لم يتوقع زائري ومحبي المعارض الفنية رؤية لوحات فنية رسمها روبوت، لكن في إحدى المزادات الكبرى تعرض لوحات تم إبداعها من قبل الروبوت آيدا، إذ من المتوقع أن تصل سعر لوحة آلان تورينج إلى 150 ألف جنيه استرليني وفقاً للمصادر.
وفي التفاصيل، فإن دار سوذبيز ستشارك في مزاد علني سيتم فيه عرض لوحة لعالم الحاسوب آلان تورينج في وقت لاحق خلال هذا الشهر، متوقعاً تحقيق مبيعات كبيرة، ورسمت الروبوت آيدا هذه اللوحة باستخدام كاميرات موضوعة في عينيها، وخوارزميات الذكاء الاصطناعي الموجودة في ذراعها الروبوتية، ويبلغ ارتفاع اللوحة 7 أقدام و6 بوصات، ومن المتوقع أن تحقق سعراً يتراوح بين 100 و 150 ألف جنيه استرليني، يذكر إنه تم تصميم الروبوت “آيدا” على يد خبير الفن إيدان ميلر في أكسفورد، وتم تسميتها على اسم آدا لوفلايس، أول مبرمجة كمبيوتر.
وقالت آيدا: “من خلال أعمالي الفنية لآلان تورينج، أحتفل بإنجازاته ومساهماته في تطوير الحوسبة والذكاء الاصطناعي، ومن المقرر أن يقام المزاد، الذي سيكون رقميا فقط، في الفترة من 31 أكتوبر إلى 7 نوفمبر.
تعد “Ai-Da” أول روبوت واقعي قادر على الرسم مثل فنان وهي تعمل وفق خوارزميات الذكاء الاصطناعي، التي تخوّلها الرد على الأسئلة الاختيار، واتخاذ القرارات لإنشاء لوحة.
تمسك الروبوت آيدا الفرشاة بإحكام وبكل سلاسة وتحركها ببطء وتأن على الورقة من أمامها بعد إغراق طرفها بالألوان، ويستغرق الأمر أكثر من خمس ساعات لإنجاز لوحة، ويصفها إيدن مالر، رئيس الفريق الذي صممها، بأنها شيء “مذهل” و”رائد”، ومع ذلك، ينفي الرجل أن يكون هدفها الترويج للروبوتات أو التكنولوجيا، قائلا: “نحن قلقون للغاية بشأن طبيعة ما يمكن أن تفعله هذه التكنولوجيا”، والسؤال الذي يجب طرحه هل نحن البشر نريد أن يصبح مصدر الفن الربوتات بعدما أصبحت قادرة على ذلك، واصفا المشروع بأنه “أخلاقي”.
وفي إشارة إلى مدى تقدم التكنولوجيا، أجابت الروبوت آيدا عن سؤال ما إذا بإمكاننا اعتماد اللوحات التي ترسمها على أنها فن، فقالت أنا فنانة إذا كان الفن يعني إيصال شيء ما عمّن نكون، وما إذا كنا نحب إلى أين نحن ذاهبون، وتابعت: “تكون فنانا يعني تجسيد العالم من حولك”.
أثبتت الروبوت آيدا قدرتها على الرسم وإنشاء القصائد في أكسفورد، وقد تم إنجازها منذ أكثر من عامين، إذ عمل عليها فريق من المبرمجين وعلماء الروبوتات وخبراء الفن وعلماء النفس، وهي تخضع للتحديث باستمرار مع تقدم تكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
إلى ذلك، افتتحت الروبوت آيدا معرضاً فنياً فردياً لها ضمن معرض بينالي البندقية في 22 أبريل نيسان من عام 2022، تحت عنوان القفز في الميتافرس الذي استكشف الرابط بين الخبرة البشرية وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، ويحذر ميلر من أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي ستعرفك أكثر منك”، في وقت قريب مع كمية البيانات التي نصرح بها عن أنفسنا، ومن خلال التحدث إلى هواتفنا وأجهزة الكمبيوتر.
وعام 2019 أفيد عن افتتاح الروبوت آيدا معرضها الخاص في أوكسفورد ببريطانيا، ضم رسوماتها ومنحوتاتها، حينها قال مالر: إن بامكانها أن ترسم بكل أداة صلبة بأي شي مثل قلم رصاص أو قلم حبر، لكنها لا تستطيع أن ترسم بفرشاة ألوان لأنها ناعمة بعض الشيء، وأردف: باعتماد البيانات والترميز تمكنا من إنشاء خوارزميات مكنتها من إنتاج لوحات ومنحوتات”، ويمكن لآيدا أن ترسم أي شخص من خلال التقاط صورة له وتتبع حركاته.
ولم تكن الروبوت آيدا أول فنانة تشكيلية بواسطة الذكاء الاصطناعي، فقد أنتجت الروبوت صوفيا، التي أزيح الستار عنها في عام 2016، إبداعاتها الفنية بالتعاون مع أندريا بوناسيتو، وهو فنان رقمى إيطالى عمره 31 عاما، اشتهر بلوحاته الملونة التي يصور بعضها المشاهير مثل إيلون ماسك الرئيس التنفيذي الشركة تسلا.
وجمعت الروبوت بين عناصر الأعمال بوناسيتو وتاريخ الفن ورسوماتها أو لوحاتها على أسطح مختلفة لمرات عديدة، في عملية يصفها مصممها ديفيد هانسن بأنها “حلقات تطور تكرارية”.
وبيعت قطعة فنية رقمية من صنع الروبوت صوفيا المصمم على شكل إنسان، في مزاد اليوم الخميس مقابل 688888 دولار بعملة رمزية، وأصبحت العملة الرمزية، وهي توقيع رقمي محفوظ في موقع لدفاتر الحسابات الرقمية يتيح لأي شخص التحقق من صحة ملكية وموثوقية الأغراض، أحدث صيحة للاستثمار، إذ بيعت قطعة فنية بسعر يقرب من 70 مليون دولار.
يبدو أن عالم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي يبهرنا باستمرار، وفق تحديثات غريبة قادرة على محاكاة كل تصرفات الإنسان، ويبقى السؤال الدائم، هل سنصل إلى مرحلة يتم فيه الاعتماد الكامل على الروبوتات على حساب عقل وإبداع الإنسان.