الفنانة السورية كارمن توكمه جي "لأرابيسك لندن": الفن طريقتي للتواصل مع العالم
تابعونا على:

إخترنا لكم

الفنانة السورية كارمن توكمه جي “لأرابيسك لندن”: الفن طريقتي للتواصل مع العالم

نشر

في

494 مشاهدة

الفنانة السورية كارمن توكمه جي "لأرابيسك لندن": الفن طريقتي للتواصل مع العالم

تُعد كارمن توكمه جي ظاهرة فنية فريدة من نوعها، فهي فنانة شاملة تُجيد مختلف أنواع الفنون بشغف لا ينحصر في تخصص واحد، بل ترى فيه رسالتها السامية للتواصل مع العالم.

يُضفي تنوع أعمال كارمن روحيتها المميزة على كل تفصيل، ما يؤكد عمق موهبتها التي صقلتها بعناية أكاديمية، لتُصبح إحدى الملهمات في المعهد العالي للموسيقى، إضافة إلى عبق فنها المستقل.

فكارمن هي المغنية بصوتها العذب، وملحنة أغنياتها، ومديرة أعمال نفسها، والمدربة والمدرسة في مجالات الفنون، التي لم تسعَ إلى الشهرة، بل فرضتها عليها محبةٌ واسعة من الجمهور، تقديرًا لفنّها الراقي الذي يحتضن مشاعره وثقافته، ويسير على إيقاع أمنياته وماضيه وحاضره.

في هذه المقابلة، تتحدث كارمن مع “أرابيسك لندن” عن شغفها الفني وبداياتها في التدريس بالمعهد العالي للموسيقى، وتُلقي الضوء على أبرز النقاط في شخصيتها، وأسباب نجاحها، والتحديات التي تواجهها، وتواجه الفنّ الراقي في ظلّ سلطة المال وشهرة اليوم الواحد.

حوار كارمن توكمه جي لأرابيسك لندن

حاورتها: بيداء قطليش

  •  كيف تصفين نفسكِ كفنانة؟ وكيف بدأتِ رحلتكِ في الغناء؟

لا أستطيع أن أُحصر نفسي في تعريف مغنية، فالموسيقى هي عالمي الذي أعيشه بكل تفاصيله.

أُلحن أعمالي، وأُشارك في صياغة موسيقاها مع نخبة من الموسيقيين، وأُقدم الدعم للمغنيين الآخرين لتطوير أصواتهم واكتشاف هويتهم الموسيقية، بالإضافة إلى إدارة أعمالي بنفسي.

أنا فنانة شغوفة بجميع أشكال الفن، وأقدم إبداعاتي لإرضاء ذاتي كإنسان لا يجد وسيلة للتعبير عن مشاعره وأفكاره أفضل من الفن.

لعائلتي الفضل في زرع حب الموسيقى في قلبي، فوالدي مستمع موسيقي مُحنّك، ومازلت أستشيره في كل ما يتعلق بالموسيقى حتى اليوم، على الرغم من عدم دراسته لها.

أما أمي، فقد آمنت بأهمية تعلم الموسيقى منذ الصغر بالتوازي مع الدراسة، وهكذا بدأت رحلتي مع آلة الغيتار.

أما جدتي، فقد كانت تملك صوت جميل، لم أكن أعلم أني قد ورثته عنها إلى أن تم اكتشاف صوتي على يد عرّابي الموسيقي الأستاذ الراحل حسام الدين بريمو الذي آمن بصوتي وعلمّني قراءة الموسيقى والغناء تحضيراً لدخول المعهد العالي للموسيقى حيث قمت بدراسة الغناء الكلاسيكي والأوبرالي لتكون هذه الخطوة بداية مسيرتي في احتراف الغناء.

  • ما هي الأشياء التي تُلهمكِ في عملك الفني؟

الإلهام شعلة لا تنطفئ، لا تقيدهُ حدود الزمان أو المكان، ولا يُحصر في سبب محدد.

قد يولد من ذكرى عابرة، أو شعور عميق، أو شخص مُلهم، أو أي شيء آخر يُلامس شغاف الروح.

دمشق هي مُلهمتي، فكلما اشتقت إليها، وجدتُ نفسي أكتب لها وعنها، وكأنّ كلماتي تُصبح ألحانًا تُعبّر عن مشاعري.

