توفي طفل يبلغ من العمر عاماً واحداً في مستشفى في العاصمة البريطانية لندن إثر قرار المحكمة العليا بإيقاف علاجه وسحب أجهزة التنفس الصناعي، وذلك بما يعرف بظاهرة الموت الرحيم في بريطانيا .
وفي التفاصيل توفي الطفل آيدن براقي في مستشفى غريت أورموند ستريت في العاصمة السعودية لندن، بعد قرار المحكمة العليا إيقاف علاجه وسحب أجهزة التنفس الصناعي التي كانت تبقيه على قيد الحياة، حيث كان يعاني مرضاً عصبياً عضلياً نادراً دون وجود علاج، وهو ما جعله يعيش على الأجهزة الطبية منذ كان عمره 3 أشهر وحتى وفاته.
وفاة الطفل البريطاني أثار جدلاً واسعاً بشأن تطبيق الموت الرحيم في بريطانيا وحقوق الأسر والأخلاقيات الطبية، ودور المحاكم في تقرير إنهاء حياة المرضى، فرغم أن الطفل سليم إدراكياً وحواسه الخمسة تعمل كما يرام، أصدرت المحكمة قراراً بوقف علاجه استناداً إلى مزاعم محامي المستشفى أن الفوائد المتحققة من العلاج لا تتوافق مع الأعباء المادية المترتبة عليه.
وفي أول تعليق لها على الخبر بين متحدث باسم مستشفى غريت أورموند ستريت أن اللجوء إلى المحكمة كان الخيار الأخير المتاح بعد استنفاد جميع الخيارات الأخرى، رغم إصرار عائلته على استمرار العلاج وتقديم أفضل رعاية صحية له.
أما والدة الطفل آيدن التي كانت تقضي 16 ساعة يومياً بجانب سرير طفلها لتفعل كل ما بوسعها لتحسين حالته، عبرت عن حزنها الشديد لقرار المحكمة الذي قضى على فرصة تجربة خيارات علاجية أخرى.
قرار إيقاف علاج الطفل آيدن بقرار من المحكمة العليا لم يكن الأول الذي تشهده بريطانيا في هذا المجال، حيث شهدت مستشفى غريت أورموند ستريت عام 2017 وفاة الطفل شارلي غارد ذو العام الواحد والمصاب بمتلازمة نادرة تعرف باستنفاد الحمض النووي الميتوكوندري، تسببت في بتلف دماغه وضعف عضلاته، لتقضي المحكمة العليا البريطانية ومن ثم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بإيقاف علاجه رغم إصرار والديه على نقله للولايات المتحدة لتقلي العلاج.
وفي عام 2018 شهدت مستشفى ألدر هاي وفاة الطفل ألفي إيفانز الذي كان يعاني من حالة عصبية نادرة وغير معروفة، وأصر والداه على نقله إلى إيطاليا لتلقي علاج في مستشفى بالفاتيكان، لكن الأطباء أكدوا أن حالته غير قابلة للعلاج، ليتم إزالة أجهزة التنفس بناء على قرار المحاكم البريطانية.
وفي عام 2022 تجددت ظاهرة الموت الرحيم في بريطانيا بحق الأطفال، إذ فارق الطقل أرتشي باترسبي البالغ من العمر 12 عاماً الحياة، بعد أن تم إيقاف أجهزة التنفس الاصطناعي التي كانت تبقيه على قيد الحياة، وذلك بناء على قرار من المحكمة العليا، إذ كان الطفل آرتشي يشارك في تحدي على مواقع التواصل الاجتماعي يقضي بحبس الأنفاس حتى فقدان الوعي، وهو ما أدى لغيابه عن الوعي حتى وفاته، وقد حاول والداه كثيراً الحصول على قرار يسمح لهما باستكمال علاجه، لكن الأطباء أصروا على أنه ميت دماغياً ولا أمل طبي في شفائه.
وفي سياق متصل من المقرر أن يصوت مجلس النواب البريطاني يوم 29 نوفمبر الجاري على مشروع الموت الرحيم في بريطانيا ، الذي يتيح للبالغين الأصحاء عقلياً والمصابين بمرض عضال وتبقى لحياتهم ستة أشهر أو أقل باختيار إنهاء حياتهم بمساعدة طبية، في حين يمنع القانون البريطاني الجاري مساعدة شخص على الانتحار تحت طائلة السجن لفترة قد تصل 14 عاماً، كما يواجه المواطنون البريطانيون الذين يرافقون أقاربهم لاختيار القتل الرحيم في دول غير بريطانيا الملاحقة القانونية بجرم المساعدة على الانتحار.
وتعتبر سويسرا الدولة الأولى التي شرعت الموت بمساعدة الغير عام 1942، إذ يمكن للأطباء وصف الأدوية وإعطائها أو طلبها لإعطائها ذاتياً، أما في الولايات المتحدة الأمريكية فإن الموت الرحيم قانوني في ولايات كاليفورنيا وكولورادو وهاواي ومونتانا وماين ونيوجيرسي ونيو مكسيكو وأوريجون وفيرمونت وواشنطن، ومقاطعة كولومبيا، إذ يسمح القانون فيها للمرضى الأصحاء عقلياً والمصابين بأمراض مميتة والذين لم يتبق لهم سوى ستة أشهر على الحياة بطلب أدوية إنهاء حياتهم.
أما كندا، فقد شرعت خدمات المساعدة الطبية في الموت عام 2016، للأشخاص الذين من المتوقع موتهم، وبعد خمس سنوات تم السماح للأشخاص الذين يعانون حالة طبية خطيرة لا يمكن علاجها بطلب الموت بمساعدة الغير. وتعتزم الدولة مع حلول عام 2027 بتوسع خدمات المساعدة الطبية في الموت لتشمل الأشخص الذين يعانون من مرض عقلى.