لم يعتقد ديفيد لامي أن التاريخ سيعيد نفسه، وأن ترامب سيأتي مرة أخرى إلى سدّة الرئاسة، لذلك لم يتردد سابقاً في وصف الرئيس الأمريكي المنتخب، بأشد العبارات الحادة، لكن اليوم، تغيرت الأحوال، وانقلبت الموازين، ليُعلن لامي عن استعداده لفتح صفحة جديدة، فبينما كان يصف ترامب ذات يوم بـ «الطاغية» و«المتعاطف مع النازيين الجدد»، يطلّ لامي الآن بنبرة تصالحية، فهل ستنجح هذه المحاولة في خلق أرضية مشتركة بين البلدين؟ وكيف ستتأثر العلاقات البريطانية الأمريكية بعودة ترامب للبيت الأبيض؟
رفض وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، الانتقادات التي وجهها سابقاً للرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، واصفاً إياها بـ «الأخبار القديمة»، وأكد لامي أنه سيكون قادراً على إيجاد «أرضية مشتركة» مع ترامب في المستقبل.
وفي عام 2018، عندما كان عضواً في البرلمان البريطاني، كان قد وصف لامي ترامب بأنه «طاغية» و«رجل يكره النساء ومتعاطف مع النازيين الجدد»، ولكنه في أول مقابلة له بعد فوز ترامب، قال في بودكاست Newscast على bbc: «ترامب هو شخص يمكننا بناء علاقة معه لمصلحة بلادنا».
وأثنى لامي على الحملة الانتخابية لترامب، ووصفها بأنها «مُنظَّمة بشكل جيد»، وأضاف قائلاً: «كنت أشعر في أعماق قلبي أنه من الممكن أن يكون هناك رئاسة لترامب».
اقرأ أيضاً: أصداء متناقضة في بريطانيا: ماذا يعني فوز ترامب؟
في المقابلة، واجه لامي تحدياً بشأن تصريحاته السابقة عن ترامب قبل توليه منصب وزير الخارجية، ففي عام 2019، قبيل زيارة ترامب الرسمية إلى المملكة المتحدة، نشر لامي أن الرئيس آنذاك كان «مغروراً، كاذباً، عنصرياً، نرجسياً» و«ليس صديقاً لبريطانيا».
وعند سؤاله عما إذا كان قد غيَّر رأيه، قال لامي: «الأخبار القديمة»، مشيراً إلى أنه من الصعب العثور على سياسي لم ينتقد ترامب في الماضي، وأضاف: «في تلك الفترة، خاصة على تويتر، قيلت الكثير من الأمور عن دونالد ترامب».
وبرّر لامي قوله بالشكل: «ما تقوله كعضو في البرلمان هو شيء، وما تفعله وأنت في موقع المسؤولية العامة هو شيء آخر»، متابعاً: «أنا الآن وزير للخارجية، وهناك أمور أعرفها الآن لم أكن أعرفها آنذاك».
وعمّا إذا كان ترامب قد أشار إلى تصريحاته السابقة خلال لقائهما في نيويورك في سبتمبر، قال لامي: «لم يتطرق لذلك حتى من بعيد»، وأضاف: «أعلم أن هذه نقطة نقاش اليوم، لكن في عالم توجد فيه حروب في أوروبا، وخسائر هائلة في الشرق الأوسط، حيث أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تربطهما علاقة خاصة، لدينا شخص يصبح رئيساً للولايات المتحدة مرة أخرى، وقد جرب هذا المنصب من قبل، سنعمل معاً على تحقيق مصالح مشترك».
ووصف لامي الرئيس المنتخب بـ «المضيف الكريم» الذي عرض عليه «وجبة ثانية من الدجاج» خلال العشاء.
اقرأ أيضاً: زعيمة جديدة للمحافظين: «أنا كابوس حزب العمال»!
وفي مقابلة Newscast، سُئل لامي عن التأثير المحتمل لسياسات ترامب على التجارة مع المملكة المتحدة، وأجاب لامي أن ترامب كان «دافئاً تجاه المملكة المتحدة»، لا سيّما تجاه العائلة الملكية، وأشار إلى أن «ترامب يحب اسكتلندا».
كما قال لامي إن ترامب كان «محقاً» في حجته بأن أوروبا لم تلتزم بإنفاق كافٍ على الدفاع، ودعا إلى «تعهد واضح» من الحكومات الأوروبية بزيادة الإنفاق العسكري، لكنه لم يتمكن من تحديد متى ستصل الحكومة إلى هدف الإنفاق على الدفاع بنسبة 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي.
وفيما يتعلق بزيارة الدولة المقبلة لترامب في العام المقبل، وصف لامي الأمر بأنه سيكون «طلباً صعباً»، حيث إن تنظيم مثل هذه الزيارات يتطلب وقتاً طويلاً، مضيفاً: «لكن الحكومة عادةً ما ترغب في أن تكون سخية مع أصدقائنا الأمريكيين».
يشار إلى أنه خلال الحملة الانتخابية، تعهّد ترامب بزيادة الضرائب أو الرسوم الجمركية بشكل كبير على السلع الأجنبية المستوردة إلى الولايات المتحدة، وهو ما قد يؤثر على مليارات الجنيهات من صادرات المملكة المتحدة، بما في ذلك الويسكي الاسكتلندي، والمنتجات الصيدلانية، وأجزاء الطائرات.
اقرأ أيضاً: آلاف المتقاعدين مهددون وحزب العمال يخسر تصويت الوقود