وعندما أقول “دمشق” لا أقصد المكان بحد ذاته، بل أقصد كل ما يرتبط به من ذكريات وأشخاص ومشاعر.

دمشق هي الحُب والحزن والوحدة، هي المعاناة التي تُشعل جذوة الإبداع، وتُلهم الكلمات لتُصبح قصائد وأغاني.

اقرأ أيضًا: أرابيسك لندن تحاور الناشطة الانسانية زينب سلبي: أؤمن أن الحب والأمل أقوى من الخوف والحروب

  • واجهتِ العديد من التحديات في مسيرتكِ الفنية كيف تمكنتِ من التغلب عليها؟

التحديات هي رفيقة درب أي فنان، وتشكل جزءًا لا يتجزأ من مسيرته الفنية.

حياتي الفنية، كغيرها من حياة الفنانين، مليئة بالتحديات التي واجهتها بكل عزيمة وإصرار.

عملت جاهدة لأثبت لنفسي أولاً، ثم للعالم، أنني قادرة على تحقيق النجاح من لا شيء.

تحديتُ المجتمع عندما وضعتُ شهادة الصيدلة جانبًا، واخترتُ الغناء مهنةً ورسالةً في الحياة.

استلهمتُ من صعوبات الحياة دافعًا للإبداع، فجعلتُ من تجاربي مادة لأعمالي الفنية.

لكن التحدي الأكبر الذي أفخر به هو كوني فنانة مستقلة وملتزمة بمبادئي.

قد يُعيق هذا الالتزام الإنتاج أحيانًا، ويجعلني أخطو بخطوات بطيئة، بعيدًا عن صخب الشهرة وسرعتها.

لكنّ هذا التحدي يمنحني شعورًا عميقًا بالرضا عن كل ما قدمته وسأقدمه في المستقبل.

  •  ما هي الأغنية التي تعتقدين أنها كان لها التأثير الأكبر على مسيرتكِ الفنية؟

هناك أغنيتان من الأغاني التي قدمتها كانتا نقطتي تحول في مسيرتي الفنية، وفتحتا أبوابًا جديدة لم أتوقعها.

الأغنية الأولى هي شارة مسلسل “ضبو الشناتي” بعنوان سفرني عأي بلد” من كلمات الشاعر إياد الريماوي.

صدرت هذه الأغنية في وقت حساس، وساعدت في التعريف بي كمغنية موهوبة على الساحة الفنية.

أما الأغنية الثانية فهي أغنيتي الخاصة الأولى “نقلّ فؤادك” التي لحنتها بالتعاون مع أخي برنارد توكمه جي.

مثّلت هذه الأغنية نقطة البداية لمشروعي الفني المستقل، وأكّدت على أنني لست مجرد مغنية، بل فنانة ذات رؤية فنية واضحة.

من خلال هاتين الأغنيتين، اكتسبتُ ثقة أكبر بنفسي وبقدراتي، ووضعتُ خطواتي الأولى على طريق النجاح.

اقرأ أيضًا: عميدة المسرح السعودي ملحة عبدالله لأرابيسك لندن: ولي العهد هو صانع الرؤية ومبدعها.. وكل الخيارات مفتوحة لنرى تحت كل حجر مسرحاً

  •  أخبرينا عن ألبومكِ “بلا سلام”، ولماذا اخترتِ هذا العنوان، وما هي الرسالة التي تريدين إيصالها من خلال هذا الألبوم؟

“بلا سلام.. ألبوم موسيقي قصير يُعبّر عن رحلة البحث عن السلم الداخلي.

يضم الألبوم ٦ أغاني مصوّرة باللهجة السورية، تتميز بتنوعها الموسيقي بين الجاز والروك والكلاسيكي.

وتختلف هذه الأغاني عن أعمالي السابقة من حيث اللغة واللحن والأسلوب، وتُعبّر عن تجاربي الشخصية ومشاعري الداخلية.

شاركني في الإنتاج الموسيقي كل من برنارد توكمه جي وناريغ عباجيان، بينما تولّى المصور عمرو لقموش تصوير الأغاني.

اخترتُ اسم “بلا سلام” عنوانًا للألبوم، تعبيرًا عن الصراع المستمر للبحث عن السلم الداخلي الذي تُجسّده كل أغنية.

