هل سينجح ستارمر بإقناع الخليج باتفاق تجاري؟
تابعونا على:

أخبار لندن

هل سينجح ستارمر بإقناع الخليج باتفاق تجاري؟

نشر

في

116 مشاهدة

هل سينجح ستارمر بإقناع الخليج باتفاق تجاري؟

في عالمٍ تتحكم فيه المصالح الاقتصادية والجيوسياسية، لا تقتصر الدبلوماسية على المفاوضات بين الحكومات فحسب، بل تتسع لتشمل دور العائلات المالكة التي تمتلك القدرة على تعزيز العلاقات والتأثير في القرارات الدولية، وعملاً بهذه القناعة، تتحرك المملكة المتحدة بخطى ثابتة نحو تقوية روابطها مع دول الخليج الغنية بالنفط، باستخدام القوة الناعمة للعائلة المالكة كأداة لتعزيز التجارة والتعاون السياسي.

فمن قصر باكنغهام إلى عواصم الخليج، يلتقي الملك تشارلز والأمير وليام بالقادة الخليجيين في سلسلة من الزيارات الرسمية التي تهدف إلى فتح أبواب جديدة للاقتصاد البريطاني، ومع هذه الفرص التجارية، تطرح أيضاً تساؤلات حول دور بريطانيا في معالجة قضايا حقوق الإنسان في المنطقة.

ضمن هذا السياق، تأتي الزيارة الرسمية للشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، إلى قصر باكنغهام هذا الأسبوع جزءاً من الجهود المبذولة لتحقيق اتفاقيات تجارية مع دول الخليج الغنية بالنفط، وقد شارك في الزيارة الأولى ضمن الحكومة الجديدة العديد من المسؤولين البريطانيين مثل كير ستارمر ووزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، في سعيهم لإتمام اتفاقية تجارة حرة مع مجلس التعاون الخليجي (GCC)، الذي يضم البحرين والكويت وعُمان وقطر والسعودية والإمارات.

إذ تسعى الحكومة البريطانية بقيادة زعيم حزب العمال كير ستارمر إلى تعزيز حجم التجارة مع دول الخليج، التي بلغ إجمالي حجم تجارتها السنوية 57 مليار جنيه إسترليني، ومن المتوقع أن تؤدي اتفاقية التجارة الحرة مع دول الخليج إلى زيادة هذا الرقم بنسبة 16%، فيما تسعى الحكومة أيضاً إلى توقيع اتفاقيات مشابهة مع دول أخرى مثل سويسرا وكوريا الجنوبية والهند، والتي من المتوقع أن تشهد زيارة ملكية العام المقبل، بينما يعدّ المجلس الخليجي وجهة أساسية للبريطانيين في الوقت الراهن، نظراً للعلاقات التجارية والاقتصادية المستمرة بين الطرفين.

اقرأ أيضاً: عريضة مليونية تهزّ عرش حزب العمال وهذا ردّ ستارمر

ويبرز دور العائلة المالكة في بريطانيا، خاصةً الملك تشارلز والأمير وليام، في تعزيز هذه العلاقات، وعلى سبيل المثال، شارك الأمير وليام في إطلاق حملة «جوهرة العرب» في لندن مع ولي العهد العماني، وهي مبادرة تهدف إلى التعريف بجمال الطبيعة في سلطنة عمان، وتستفيد الحكومة البريطانية من هذه الزيارات الملكية لتوطيد العلاقات مع دول الخليج.

ومع ذلك، لا يخلو هذا التعاون من الانتقادات، فقد دعت منظمات حقوق الإنسان، مثل منظمة العفو الدولية و«ريفريف»، إلى ضرورة أن تستخدم الحكومة البريطانية هذه اللقاءات الدبلوماسية للضغط من أجل إصلاحات حقوق الإنسان في دول الخليج، وتحديداً، دعت بولي ترسكوت، مستشارة السياسة الخارجية في منظمة العفو الدولية، إلى ضرورة عدم تجاهل سجل قطر السيئ في مجال حقوق الإنسان أثناء الزيارة الملكية.

ورغم العلاقات التاريخية بين بريطانيا ودول الخليج، فإن العلاقات الدبلوماسية قد شهدت بعض التوترات في السنوات الأخيرة، خاصة خلال فترة حكومة رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون، وكانت هناك عدة زيارات رفيعة المستوى تم إلغاؤها في اللحظات الأخيرة، ما أثار استياء بعض حلفاء بريطانيا في الخليج.

وقد أشار الدكتور نيل كويليام، المختص في شؤون الشرق الأوسط، إلى أن هذه الزيارات الملكية تهدف إلى التأكيد على استمرارية العلاقات بين المملكة المتحدة ودول الخليج.

اقرأ أيضاً: آلاف المزارعين يحتجون.. وستارمر: «لا يوجد حرب طبقية»

وفي الوقت الذي يسعى فيه بعض المسؤولين البريطانيين لتعزيز المصالح الاقتصادية والجيوسياسية مع دول الخليج، يواجهون انتقادات من منظمات حقوق الإنسان بسبب تجاهل قضايا حقوق الإنسان في تلك البلدان، إذ انتقد جيّد بسيوني، المتحدث باسم منظمة «ريفريف»، منح الأوسمة لبعض القادة الخليجيين الذين لهم سجل سيئ في حقوق الإنسان، مشيراً إلى أن هذه الأفعال قد تضر بسمعة المملكة المتحدة على الساحة الدولية.

ختاماً، تسعى الحكومة البريطانية، عبر استغلال القوة الناعمة للعائلة المالكة، إلى تقوية علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع دول الخليج، ورغم الأبعاد الإيجابية لهذا التعاون، ظهر ملف حقوق الإنسان بوصفه قضية حساسة قد تؤثر على الصورة العامة لهذه العلاقات، الأمر الذي اعتبره البعض تحدياً سياسياً ودبلوماسياً، يجعل العلاقات البريطانية الخليجية في حاجة إلى توازن دقيق بين المصالح الاقتصادية والدفاع عن قيم حقوق الإنسان.

X