المملكة المتحدة في 2018.. ضباب كثيف يحجب الرؤية السياسية
تابعونا على:

إخترنا لكم

المملكة المتحدة في 2018.. ضباب كثيف يحجب الرؤية السياسية

نشر

في

988 مشاهدة

المملكة المتحدة في 2018.. ضباب كثيف يحجب الرؤية السياسية

بعد أن تركت وراءها عامًا تصدرت فيه أنباء الهجمات الإرهابية وعملية الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست) العناوين الرئيسة لوسائل الإعلام، استقبلت المملكة المتحدة عامًا محملاً بالغموض السياسي.

وخسرت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، الأغلبية في مجلس العموم (إحدى غرفتي البرلمان)، خلال انتخابات مبكرة، في أبريل الماضي، كانت أعلنتها بدافع الأمل في تشكيل حكومة “قوية ومستقرة” تكون لها اليد العليا في مفاوضات “بريكسيت”.

وبقيت ماي في منصبها فقط بفضل ما يسمى بـ”اتفاق العرض والثقة” مع أعضاء أيرلندا الشمالية في البرلمان، البالغ عددهم 10 أعضاء.

وبعد الفشل في الفوز بـ 326 مقعدًا، شكل حزب المحافظين (حزب ماي) مع الحزب الديمقراطي الوحدوي (الأيرلندي الشمالي المؤيد للتاج البريطاني) حكومة أقلية.

لكن هذه الحكومة أثبت هشاشتها عندما أوقف الحزب الأكبر في أيرلندا الشمالية صفقة تمثل “تقدمًا كافيًا” في محادثات الطلاق مع الاتحاد الأوروبي.

وبسبب اعتراضات الحزب الديمقراطي الوحدوي على بنود بشأن ترتيبات الحدود المستقبلية بين أيرلندا وأيرلندا الشمالية تعين الانتظار أسبوعًا قبل إعلان الاتفاق؛ ما يدل على اعتماد الحكومة على أصوات هذا الحزب عند صياغة إستراتيجيات خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.

وبعد الهزيمة الانتخابية المفاجئة والكارثية تلقت “ماي” صفعة إضافية عندما فقدت حكومتها ثلاثة أعضاء رئيسين في الأشهر الأخيرة من 2017.

فقد استقال وزير الدفاع، مايكل فالون، ونائب رئيسة الوزراء، داميان غرين، على خلفية مزاعم تحرش جنسي.

كما استقالت وزيرة التنمية الدولية، بريتي باتل، عندما طفت على السطح أنباء عقدِها اجتماعات مع مسؤولين إسرائيليين دون علم الحكومة البريطانية.

الخروج من الاتحاد الأوروبي

سيتم استئناف محادثات “الطلاق” بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي في الربع الأول من 2018، مع انطلاق المرحلة الثانية، بالتركيز على العلاقات التجارية المستقبلية بين الجانبين.

وانتهت المرحلة الأولى، التي استمرت حوالى تسعة أشهر، أواخر ديسمبر الماضي، بعد أن أعلن الاتحاد أن هناك “تقدمًا كافيًا” حول ثلاث قضايا رئيسة، وهي: حقوق المواطنين، والتسوية المالية، ومستقبل الحدود الأيرلندية.

مع ذلك، ورغم الضمانات الثابتة على “مشروع قانون الطلاق” والحدود الأيرلندية، فإن ما ستدفعه المملكة المتحدة للاتحاد من أجل التسوية النهائية وكيف ستوفر “حدود سلسلة” في أيرلندا هي أمور لا يزال يتعين توضيحها من جانب المملكة المتحدة المؤلفة من: إنجلترا، واسكتلندا، وويلز، وأيرلندا الشمالية.

ودفعت إشاعات بأن تبقى أيرلندا الشمالية في السوق الأوروبية الموحدة والاتحاد الجمركي مع الاتحاد الأوروبي كلًا من أسكتلندا وويلز إلى المطالبة بترتيبات مماثلة لنفسيهما.

وحذت العاصمة لندن، التي تستضيف مؤسسات مالية عديدة، هذا الحذو بدافع القلق من أن تفقد مركزها بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وستركز المرحلة الثانية من المحادثات على الترتيبات المالية والتجارية بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي.

لكن من المتوقع أن تكون المحادثات أكثر صعوبة في هذه المرحلة، إذ تأمل المملكة المتحدة في الضغط لتوقيع اتفاق تجاري مربح مع الاتحاد، وهو مطلب لن يكون سهلًا، وفقًا لمسؤولين في الاتحاد الأوروبي.

ضعف سلطة “ماي“

ومنذ تشكلت عملية خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، بتفعيل المادة الـ 50 من معاهدة لشبونة، يرافق هذه العملية مصطلحان باتا بمثابة وجهين لعملة واحدة، وهما: “البريكسيت السهل” و”البريكسيت الصعب”.

و”البريكسيت السهل” يحدد طبيعة العلاقة المستقبلية بين لندن وبروكسل، بما يتضمن من ترتيبات لبقاء المملكة المتحدة في السوق الأوروبية الموحدة والاتحاد الجمركي.

أما “البريكسيت الصعب” فيتعلق بعلاقات مستقبلية مع الاتحاد الأوروبي لا توجد بها أي مزايا كانت تنطوي عليها العضوية، وينصب الأمر على الاتفاقات التجارية الجديدة مع الاتحاد.

