لا يخفى على احد انه عندما تولت الترويكا الحكم سنتي 2012 و 2013 قمات لتدمير و تفليس العديد من الشركات العمومية التي كانت قبل 2011 شركة مربحة و تدرّ ارباح محترمة للدولة تساهم في إنجازها لمهامها التنموية، و لما عدة أمثلة من هذا القبيل مثل وكالة التبغ والوقيد وحتى الخطوط التونسية التي أصبحت اليوم رمزا للشركات العمومية التي تمر في وضعيات صعبة، لكن قبل الثورة كانت شركة رابحة و تساهم بإيجابية في الاقتصاد الوطني
مشاكل « الغزالة » بدأت بعد 2011 و بالتحديد في فترة الترويكا عندما تم انتداب أكثر من 1200 موظّف جلهم من أنصار النهضة، و بتصريح للرئيس المدير العام الياس المنكبي فإنّ هؤلاء لا يعملون اي شيء، هذا الانتداب الضخم أثقل كاهل هذه المؤسسة وأصبحت أجور الموظفين والعمال بالشركة تمثل 130٪ من مداخيلها، و هو ما يعني انه بمصاريف الأجور فقط، الشركة خاسرة، دون احتساب مصاريف الصيانة والكراء والبنزين و غيرهم
عندما أصبح الياس المنكبي رئيس مدير عام لشركة التونيسار يوم 30 ديسمبر 2016 خلفا لسارة رجب، وعد بتحسين ظروف الشركة، و هو وعد أوفى به إلى حد كبير، فأرقام الشركة تحسنت بشكل لافت في السنة الأولى التي تولى في زمام الأمور، فعدد الركاب ارتفع بأكثر من 17٪ مقارنة بسنة 2016 و مداخيل الشركة ارتفعت ب29٪ كما ارتفعت نسبة المقاعد الممتلئة إلى 74٪ (٪3+ مقارنة ب2016) و تواصل هذا التحسن إلى أواخر سنة 2019
و لكن رغم هذا، بقيت الشركة خسارة و لم تعد بعد للربح، و السبب كما قلنا هو ارتفاع عدد الموظفين بالشركة، فلكل طائرة تملكها التونيسار لديها 222 موظف في حين ان المعدّل العالمي هو 80 موظف لكل طائرة، اي ان الخطوط التونسية تشغل تقريبا أكثر من ثلاث اضعاف طاقتها المفروضة
و لهذا أعلنت الشركة على خطة إصلاح هيكلي سنة 2017، تفترض هذه الخطة حذف 1156 خطة من الشركة مقابل تعويضات مالية، و إجراءات أخرى مثل إطلاق خطوط منخفظة التكلفة.. هذه الخطة كانت ستساهم بشكل كبير في تحسين الوضعية المالية للشركة فتسريح قرابة 1200 عامل يخلق عامل تنفس للشركة لكي تقدر على صيانة طائراتها و كراء طائرات أخرى والتوسيع من اسطولها بالتالي استعادة بريقها من جديد
و في 20 ماي 2019 إلتأم مجلس وزاري استثنائي برئاسة يوسف الشاهد مخصص لقطاع النقل، و فيه تمت الموافقة على خط الإصلاح هذه، بتأخير قدره سنتين، والتي يقدر قيمتها ب1،3 مليار دينار و تهدف إلى أن تجعل الشركة تربح سنويا ما يفوق 500 مليون دينار، و في تحرّك نادر و غير مسبوع أعلنت الأطراف النقابية قبولها بهذه الخطة و بتصريح قرابة 1200 عامل من الشركة من أجل انقاذها
وفي نفس السنة دار حديث عن تفويت في جزء من رأس مال الشركة يقدر ب30٪ للخطوط الجوية القطرية، إلى أن الرئيس المدير العام نفى هذا بشكل قطعي ان الشركة في اتصال مع شركات أخرى من أجل الترفيع في رأس مال. الشركة، و ان الحوار مع الخطوط القطرية اقتصر على الدخول في شراكة مع الشركة التونسية للتموين، احر فروع الخطوط التونسية
و كما هو معلوم للكثير من المتدخلين في قطاع النقل الجوي فإن الخطوط القطرية تبحث من سنين على الاستحواذ على التونيسار وذلك في إطار خطتها التوسعية في افريقيا، و من غير المستبعد ان تكون هي وراء اغراق الشركة بالموظفين زمن الترويكا و تعطيل خطة الإصلاح زمن حكومة الشاهد، من خلال حلفاءها في حزب النهضة الذي مكنها من إقتناء على عديد الممتلكات العمومية أخرى مثل بنك الزيتونة
و اخيرا بعد تشكيل حكومة الياس الفخفاخ و تولي النهضاوي أنور معروف وزارة النقل بدأت قطر خطة جديدة للاستحواذ على الغزالة يكون الهدف الاول فيها إبعاد الرئيس المدير العام للشركة الياس المنكبي، ابن مؤسسة العسكرية و الرافض للتفويت في الشركة الوطنية لاطراف أجنبية، و تعويضه برئيس مدير عام اخر نهضاوي و طيّع لا يعارض التفويت في الشركة الوطنية التي تأسست سنة 1948 لقطر
و لإيجاد مبرر للتخلّص من الرئيس المدير العام الحالي أخرجت النهضة وقطر احد اسلحتها في تونس وهو النائب السابق عماد الدائمي، فهذا يشن منذ ايام حملة شرسة ضد الشركة و بالتحديد ضد الياس المنكبي، مطالبا وزير النقل صراحة بإقالته
الدائمي يستعمل في هذا ما أسماها بملفات فساد ضد المنكبي، لكنه لم يتحدث عن ماهي هذه الملفات وماهي الجرائم او التجاوزات التي ارتكبها المنكبي.. لا شيء، سوى اتهامات مبهمة لا تعني اي شيء، وهذا ليس بمهم، المهم هو الصاق صورة الفاسد به قصد تبرير إقالته و تعويض بموالي لقطر و اجندتها المالية في تونس
