بريطانيا تستسلم بعد حرب 76 يوماً
تابعونا على:

بريطانيا

بريطانيا تستسلم بعد حرب 76 يوماً

نشر

في

142 مشاهدة

بريطانيا تستسلم بعد حرب 76 يوماً

يبدو أن حكومة حزب العمال التي اتخذت منذ وصولها إلى السلطة طريقاً مخالفاً تماماً لمسيرة سابقتها التي كان يقودها حزب المحافظين قد ارتكبت خطأً كبيراً بحسب مراقبين، ووجد الكثيرون أن بريطانيا تستسلم بعد قرارها الأخير بالتنازل عن جزر “تشاجوس” (Chagos) للأرجنتين مقابل الوعد بتأسيس قاعدة عسكرية مشتركة مع الولايات المتحدة على الجزر المتنازل عنها.

وكانت الجزر تحت السيادة البريطانية لقرنين من الزمن، وبالتحديد منذ العام 1814، وتعتبر جزءاً من جزر فوكلاند بحسب التسمية البريطانية، ومنذ ذلك الوقت هي محل خلاف بين الدولتين، فالأرجنتين التي تطلق عليها تسمية “مالفيناس” وتعتبرها أرضاً أرجنتينية ضائعة ورثتها عن التاج الإسباني، لكن الاستعمار البريطاني حال دون حصولها على تركتها، التي تحمل في الثقافة الأرجنتينية تسمية الشقيقات الصغيرات الضائعات.

وبقي الخلاف قائماً بين البلدين، حتى العام 1982 عندما خاضت الدولتان الحرب للفوز بالسيادة على الجزر، وهو أمر لم تنله بريطانيا بسهولة، إذ استمرت الحرب 76 يوماً، راح ضحيتها أكثر من 900 شخص.

من جانب آخر يرى محايدون أن الطرفين يقتتلان على مشط لكن كلاهما أصلع، في إشارة إلى إمكانية التوافق بين الأطراف دون وقوع نزاع مسلح، حتى يتم استبداله بتسوية رابح رابح، وعلى ما يبدو هذا النهج الذي يمضي به رئيس الحكومة الجديدة السير كير ستارمر، على الرغم من الهجوم العنيف الذي يتعرض له، بأنه لا يراعي مصلحة بريطانيا العظمى ولا القانون الدولي ويدمر منجزات حكومة المحافظين.

لكن للصراع جذور تتغذى منذ أعوام، عنوانها العريض ما تفيد به وسائل الإعلام الأمريكية، التي تحدثت عن أغلبية كبرى من السكان يتحدثون الإنكليزية ويتمتعون بالحكم الذاتي والحماية العسكرية، ويعتبرون أنفسهم مواطنين بريطانيين، وتشير الأرقام قبل عشرة أعوام إلى أن نسبة الأرجنتينيين في جزر فوكلاند لا تتجاوز (3%) من مجموع سكان الأرخبيل الأطلسي، الذي يتشارك البقعة الجغرافية ذاتها مع الأرجنتين.

اقرأ أيضاً: تغييرات كبيرة في الحد الأدنى للأجور بقيادة الحكومة العمالية

وفي نظرة تحليلية لواقع الأمور، يعود سبب تمسك البلدين بأرخبيل الجزر لأسباب تتصل بالثروة والموارد، إذ تتوقع بريطانيا استخراج النفط والغاز من المناطق المحيطة بالجزر، في حين تسعى الأرجنتين لبسط سيطرتها على الجزر لتوسيع دخل سكانها من صيد المحار، إلى جانب التنقيب عن الثروات الباطنية.

وفي السياق اعتادت بريطانيا خلال السنوات السابقة، بعد إعلانها الفوز بالحرب إرسال قطع من أسطولها الحربي لإجراء استعراضات قوة عسكرية في المنطقة، ولهذا يجد المحللون في قرار الحكومة الأخير تحولاً لافتاً لا ينسجم حتى مع تصرفات التاج البريطاني السابقة، ما دفعهم للقول بأن بريطانيا تستسلم.

ومن الجدير بالذكر أن جذور الخلاف بين البلدين حول الجزر تمتد عميقاً، فقد شهد مونديال قطر 2022 استبعاد الحكم الدولي “أنتوني تيلور” من مباراة فرنسا والأرجنتين لأنه يحمل الجنسية البريطانية، ما جعل الخلاف يتخذ أبعاد قومية مضافة إلى السياسية والاقتصادية.

وعلى الرغم من الوعود باكتشافات نفطية مؤكدة حول الجزر، إلا أنّ سكانها ما زالوا يعيشون من وراء نمط الحياة الزراعي البحت، القائم على رعي الأغنام وصيد الأسماك.

وتشير الأحداث التاريخية وتطورات مشهد الصراع السابق إلى خسائر لجميع الأطراف، نجم عنها حقول ألغام في الجزر وضحايا من كلا الطرفين بين قتلى وجرحى وأسرى تحت مسميات عدة، الأمر الذي يترك الباب مفتوحاً أمام خيارات الدبلوماسية واقتسام الكعكة لأن الرابح الوحيد سيتحمل خسارات كبرى يمكن تداركها بالتنازل عن بعض المكاسب.

اقرأ أيضاً: هذه هي التسمية الأرجنتينية الجديدة لجزر فوكلاند المتنازع عليها مع بريطانيا

ومن وجهة نظر الأرجنتين فإن الجزر هي بمثابة أرض للأجداد، لأنه مع انتهاء الاحتلال الإسباني في المنطقة، وحصول الأرجنتين على استقلالها بقيت الجزر تابعة لها، لحين اجتاحتها بريطانيا في العام 1833 كما يشير عدد من المصادر، ثم اتبعت بريطانيا بحسب ما يقوله الأرجنتينيون سياسة تهميش، من خلال منح الفرص للبريطانيين، ومنع وصول المهاجرين والصيادين إلى الجزيرة، والحرص على أن يكون سكانها من البريطانيين والأوروبيين.

من جانب آخر ينظر الطرفان إلى جزر فوكلاند على أنها الدجاجة التي تبيض ذهباً، وبالتالي سينعكس هذا على أعداد المهاجرين الذين سيأتون إلى الجزر بحثاً عن النفط والغاز، إلى جانب ذلك تحظى الأرجنتين بدعم الدول الإقليمية المحيطة بالجزر لاسيما كوبا التي أكدت في مؤتمر الدول الأمريكية المنعقد عام 1940 على أحقية الأرجنتين بالجزر.

X