجلترا السابق، جون غريف، عن شكوكه بشأن قدرة الإصلاحات على تحفيز النمو، مشيراً إلى أن كلا من تخفيف القيود على الخدمات المالية وإصلاحات المعاشات التقاعدية ليست تغيرات جوهرية”.
القطاع الخاص في انتظار حلول حكومة العمال في معالجة هذا التباطؤ الاقتصادي لتهدئة مخاوفه، وبالتالي التشجيع على الاستثمار الخاص، ومعالجة الخدمات المتدهورة.
اقرأ أيضاً: الضرائب تطال الشركات العائلية البريطانية في ميزانية 2025