تحولت المملكة المتحدة، بين عشية وضحاها إلى “بلد الإضرابات”، حيث لا يكاد يمر أسبوع في بريطانيا دون أن يضم قطاع حكومي أو اقتصادي جديد لموجة الاضرابات التي تجتاح البلاد.
ولا يزال الحراك الاجتماعي في بريطانيا يتسع يوماً بعد يوم، ويضيق الخناق على الحكومة البريطانية، ليطال قطاعات جديدة، لم يسبق لها أن شاركت في الإضرابات، وذلك على غرار قطاع الصحة والمحاماة وأساتذة الجامعات وغيرها من الوظائف التي توصف بأنها مرموقة.
وتلجأ القطاعات الحكومية في بريطانيا إلى الإضرابات التي تصنف بين مفتوحة ومؤقتة، احتجاجا على ظروف العمل، وللمطالبة بزيادة الأجور في ظل ارتفاع نسبة التضخم إلى مستويات قياسية، وحديث الحكومة عن زيادة وشيكة في الضرائب.
ويأتي ارتفاع التضخم مدفوعا بارتفاع أسعار الغذاء والطاقة، وسط مخاوف من زيادات أكبر في أسعار المشتقات، مع دخول فصل الشتاء.
وتواجه الحكومة البريطانية دعوات لزيادات في الأجور، لمواءمة النفقات المتصاعدة الناتجة عن ارتفاع أسعار السلع الأساسية في البلاد.
رد الحكومة
لا تزال الحكومة البريطانية، عاجزة عن مواجهة موجة الاضرابات التي تشهدها البلاد، وبدأت تظهر نتائجها على الشارع والاقتصاد البريطاني.
وتحاول الحكومة التي تقع بين نار المطالب المتزايدة لأكثر من قطاع برفع الرواتب، ونار رفض البنك المركزي هذه المطالب، بدعوى أن أي زيادة في الرواتب ستؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم، إلى ايجاد حل من خلال الدخول في حوار ومفاوضات مع النقابات التي تعلن إضرابها بين الحين والآخر، أو من خلال الاستسلام للأمر الواقع وجمع كل قواها لتحدي هذه الاضرابات.
حيث كشفت صحيفة “الغارديان” البريطانية، أنه في حال خاضت نقابات التمريض التي تمثل حوالي 300 ألف ممرض وممرضة إضراب يمتد لإيام، في فترة عيد الميلاد وفصل الشتاء، حيث يكون الطلب على الخدمات الطبية في أشده.
سيتم تنفيذ المخطط الذي وضعته الحكومة للتعامل مع إضراب الممرضين والممرضات، والذي يتضمن استدعاء عناصر من الجيش من أجل التعامل مع خطوط الاتصال بالطوارئ خصوصا خلال فترة أعياد الميلاد، إضافة إلى سياقة سيارات الإسعاف والاستعانة بالصليب الأحمر البريطاني واستدعاء رجال المطافئ أيضاً.
خسائر اقتصادية
أظهرت أحدث الدراسات التي أجراها مركز أبحاث التجارة والاقتصاد (CEBR)، الذي يوجد مقره في العاصمة البريطانية لندن، إن إضرابات القطارات تؤثر بشكل يومي على حياة نحو 250 ألف شخص، كما أن كل يوم إضراب يتسبب في خسائر اقتصادية بقيمة 100 مليون جنيه إسترليني (125 مليون دولار).
كما كشفت عن خسارة الاضرابات التي قام بها عمال البريد الملكي، حيث كل يوم إضراب يقوم به عمال الشركة يكلفها خسارة بحوالي مليون جنيه إسترليني، مما يعني أن استمرار الإضراب لمدة 19 يوما سيكلف الشركة 200 مليون جنيه إسترليني.
أما الخسارة الكبرى لبريطانيا ستكون في حال إضربت أكبر النقابات في البلاد وهي الممرضين والمعلمين، فإن هذا سيشل أكبر قطاعين في البلاد، في فترة حساسة، يكون فيها الإقبال على الخدمات الصحية على أشده.
ناهيك عن الخسائر التي سببتها إضرابات شركات الطيران وغيرها التي لم تكشف عن حجم خسارتها بعد.