العنف ضد النساء، عنوان تصدر الصحف البريطانية بعد فشل الحكومة البريطانية الحالية في تطبيق الاستراتيجية التي تم وضعها منذ الحكومة السابقة (المحافظين) لخفض حالات العنف ضد النساء، إذ أظهرت تقارير إحصائية أنه تم تسجيل أكثر من مليون جريمة عنيفة ضد النساء والفتيات من قبل الشرطة في عامي 2022/2023، وفي نفس الفترة، ارتفعت حوادث الاغتصاب والاعتداء الجنسي على النساء والفتيات التي سجلتها الشرطة من 34000 إلى .123000، لتكون هذه الأرقام بمثابة إعلان حالة طوارئ وطنية في البلاد.
ضغوط كبيرة تتعرض لها حكومة ستارمر بعد عدم فعالية الاستراتيجية، وبعد تعهد رئيس الحكومة بخفض معدلات العنف ضد المرأة إلى النصف، في حين يشير مكتب التدقيق الوطني أن سيدة من كل 12 سيدة تتعرض للعنف، وأن الحكومة بحاجة إلى إعادة هيكلة الخطة الاستراتيجية الموضوعة، للوقوف على أسباب العنف ضد المرأة، وخصوصاً بعد الصعوبات التي واجهتها الخطة السابقة بالحصول على الموافقات الإدارية الحكومية التي إلى الآن لم تشكل لجنة إشرافية بالرغم من مرور عام كامل على وضع الخطة.
وقال جاريث ديفيز، رئيس مكتب التدقيق الوطني: “إن جهود الحكومة لمعالجة العنف ضد النساء والفتيات لم تحسن بعد النتائج لضحايا هذه الجرائم، إن الافتقار إلى نهج فعال عبر الحكومة والفهم المحدود لما ينجح في المساعدة في الحد من هذه الجرائم يعني أن وزارة الداخلية لا يمكن أن تكون واثقة من أن الحكومة تبذل قصارى جهدها للحفاظ على سلامة النساء والفتيات”.
والجدير بالذكر أن الخطة الاستراتيجية السابقة تم وضعها عقب قضية مقتل سارة إيفراري على يد شرطي في الشرطة البريطانية، وعُثر عليها مقتولة خنقاً، وجثتها محترقة في أحد أحراج كنت جنوب شرق إنكلترا على مسافة أمتار من أرض يملكها واين كوزنز بعد سبعة أيام من اختفائها.
اقرأ ايضاً: حكومة المملكة المتحدة تعتزم مراجعة التشريعات المتعلقة بالعنف ضد النساء
ومن جانب آخر، كانت قد طرحت الحكومة البريطانية الكراهية الشديدة للنساء (الميزوجينية) كشكل من أشكال الإرهاب للمرة الأولى في البلاد، مع دراسة الثغرات القانونية التي عن طريقها يفلت المجرم من العقاب، والأسباب التي تؤدي للعنف ضد النساء، ودراسة البيئة الفكرية التي تؤدي إلى هذه الكراهية، لإدراج الحالات ضمن برنامج برينفيت الخاص بالأرهاب.
إلا أنه كشفت إحدى المصادر المطلعة أن وزيرة الداخلية إيفيت كوبر سترفض نصيحة من مسؤولي الوزارة بتوسيع تعريف التطرف ليشمل كراهية النساء ونظريات المؤامرة، وتعتقد أن وزارة الداخلية يجب أن تستمر في تركيزها على العنف الديني واليمين المتطرف، والذي يشكل حالياً الغالبية العظمى من قضايا الإرهاب.
وكانت قد حذرت وزارة الداخلية البريطانية من ما يُعرف بـ “إنسل”، اختصار لمصطلح “العزوبة غير الطوعية”، والذي يعد ضمن فئات للتطرف مصنفة من قبل وزارة الداخلية كمجالات “مثيرة للقلق”.
ويشير هذا المصطلح إلى ثقافة فرعية ذكورية على الإنترنت، إذ يتبنى أفرادها وجهات نظر عدائية تجاه النساء، ويميل هؤلاء الرجال إلى إلقاء اللوم على النساء لعدم قدرتهم على إقامة علاقات عاطفية أو جنسية، مما يؤدي إلى تطوير مشاعر سلبية وأحياناً عنيفة تجاههن.
ويبدو أن الحكومة البريطانية واعية لهذه التصرفات، فقد حذر ضابط شرطة كبير من أن المؤثرين على الإنترنت من أمثال أندرو تيت، يمكن أن يسهموا في دفع الذكور نحو كراهية النساء بنفس الطريقة التي يجذب بها الإرهابيون أتباعهم، بينما قالت نائبة رئيس الشرطة ماغي بلايث القائدة الوطنية لشرطة مكافحة العنف ضد النساء والفتيات “إن قانون السلامة عبر الإنترنت يحتاج إلى الذهاب أبعد من ذلك وأنه ينبغي اتخاذ إجراءات أسرع لحماية الأطفال، فالإنترنيت يساهم في بناء عقلية ذكورية متكرفة اتجاه النساء”.
والجدير بالذكر أن المؤثر أندرو تيت ينتظر حالياً المحاكمة في رومانيا بتهم الاغتصاب والاتجار بالبشر وتشكيل عصابة إجرامية لاستغلال النساء جنسيا، وهو ينفي التهم، وقد حذر العاملون في مكافحة التطرف إلى تزايد أعداد الفتيان الذين يتم إحالتهم من قبل المدارس بسبب تأثير تيت، وشملت الحوادث المضايقات اللفظية للمدرسات أو الطالبات الأخريات، إلى جانب نوبات غضب وتصرفات متهورة تعكس وتردد آراء المؤثر المتطرف.
الآن الحكومة البريطانية تعتزم تصنيف الأشخاص غلى قوائم التطرف بحسب السلوكيات والأنشطة، وليس بحسب الإيديولوجيات والأفكار التي يعتمدها الشخص، متجاهلةً تماماً أن أفكار اليوم هي سلوكيات الغد.
اقرأ أيضاً: سارة الشريف ضحية العنف والمحكمة البريطانية تقول كلمتها