بعد الانحدار غير المسبوق وغير المتوقع الذي شهدته العملة الملكية خلال الأشهر القليلة الماضية من هذا العام وصل الجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوى لها شهده منذ ما يزيد عن عامين ونصف أمام الدولار الأمريكي.
إلا أنه بعد معركة الانتخابية لمنصب رئيس الوزراء والتي فازت بها ليز تروس عاود الجنيه الاسترليني سلك مسار الارتفاع في يومها الأول.
وهذا الانتعاش يشير إلى أن العملة الملكية قد تعوض جزءاً كبيراً من خسائرها في الأشهر المتبقية من هذا العام، ولكن هذا يعود إلى قدرة رئيسة الوزراء الجديدة على تقديم مجموعة من الإجراءات لتخفيف أزمة تكلفة المعيشة.
وبالتزامن مع مراسم تنصيب تروس ارتفع الجنيه أمام الدولار اليوم الثلاثاء بأكثر من 0.8% إلى 1.1610$ ، من سعر افتتاح التعاملات عند 1.1516 $، وسجل أدنى مستوى اليوم عند 1.1512$.
وفي أول مكسب له في خلال السبعة أيام الأخيرة، حقق الجنيه الإسترليني بالأمس ارتفاعاً بنسبة 0.1% أمام الدولار الأمريكي، بعدما سجل في وقت سابق من التعاملات أدنى مستوى في عامين ونصف عند 1.1444 دولاراً.
و منذ مطلع تعاملات العام الجاري فقد الجنيه الإسترليني أكثر من 14% أمام الدولار الأمريكي، وتعد هذه ثاني خسارة سنوية على التوالي، بعد أكبر خسارة سنوية منذ عام 2016، إبان “أزمة البريكست” وانفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي.
ليز تروس
رئيسة للوزراء ليز تروس التي جاءت خليفةً لبوريس جونسون، لتصبح بذلك ثالث امرأة تتولى المنصب في تاريخ المملكة المتحدة بعد مارجريت تاتشر و تيريزا ماي.
قد تقدم تروس برنامجاً للحد من فواتير الطاقة، يقدر بقيمةٍ تصل إلى 130 مليار جنيه إسترليني، ومن المتوقع أن يتضمن البرنامج أيضاً تخفيضات ضريبية كجزء من تعهداتها الرئيسية خلال حملتها الانتخابية، وذلك لتستطيع تخفيف أزمة تكلفة المعيشة المتضخمة بشدة، والتي تواجه الأسر والشركات.
ومن المتوقع أن يأخذ الاقتصاد في المملكة المتحدة مساراً أكثر إيجابية خلال الفترة المقبلة، بالتزامن مع وصول الحكومة الجديدة إلى داونينغ ستريت وتولي زمام الأمور.
حيث أوضح الخبير الاقتصادي “ديفيد ألكسندر ماير” أنه قد يؤدي تغيير الحكومة إلى تحسن المعنويات، ومن المتوقع أن تساعد التخفيضات الضريبية المخطط لها من قبل حكومة تروس في تعزيز بيئة الاستثمار.
تروس وحرب البنك المركزي
قال رئيس تحليل العملات الأجنبية فى مونيكس أوروبا “سيمون هارفي” بأن هناك قضية قد تؤدي إلى تراجع المعنويات بشأن الجنيه الإسترليني وهي مستقبل بنك بريطانيا المركزي في ظل الحكومة الجديدة لتروس.
حيث صرحت ليز تروس إنها تريد مراجعة تفويض البنك خلال حملتها، مما دفع بعض الاقتصاديين إلى التحذير من التوقعات للأصول البريطانية، بما في ذلك الجنيه الإسترليني.
قال الرئيس التنفيذي ومؤسس مجموعة ديفير “نايجل جرين” نتوقع أن تكون حرب الاستقلال القادمة على بنك بريطانيا المركزي، حيث من المرجح أن يؤدي هذا الصراع المحتمل وتسييس البنك المركزي إلى خلق حالة من عدم اليقين كبيرة ستخيف الأسواق المالية.
التضخم البريطاني
وفقا لما أوردته التقارير الإعلامية فإن رئيسة الوزراء البريطانية الجديدة تدرس تجميد فواتير الطاقة لملايين الأسر هذا الشتاء، وهو قرار قد يخفض معدلات التضخم في المملكة المتحدة بما يصل إلى أربع نقاط مئوية.
ولكن وفقا لمقدمي الأبحاث المستقلين فى كابيتال إيكونوميكس، فإنه بالرغم من ذلك سيظل التضخم الأساسي مرتفعاً وسيدعو بنك بريطانيا المركزي إلى رفع أسعار الفائدة.
كما صرح كبير الاقتصاديين في المملكة المتحدة في كابيتال إيكونوميكس ” بول ديلز” بشأن سقف فاتورة الطاقة، ستعتمد التداعيات على التفاصيل، لكنها قد تعني أن تضخم مؤشر أسعار المستهلكين يقل بمقدار 4 نقاط مئوية عن مستوياته القياسية.
ويعني ذلك أن التضخم البريطاني قد يرتفع من 10.1٪ في تموز إلى ذروة عند 10.5٪ ، بدلاً من 14.5٪ تتوقعها كابيتال إيكونوميكس حالياً.