ومنذ استفتاء عام 2016 بشأن الخروج من الاتحاد الأوروبي تنخرط “ماي” في صفحة “البريكسيت الصعب”، لكنها كانت عالقة بين الحزب الديمقراطي الوحدوي ونواب حزبها، الذين يرغبون في رؤية سياسة خروج سهلة من الاتحاد.

وفي تصويت رئيس، خلال ديسمبر الماضي، هُزمت “ماي” بأصوات 11 نائبًا “متمردًا” من حزبها المحافظين؛ ما يعطي مجلس العموم صوتًا في اتفاق “البريكسيت” النهائي، على خلاف ما كانت ترغب فيه “ماي”.

ومن المتوقع أن تكتمل عملية خروج المملكة المتحدة من الاتحاد في مارس 2019، إذ ينبغي أن تنتهي المفاوضات خلال عامين من بدء تفعيل المادة الـ 50 من معاهدة لشبونة.

ومع ذلك، فإن هذه الخطة تقدم جدول عمل ضيقًا للغاية، إذ سيحتاج الاتفاق النهائي إلى التصديق من مجلس العموم والموافقة من القادة الأوروبيين بحلول نهاية عام 2018.

انقسام حول “البريكست“

واستنادًا إلى استطلاع للرأي أجرته، أخيرًا، صحيفة “إندبندنت” البريطانية، فإن الانقسام بين البريطانيين حول “بريكسيت” لا يزال مستمرًا.

ويرغب 51٪ ممن شملهم الاستطلاع في البقاء بالاتحاد الأوروبي. بينما يؤيد 41% الخروج من الاتحاد، فيما لم يتخذ 8% قرارًا بعد.

والاستطلاع أظهر تحولاً في نسبة من يريدون البقاء في الاتحاد، إذ جاءت النسبة مرتفعة مقارنة باستفتاء 2016.

ورغم وجود عدد من أعضاء البرلمان، الذين يرغبون في البقاء في الاتحاد، فإن حزب المحافظين البارز وحزب العمال المعارض يصران رسميًا على ضرورة احترام نتيجة استفتاء 2016، وأن تغادر المملكة المتحدة الاتحاد بعد عضوية استمرت 44 عامًا.

ويبدو أن السبيل الوحيد للتراجع عن “البريكسيت” يعتمد على تطورات غير عادية، مثل: انهيار الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة أو إجراء استفتاء ثان على الأرجح.

ويمكن أن تغير نتيجة أي انتخابات مبكرة المشهد السياسي، إذ فاز حزب العمال بعدد أكبر من أصوات الناخبين فى انتخابات يونيو الماضي.

وكان فوز زعيم الحزب، جيريمي كوربين، الانتخابي أربك الخبراء الذين يرونه سياسيًا يساريًا متطرفًا.

ولا تزال إمكانية أن يصبح كوربين رئيسًا مقبلاً لوزراء بريطانيا أمرًا محتملًا إذا تمت الدعوة إلى انتخابات مبكرة.

الهجمات الإرهابية

وفي عام 2017 قتلت خمس هجمات 36 شخصًا في مدينتي لندن ومانشستر؛ ما دفع إلى رفع مستوى التهديد الإرهابي إلى أقصى حد، وتم نشر قوات من الجيش لتوفير الأمن.

ونفذت أجهزة الأمن عمليات عديدة في جميع أنحاء المملكة المتحدة حتى نهاية عام 2017، وتم اعتقال العديد من المشتبه فيهم لاستجوابهم.

لكن يبدو أن الخطر لم ينته في العام الماضي، إذ حذر مدير جهاز الاستخبارات الداخلية البريطاني، أندرو باركر، في مقابلة تلفزيونية، البريطانيين من هجمات محتملة في 2018.

زيارة ترامب

وثمة أزمة أخرى من المحتمل أن تواجهها المملكة المتحدة في 2018، فمن المرجح خروج احتجاجات واسعة النطاق في جميع أنحاء البلاد، رفضًا لزيارة من المقرر أن يقوم بها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب.

وقد دُعي ترامب، الذي لا يحظى بقبول كبير بين البريطانيين، إلى المملكة المتحدة من جانب ماي عند زيارتها واشنطن.

ووقع نحو مليوني بريطاني على عريضة تدعو البرلمان إلى إلغاء هذه الزيارة، لكن الحكومة قالت إنه تم تقديم الدعوة، وإن الزيارة ستمضي قدمًا.

كما رفض سياسيون هذه الزيارة، وقال رئيس البرلمان، جون بيركو، إنه لن يدعو ترامب إلى مجلس العموم ليخاطب أعضاءه.

وكان تم تأجيل زيارة ترامب، بعد أن كانت مقررة في الصيف الماضي، ومن المحتمل أن يزور لندن لافتتاح مبنى السفارة الأمريكية الجديد أوائل 2018.

وبدأ رد الفعل البريطاني الرافض لترامب في وقت مبكر، مع قراره المثير للجدل بحظر سفر مواطني دول ذات أغلبية مسلمة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما اعتبره منتقدون عنصرية ضد المسلمين.

وبلغ الأمر ذروته بعد أن أعاد ترامب نشر تغريدات تتضمن مقاطع فيديو معادية للمسلمين من جانب منظمة يمينية متطرفة تسمى “بريطانيا أولًا” ووصفت “ماي” هذا التصرف بأنه “خطأ”، لكنها استبعدت إلغاء زيارته للمملكة المتحدة.

إترك تعليقك

إترك تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

X