أرى أن هذا الألبوم يُشكّل علامة فارقة في مسيرتي الفنية، فهو مختلف عن كل ما قدمته سابقًا، وعن السائد في الساحة الموسيقية السورية حاليًا.

يتميز الألبوم بارتباطه الوثيق بالواقع، حيث أُقدّم لأول مرة أغانٍ من كلماتي تتحدث عن تجاربي الشخصية ومشاعري، مُترجمةً خواطرَ تبلورت على مرّ السنين إلى أغانٍ متكاملة.

تُلامس مواضيع الألبوم الواقع الحالي، وتتناول الحياة اليومية للإنسان والتحديات والأفكار التي يواجهها.

  • هل لديكِ أي تعاونات فنية مع فنانين آخرين؟

أنا أؤمن بأهمية التعاون بين الفنانين، فالتعاون عادة ما يظهر نتائج جميلة وغير متوقعة، تعاوني القادم لن يكون مع أحد المغنيين بل سيكون مع واحد من أهم الملحنين والموسيقيين في العالم العربي الأستاذ رعد خلف الذي أفتخر بالعمل معه.

  •  هل لديكِ خطط للتوسع في مجالات أخرى غير الغناء، مثل التمثيل أو الكتابة؟

في الوقت الحالي، ينصب تركيزي الكامل على الموسيقى.

لكن إذا سنحت لي الفرصة لتجربة مجال مختلف، فسأقوم بدراسته وتقييمه بعناية، وقبوله إن كان مُناسبًا لميولي وقدراتي.

اقرأ أيضًا: د. مادان كاتاريا لـ أرابيسك لندن: يوجا الضحك تصنع السعادة وتعزز صحة العقل والجسم وتحفز القوى العاملة على زيادة الإنتاج

  • هل تعتقدين أن الغناء بالفصحى لا يزال يحظى بشعبية بين الشباب؟ وما هي الصعوبات التي تواجهها المطربات اللواتي يغنين بالفصحى؟

يُخطئ البعض في ظنّه أنّ الغناء باللغة العربية الفصحى غير مُستساغ عند جيل الشباب.

لكنّ الواقع يُثبت عكس ذلك، فهناك جمهور كبير يُحبّ هذا النوع من الفن، ويتفاعل معه بشكلٍ لافتٍ على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الحفلات.

أواجهُ بعض الصعوبات في مسيرتي الفنية، سواء في الغناء باللغة الفصحى أو في أيّ نمطٍ مرتبط بالموسيقى الملتزمة.

أهمّ هذه الصعوبات هو عدم تلقي الدعم من أيّ شركة أو جهة، بينما تُصبّ جميع شركات الإنتاج دعمها لأنماط موسيقية مختلفة تُلقى رواجًا أكبر في الوسط الشعبي.

لكنّني أؤمنُ بأنّ الفنّ الهادف والمُلتزم هو رسالةٌ سامية، ويجبُ على الفنان السعي لتقديمها بكلّ عزيمة وإصرار.

  •  هل لديكِ خطط لتجربة أنواع موسيقية جديدة في المستقبل؟

بالرغم من دراستي للموسيقى الكلاسيكية والموسيقى الشرقية إلاّ أنني كبرت في عائلة مُحبّة للموسيقى، ونشأتُ على سماع مختلف أنماطها، من الموسيقى الكلاسيكية إلى الموسيقى الشرقية، مرورًا بموسيقى الجاز، والروك، والموسيقى البديلة، وغيرها.

وأثر هذا التنوع في ذوقي الموسيقي، وجعلني أُقدّر جميع أنواع الموسيقى وأستمتع بها.

وسيظهر هذا التنوع بشكلٍ جليّ في أغاني ألبوم “بلا سلام”، حيث يمزج بين مختلف الأنماط الموسيقية لخلق تجربة موسيقية فريدة من نوعها.

  • كيف تعتقدين أن الموسيقى يمكن أن تلعب دوراً في تغيير الواقع أو نشر الوعي؟ وما هي الرسالة التي تحاولين إيصالها من خلال موسيقاكِ؟

الفنان الحقيقي هو من يُلامس مشاعر جمهوره ويُعبّر عن أفكاره بصدقٍ وإبداع، ليُصبح صوتًا يُمثلهم ويُترجم أحلامهم وآلامهم.

