في إطار سعيها لحماية سبل العيش للمزارعين، وضمان صحة الحيوانات، أعلنت الحكومة البريطانية يوم الثلاثاء الماضي فرض حظر شامل على استيراد الأبقار والخنازير والأغنام من ألمانيا، وذلك بعد تأكيد حالة إصابة بمرض الحمى القلاعية بالقرب من برلين، ما أثار مخاوف من انتشار هذا المرض المعدي إلى الأراضي البريطانية.
وعليه، لن تُصدر السلطات البريطانية أي شهادات صحية للحيوانات المعرضة للخطر، بما في ذلك جميع الحيوانات الحية واللحوم الطازجة، وتظهر هذه الإجراءات التزام بريطانيا بالحفاظ على الأمن الغذائي والاستجابة السريعة للتحديات الصحية التي قد تهدد القطاع الزراعي.
وكانت السلطات الألمانية قد أكدت يوم الجمعة الفائت، ظهور أول تفش لمرض الحمى القلاعية في البلاد منذ نحو 40 عاماً، وذلك في قطيع من الجاموس المائي بالقرب من برلين، لذا لم يعد بالإمكان تصنيف البلاد خالية من مرض الحمى القلاعية، ومن المتوقع أن يثير هذا الوضع موجة من القيود التجارية، ما يظهر المخاوف المتزايدة من تأثيرات هذا المرض على قطاع الثروة الحيوانية والاقتصاد الزراعي.
والحمى القلاعية هي مرض فيروسي شديد العدوى يؤثر على حيوانات المزرعة مثل الأبقار والخنازير والأغنام والماعز، وغيرها من الحيوانات ذات الظلف المشقوق، وهو من الأمراض التي يتعين الإبلاغ عنها قانونياً، فعدم الإبلاغ عن أي حالة يعد جريمة.
وعلى الرغم من عدم تأثير الحمى القلاعية على صحة الإنسان أو سلامة الأغذية، إلا أن تفشي المرض في المملكة المتحدة عامي 2001 و2007 كان له عواقب وخيمة، إذ أدى إلى تدمير مصادر دخل العديد من المزارعين، وفي عام 2001 وحده، أُعدِم حوالي 10 ملايين حيوان نتيجة لتفشي المرض، ما كلف الاقتصاد البريطاني حوالي 8 مليارات جنيه أسترليني (ما يعادل 9.8 مليار دولار).
وإضافة إلى عمليات الإعدام، يعاني المزارعون المتضررون من انخفاض في إنتاج الحليب، فضلاً عن تداعيات اقتصادية واسعة النطاق، مثل فقدان القدرة على الوصول إلى الأسواق الأجنبية للمنتجات الحيوانية.
وتختلف العلامات السريرية للمرض حسب نوع الحيوان، ففي الأبقار، تبرز الأعراض الرئيسية في شكل قروح وبثور على القدمين والفم واللسان، وقد يصاحب ذلك ارتفاع في درجة الحرارة، وعلامات العرج، وقلة الرغبة في تناول الطعام، أما في الأغنام والخنازير، فإن العرج هو العرض الأوضح، مع احتمال ظهور بثور أيضاً.
وتعليقاً على تفش المرض، أعلنت وزارة الزراعة الألمانية أن صادرات الحليب ومنتجات الألبان واللحوم ومنتجات اللحوم والجلود، إضافة إلى منتجات الدَّم، “غير ممكنة في الوقت الراهن”، مؤكدةً أنها “تتوقع أن تفرض دول أخرى حظراً فورياً على هذه السلع القادمة من ألمانيا”.
ومن الجانب البريطاني، أكدت الدكتورة كريستين ميدلميس، كبيرة الأطباء البيطريين في المملكة المتحدة، أن التواصل مستمر مع نظرائهم الألمان لفهم التطورات الأخيرة بعد تأكيد وجود حالة واحدة من مرض الحمى القلاعية.
وأشارت إلى أن هناك خطط طوارئ متينة وُضِعت لإدارة مخاطر هذا المرض، بهدف حماية المزارعين وضمان الأمن الغذائي في بريطانيا، وأكدت أن هذا يتطلب اتخاذ جميع التدابير اللازمة للحد من انتشار هذا المرض المدمر.
كما حثت ميدلميس مربي الماشية على ضرورة التحلي بأقصى درجات اليقظة لمراقبة أي علامات تدل على الإصابة، واتباع إجراءات الأمن الحيوي بدقة، مشيرة إلى أهمية الإبلاغ الفوري عن أي اشتباه في وجود المرض إلى وكالة صحة الحيوان والنبات، ومشددة على أن المملكة المتحدة لا تشهد حالياً أي حالات مسجلة.
بدوره، صرح وزير الزراعة دانييل زيتشنر بأن الحكومة ستبذل قُصَارَى جهدها لحماية المزارعين في البلاد من المخاطر التي يشكّلها مرض الحمى القلاعية.
وأوضح أن الحكومة قد فرضت قيوداً فورية على المنتجات الحيوانية القادمة من ألمانيا، وتم حظر استيراد المواشي احترازياً لمنع تفشي المرض، مشيراً إلى أن الحكومة لن تتردد في إضافة دول أخرى إلى القائمة إذا استمر انتشار المرض، وأكد أيضاً أنهم سيواصلون مراقبة الوضع عن كثب بالتنسيق الوثيق مع السلطات الألمانية.
كما أعلنت الحكومة عن استثمار بقيمة 200 مليون جنيه أسترليني في تطوير مرافق البحوث والاختبارات المعملية في ويبريدج، لتعزيز الحماية ضد الأمراض الحيوانية.