في نظر الملايين، تعد مدينة بلاكبول تلك المدينة الساحلية الفاخرة، التي تتميز بأبنيتها الراقية العريقة، والمستضيفة للبرنامج الشهير Strictly Come Dancing على قناة BBC، تلك المدينة المحفورة في ذاكرة جيل معين، قضوا فيها طفولتهم مع عائلاتهم على شواطئها الرملية الممتدة لأميال، إذ وفرت مدينة بلاكبول العديد من مرافق الترفيه والمرح، مثل حدائق البيرة التقليدية، الشواطئ النظيفة وغيرها.
إلا أن مكتب الإحصاء الوطني كشف عن جانب مظلم للمدينة التي كانت سابقاً راقية، وذلك أن الرجال المولودين في بلاكبول سيعيشون الآن حتى سن 73 عاماً، أي أقل بست سنوات من المتوسط في بقية إنجلترا.
ودّعم نتائج هذا الإحصاء التقرير الذي تم نشره من قبل مجلس مدينة بلاكبول، ويعود السبب في ذلك إلى أن المدينة تشهد أعلى نسبة من الوفيات المرتبطة بالكحول وأعلى معدل من مشاكل الصحة العقلية الخطيرة في إنجلترا، وهذا يقترن بأربعة أضعاف متوسط عدد الوفيات الناجمة عن المخدرات ونحو ضعف معدل الوفيات الناجمة عن التدخين، كما أن النساء المقيمات في المدينة يعانين أيضاً من انخفاض متوسط العمر المتوقع، إذ يصل إلى 79.5 عاماً، مقارنة بـ 83.2 عاماً في بقية إنجلترا.
وهناك العديد من المشاكل الصحية وراء الأمراض المؤدية للوفاة، أو قصر العمر، كأمراض القلب (21.8% عند الذكور، و24.1% عند الإناث)، والسرطان (15.7% عند الذكور، و15.6% عند الإناث)، وأمراض الجهاز التنفسي (14.5% عند الذكور، و15.9% عند الإناث).
ومن العوامل الأخرى المؤدية إلى تدهور البلدة رداءة الأبنية، إذ اشترى أصحاب العقارات بيوت الضيافة القديمة لإنشاء منازل متعددة الإشغال، وكثير منها كان رديء الجودة، وبسبب انهيار الاقتصاد وتدهور السياحة في المدينة أدى إلى تقليل فرص العمل للسكان المحليين، وبالتالي لجوءهم للمقامرة التي أدت إلى تدهور أحوالهم وتفاقم مشاكلهم.
أما بالنسبة إلى ديون المقامرة، فبحسب مؤسسة Citizens Advice في بلاكبول قالت أنها شهدت زيادة بنسبة 28% بين الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 25 عاماً في عام 2022.
كما أكظت المؤسسة أن الرقم الخاص بالأضرار المرتبطة بالمقامرة لدى البالغين تضاعف من عام 2019 إلى عام 2022، وقدروا أن حوالي 25% ممن يعانون من مشاكل الديون لديهم بعض عناصر التعرض للمقامرة.
العديد من سكان بلاكبول يعتقدون أن هذه المدينة الساحلية التي كانت تجمع حشوداً من الزوار والسياح، أصبحت مكان قذر للمقامرة والمخدرات والعنف، كما أصبحت العديد من المحلات التجارية مغلقة، والعديد من محلات الوجبات السريعة ذات الجودة الرديئة، والماكينات المقامرة.
وتحدث ابن شقيق المغني الراحل جو لونجثورن لإحدى الصحف البريطانية عن معاركه مع المشاغبين المسلحين في الشوارع، ويتذكر آرون لونجثورن، 19 عاماً، تعرضه لهجوم بالسواطير والسكاكين والزجاج المكسور في شوارع المدينة، قال آرون، الذي نشأ في هال قبل أن ينتقل إلى بلاكبول: “في الليل، يمكن أن تكون المدينة مكاناً مخيفاً، يحول المخدر الناس إلى أموات أحياء، إنهم مثل الزومبي، بلاكبول مثل مدينة الزومبي“، فيما قال طفل صغير أنه تعرض للضرب والجرح بالسواطير وتكسير واجهة محله التجاري بسبب العنف المرتبط بالمخدرات.
يقود مدير الصحة العامة في المدينة عارف راجبورا معركة ضد المشاكل التي تعاني منها المدينة، مثال معارضته طلبات التخطيط لإنشاء المزيد من منافذ بيع الوجبات السريعة المضرة بصحة الأطفال، كما انتقد شركات المقامرة التي ترعى نادي كرة القدم في المدينة.
بينما يقول جوزيف إليوت، المحلل الرئيسي في مؤسسة جاي آر إف: “مع ارتفاع مستويات الفقر بشكل مخزٍ في المدينة، فمن المذهل ولكن ليس من المستغرب أن المدينة لديها أدنى متوسط عمر متوقع في بريطانيا العظمى، إذا أردنا تحسين صحة الناس في بلاكبول، فنحن بحاجة إلى سماع كيف تنوي الحكومة تخفيف الصعوبات على الفور كخطوة أولى، ولكننا نحتاج أيضاً إلى رؤية التغيير طويل الأمد المطلوب إذا أردنا أن يتمتع الجميع في بلدنا بنفس الفرص للتمتع بصحة جيدة، بغض النظر عن المكان الذي يعيشون فيه”.
تقع مدينة بلاكبول في مقاطعة لانكشاير، ازدهرت المدينة في سنوات ما بعد الحرب، إلا أنها أصبحت الآن السلطة المحلية الأكثر حرماناً في المملكة المتحدة، ويبدو أنها بحاجة لخطة طويلة الأمد للنهوض باقتصاد مدينة بلاكبول، ومكافحة كل أنواع المشاكل التي تعاني منها المدينة.
اقرأ أيضاً: ألف طائرة دون طيار توصل المخدرات للسجون البريطانية!
