بعد إطلاق حديقة الحيوان لسراح العناكب العملاقة بغرض الحفاظ عليها ومنع انقراضها، سجلت هذه العناكب رقماً قياسياً في التكاثر، وكانت حديقة حيوانات “تشيستر” (Chester Zoo) تعنى بتربية عناكب طوف المستنقعات لكنها أطلقت سراح الآلاف منها قبل عشر سنوات، في محاولة إنقاذ النوع الآيل للانقراض.
وفي بيانات صادرة عن الحديقة بينت أنّه يوجد اليوم أكثر من 10 آلاف أنثى عنكبوت قادرة على التكاثر في جميع أنحاء المملكة، وهو ما يعتبر رقماً قياسياً إذا ما تمت مقارنته مع الأعداد في السنوات السابقة، التي دفعت القائمين على المشروع إلى إطلاق آلاف العناكب في المملكة المتحدة قبل عشرة أعوام.
وتابعت الحديقة في بيانها الرسمي، إن عناكب طوف المستقنع التي تمت تربيتها في حديقة الحيوانات، قد شوهد من بينها أكثر من 10 آلاف أنثى قادرة على التكاثر، خلال أكبر موسم للتزاوج على الإطلاق.
وعلى الرغم من أنّ عنكبوت الطوف قد يبدو مخيفاً للبعض بسبب شكله وحجمه، إلا أنه في الحقيقة غير ضار على الإطلاق ويلعب دوراً هاماً وحيوياً في النظم البيبئة الصحية لاسيما المائية منها، وهو ما أكد عليه القائمون على مشروع العناية بعناكب طوف الماء في حديقة تشيستر.
وعن السبب في تسمية العناكب العملاقة بهذا الاسم فيعود السبب في التسمية إلى أنّ هذه العناكب برمائية، فهي تستطيع أن تجري على سطح الماء وغالباً ما يكون السبب الركض وراء فريستها واصطيادها.
إقرأ أيضاً: عناكب طوف المستنقعات تعود من الانقراض وتثير المخاوف
وتعتبر الميزة الأساسية لهذه العناكب أنها تجري خلف فريستها وتصطادها بدلاً من أن تنسج الشباك وتجلس في انتظار وقوع الفريسة فيه، ومن الميزات الخلقية التي يتمتع بها هذا النوع من العناكب، شعر الأرجل الذي يمنح العناكب العملاقة القدرة على استشعار أدنى الاهتزازات على سطح الماء، وبالتالي قدرة اصطياد أعلى.
ومن الأصناف المدرجة على لائحة طعام عناكب الماء ذباب اليعسوب، ويرقات اليعسوب أيضاً، إلى جانب أي يرقة سابحة على الماء، ومن المدهش في هذا النوع من العناكب أنه يتغذى بالأسماك والضفادع الصغيرة أيضاً، ما يمنحه ميزة تنافسية على بقية الأنواع من العناكب.
وكان الحدث المأساوي الذي دفع حديقة الحيوان للتدخل وإنقاذ العنكبوت المميز، هو تدمير الموطن الأصلي لهذا النوع من العناكب في الأراضي الرطبة، وكان ذلك قبل حوال 15 عاماً.
وكإجراء إسعافي، عمدت حديقة الحيوانات إلى تربية مئات من صغار العناكب في أنابيب اختبار، في إطار برنامج مشترك يهدف لإنقاذ وتربية العناكب الضخمة، وجاء هذا المشروع بالتعاون مع الجمعية الملكية لحماية الطيور.
وفي البيان الصادر عن الحديقة، قدمت فيه شرحاً للمرحلة الأولى من تربية العناكب، والتي قام فيها فريق مختص بإطعام مئات العناكب الصغيرة يدوياً، وكان الغذاء الوحيد لهذه المخلوقات الضعيفة الذباب الصغير باستخدام الملقط، واستمرت العملية يومياً لعدد من الأسابيع المتواصلة في منشأة للتربية الآمنة بيولوجياً لحين اجتياز العناكب الصغيرة هذه المرحلة من النمو والتي تعتبر الأولى والأصعب، وبلوغها مرحلة تستطيع خلالها الاعتماد على ذاتها.
إقرأ أيضاً: غزو العناكب نصائح لحماية منزلك واتباع الأساليب الفعالة
وأصبحت العناكب الصغيرة، عناكب قوية قادرة على العودة إلى موطنها الأصلي والاستمرار في دورة حياتها الطبيعية، وساعد في إعادة هذه العناكب الجهات المستركة في مشروع رعاية عناكب طوف المستنقعات، وبالفعل على مدار العشر سنوات المنصرمة، جرى إطلاق سراح المئات من العناكب العملاقة البالغة لتعيش في البرية وتستعيد حضورها الحيوي المطلوب منها.
وفي ذات السياق، قال “تيم سترودويك” (Tim Strudwick) المدير العام لموقع المحميات الطبيعية “آر إس بي بي ميد يار” (RSPB Mid Yare)، إنّ عنكبوت طوف المستنقع يصنف بكونه أحد اللافقاريات النادرة في المملكة المتحدة، مشيداً بالدور الذي لعبته المحمية الطبيعية والفرق العاملة فيها للحفاظ على حياة هذا العنكبوت وتوفير أسباب التعافي لسلالته الصغيرة.
وأشار سترودويك إلى الدور الهام لهذا النوع من العناكب في الحفاظ على التنوع المائي الغني الذي يتواجد في المحميات الطبيعية البريطانية، بمناطق خنادق الرعي، وعبّر عن مدى إعجابه بجمال الإناث وقال إنّ حجمهن مثالي وإنه لأمر مميز بالفعل رؤية هذه الإناث الضخمة والجميلة.
وبحسب الأرقام الصادرة عن الجمعية الملكية لحماية الطيور تقدر أعداد الإناث الجاهزة التكاثر بعشرة آلاف أنثى، وهو رقم توصلت إليه الجمعية بعد عدد من الأبحاث.
وفي الختام تجدر الإشارة إلى أن عنكبوت طوف المستقنع ليس النوع الوحيد من العناكب المزدهرة في بريطانيا، بل تمكنت أنواع أخرى من التكاثر في ظل أجواء الصيف الرطبة، ومن أبرز الأنواع المزدهرة عناكب الأرملة الكاذبة.