اللافتات الزرقاء السبعة على عقارات بريطانية كانت الشاهد الأخير على جرائم القتل التي وقعت فيها، الضحية امرأة قتلت على يد رجل، تلقى عقوبة مخففة، دفعت أصواتاً بريطانية للمطالبة بتعديل القوانين المعادية للنساء.
لوحات زرقاء مستديرة عليها بقع سوداء ومكتوب عليها باللون الأبيض، في أعلى اللوح اسم المرأة بأحرف كبيرة تحته مباشرة نقش تاريخ الميلاد وتاريخ الوفاة، لتكون اللوحة بمثابة شاهدة قبر، وفي السطر التالي عبارة تهز الضمير “هنا قتلت” (killed here)، وعمرها لحظة القتل، وتذيل الشاهدة المدورة بالحكم الصادر بحق القاتل، وعبارة مخاطبة أخرى نصها؛ “جريمة القتل تبقى جريمة قتل، غيّروا القانون” (Murder is murder, change the law).
حملة اللافتات الزرقاء أطلقتها منظمة “كيلد وومان” (Killed Women)، وهي عبارة عن تجمع يضم أسر الضحايا المقتولين، من أمهات وبنات وأخوات، قتلوا على يد الرجال، وهدف الحملة الحالية دعوة حكومة حزب العمال للمحافظة على التزام حكومة حزب المحافظين بتغيير القانون، وهنا تجدر الإشارة إلى أطول مدة يقضيها الرجل الذي يقتل امرأة داحل المنزل وهي 10 سنوات، كمدة مخفضة عن تلك التي يتلقاها الرجل عند قتلها خارج المنزل.
اللوحات المعلقة حالياً على العقارات التي شهدت جرائم القتل، ستنتقل إلى “ويستمنستر” (Westminster) الثلاثاء القادم، على يد عائلات الضحايا، الذين سينقلون الحملة إلى هناك ويلتقون بأعضاء في البرلمان البريطاني، ومن بينهم “كارولين تيكوس” (Caroline Nokes) و”جيس فيلبس” (Jess Phillips) و”ألكس ديفس جونز” (Alex DaviesJones) و”جودي جوسلينج” (Jodie Gosling).
وفي تصريح لمنظمة “كيلد وومان”، جاء فيه أنّ المملكة المتحدة تشهد قتل امرأة على يد رجل كل ثلاثة أيام، وفي الغالبية تقتل هذه النسوة على أيدي أشخاص يعرفونهم، وعادة ما تكون طريقة القتل مروعة، وتتسم بالعنف المفرط، لكن بالرغم من ذلك يتفاجئ الأهالي بالحكم الصادر والذي لا يتجاوز العشر سنوات، ما يجعلهم يعيشون الصدمة بأن حياة أحبائهم لا تستحق أكثر من ذلك.
ووجهت المنظمة دعوة لحكومة حزب العمال، ممثلة برئيس الوزراء السير كير ستارمر، ووزيرة العدل شابانا محمود بضرورة إدراج مسألة تعديل القانون المتعلق بقضايا العنف والقتل الموجهة للمرأة على جدول أعمالها عند العودة من العطلة الصيفية، لاسيما أنّ حزب المحافظين كان قد أعلن في وقت سابق عن مراجعة، في البيان الانتخابي للعام 2024، أكد فيه أن السقف الأعلى للأحكام الصادرة والمتعلقة بهذا النوع من الجرائم سيرتفع إلى 25 عاماً على الأقل.
وكانت الحملة انطلقت بعد أن شرعت كل من “جولي ديفي” (Julie Devey) و”كارول جولد” (Carole Gould) مؤسستا المنظمة حملة من أجل التغيير بعد مقتل ابنتيهما “بوبي ديفي ووتر هاوس” (Poppy Devey Waterhouse) 24 عاماً و”إيلي جولد” (Ellie Gould) 17 عاماً، من “كالن” (Calne) في “ويلتشاير” (Wiltshire) على يد عشيقيهما السابقين.
وتظهر على اللوحات المعدنية صورة للزوجين، أمّا اللوحات التذكارية الأخرى فهي تخلد ذكرى “جويل بوتشر” (Julie Butcher) 25 عاماً، من “سويندون” (Swindon)، و”إلينور أوبراين” (Elinor O’Brien) 22 عاماً، من “مانشستر” (Manchester)، و”جان مصطفى” (Jan Mustafa) 38 عاماً من لندن، و”ميجان نيوبورو” (Megan Newborough) 23 عاماً من “نونيتون، وارويكشاير” (Nuneaton, Warwickshire)، و”كلير تافينر” (Claire Tavener) من “نيلسيا، سومرست” (Nailsea, Somerset).
وأعربت منظمة حملة اللافتات الزرقاء جولي ديفي عن استيائها من الحكم الصادر بحق من يرتكب جريمة قتل بحق امرأة داخل المنزل، ووصفته بغير العادل، وأنه يشكل إهانة للضحايا وأسرهم، خاصة أنّ الجريمة ذاتها يعاقب عليها القانون بعقوبة أشد في حال جرت في مكان عام خارج المنزل، معتبرة أن تلقي الجاني لحكم يقل عن 10 أعوام أمر غير مقبول على الإطلاق، وأنها إهانة كاملة الأركان ويجب أن يتم وضع حد نهائي لها، وأنّ المحاسبة يجب أن تكون منوطة بالفعل الجرمي بحد ذاته، دون أن تكون مرتبطة بمكان وقوعه، سواء في المنزل أم خارجه.
وشدد القائمون على حملة اللافتات الزرقاء، بأنّ حملتهم الحالية رمزية، وتسعى للتأثير على مجلس العموم البريطاني ودفعه للمضي قدماً، والتحرك لتعديل القانون، على الرغم من أنّ ذلك لن يسهم في إعادة الأحباب إلى ديارهم، لكنه سيكون بمثابة عزاء لأسر الضحايا، عندما يعلمون أن العدالة قد أخذت مجراها.
وفي الختام يبدو أن مهاماً ثقيلة تقع على كاهل الحكومة البريطانية المنتخبة، إذ وجد حزب العمال نفسه منذ انتخابه في مواجهة عدد غير محدود من القضايا المعلقة والملفات الشائكة التي تحتاج من ينهض بها على كافة المستويات بمسؤولية ووعي في ظل ترقب بأن يعاود الشارع الانفجار من جديد.