في السنوات الأخيرة، عشتُ صراعًا داخليًا عميقًا أثار في نفسي مشاعر متناقضة، سعيتُ لتوثيقها بأفضل طريقة أعرفها، وهي الغناء.

ولذلك، آمل أن يكون ألبومي القادم مختلفًا عن كل ما قدّمته سابقًا، فهو وسيلة للتواصل مع كلّ من يشبهني في هذا العالم، لنغني معًا عن الحبّ، والوحدة، والندم، وعن الأشياء البريئة التي فقدناها في زمن السرعة.

سأغني في هذا الألبوم عن الناس البسطاء، فأنا واحدة منهم ولا أغني إلا لهم، على أمل أن يصبح صوتي أداة لكلّ من لم يبقَ له صوت.

  • ما هي نصيحتكِ  للشباب الذين يطمحون للدخول إلى عالم الفن والموسيقى؟

يُعدّ عالم الفنّ عالمًا ساحرًا، لكنّه مليء بالتحديات والصعوبات.

نصيحتي هي العمل من أجل الفنّ والتميز فيه، لا من أجل اللحاق بالموجات العابرةالتريند.

فالشهرة زائلة، وتُمكنها أن ترفع الفنان أو تخفضه في لحظة واحدة، بينما الفنّ الحقيقي هو الذي يبقى خالداً لسنواتٍ طويلة.

اقرأ أيضًا: أرابيسك لندن تحاور المغنية ريمي بندلي: الموسيقى رسالة أمل وسلام 

  • كيف تتعاملين مع الانتقادات والتعليقات السلبية على أعمالك؟

للأسف، يواجه الفنانون في الوقت الحالي ظاهرة مقلقة، وهي ازدياد النقد الشخصي الذي لا يرتبط بأعمالهم الفنية.

ويُشكل هذا النوع من النقد ضغطًا كبيرًا على الفنان، كونه يُركز على حياته الشخصية وشكله وملبسه وتصريحاته وعائلته بدلًا من تقييم إبداعه.

أُشارك أحيانًا بعض الصور من حياتي الشخصية، لكنني أحاول جاهدة الحفاظ على خصوصية جزء كبير منها ومن عائلتي.

أؤمن بأنّ الفنّ يجب أن يُعبّر عن الفنان نفسه قبل الجمهور، كوني شخصًا شديد الدقة والانتقاء في اختياراتي.

إرضاء الجميع أمرٌ مستحيل، لكنّ الفنان عندما يكون راضيًا عمّا يقدمه يصبح قادرًا على تقبل النقد الفني بصدرٍ رحب دون أن يتأثر سلبيًا به.

أنا سعيدة جدًا لأنني نادراً ما أجد تعليقات سلبية على أعمالي، وفخورة بجمهوري وكل من يتابعني، فلم ألقى منهم سوى الاحترام والدعم الدائم.

  • هل يوجد أي نوع موسيقي تحبين استماعه بصفة خاصة خارج نوعية موسيقاكِ الخاصة؟

لا ينحصر شغفي بالفنّ في كوني فنانة تُقدّم نمطًا موسيقيًا خاصًا، بل يمتدّ ليشمل الاستماع إلى مختلف أنواع الموسيقى.

فأنا نشأتُ على سماع موسيقى الروك بفضل والدي، وحفظتُ أغاني التراث، وأعشق موسيقى الرحابنة، وأغني بلغاتٍ مختلفة تصل إلى 15 لغة.

درستُ الغناء الأوبرالي ثمّ الشرقي، وهذا التنوع في الدراسة والاستماع يُجعلني منفتحةً ومتقبلةً لأيّ نمط أو تجربة جديدة لتقديمها.

  • هل لديكِ أي خطط للمشاركة في حفلات أو فعاليات دولية في المستقبل القريب؟ وما هو أكثر شيء كنتِ ترغبين في تحقيقه في حياتكِ المهنية؟

ينصبّ تركيزي حاليًا على إطلاق ألبومي، الذي تأخر صدوره لعدة ظروف قاهرة.

بالإضافة إلى أنني أُسعى بشكلٍ دائم إلى إقامة الحفلات والمشاركة في المهرجانات الكبرى.

اقرأ أيضًا: أرابيسك لندن تحاور الفنان محمد شحادة: موسيقا ساحرة من دمشق إلى العالم

X