بين التشجيع والإحباط: كيف تؤثر سلوكيات الآباء على ممارسة أبناؤهم لـ كرة القدم!
تابعونا على:

رياضة

بين التشجيع والإحباط: كيف تؤثر سلوكيات الآباء على ممارسة أبناؤهم لـ كرة القدم!

نشر

في

94 مشاهدة

بين التشجيع والإحباط: كيف تؤثر سلوكيات الآباء على ممارسة أبناؤهم لـ كرة القدم!

كرة القدم لعبة جماعية، اجتماعية، ومن صفتها الاجتماعية هذه لا يمكن فصلها عن المحيط الذي يعيش به الفرد الذي يمارس هذه اللعبة أو حتى يتمتع بها كمتفرج فقط. وبشكل أو بآخر مع اختلاف المنطقة الجغرافية، يظل دعم الأهل للاعب كرة القدم عنصراً أساسياً بمسيرته مع هذه اللعبة، وجودهم الدائم واهتمامهم المستمر بصحة اللاعب النفسية والجسدية لاتقل أهمية عن وجودهم في المدرجات وقفزهم خلف مفاعد الملعب دعماً لنجمهم الصغير عند تسجيله لهدف مميز أو تمريره للكرة ببراعة بين قدمي خمصه في الملعب.

ذكر موقع توب بوليرز Topballerz بدراسة خاصة مدى أهمية دعم الأهل للاعب كرة القدم في الفئات العمرية، لكن بنفس الوقت ركزت هذه الدراسة على مدى أهمية الموازنة بين “الدعم المستمر” و “ممارسة الضغط” على الفتى أو الفتاة بهذا العمر، وأشارت هذه الدراسة أن الأهل أحياناً يمارسون نوعاً من الضغط على ولدهم بدون أن يشعرون.

يُعد دعم الوالدين عاملاً بالغ الأهمية، غير أنه من الضروري التمييز بين التشجيع والضغط. فبينما يعزز التشجيع حب اللعبة والرغبة في التطوير، قد يؤدي الضغط إلى التوتر والقلق والإرهاق. لذا، يظل فهم الفرق بينهما عنصراً أساسياً لتقديم الدعم الأمثل.

عند تقديم التشجيع، ينبغي التركيز على التعزيز الإيجابي من خلال مدح الجهد والتحسن بدلاً من التركيز على النتائج فقط، إذ يساعد تسليط الضوء على العمل الجاد والتقدم على تعزيز استمتاع الأطفال بعملية التعلم والنمو. كما يُفضل تقديم الملاحظات البناءة بأسلوب داعم، مع التركيز على الإنجازات واقتراح مجالات التطوير دون نقد مفرط. بالإضافة إلى ذلك، يُوصى بالاحتفال بالنجاحات سواء كانت كبيرة أو صغيرة، إذ يساهم الاعتراف بالإنجازات ومراحل التقدم في تعزيز الثقة والدافعية.

أما فيما يخص الضغط، فإن فرض توقعات عالية غير واقعية قد يخلق ضغوطاً غير ضرورية، لذا من المهم تحديد أهداف قابلة للتحقيق تتماشى مع قدرات واهتمامات الطفل. كما أن النقد المستمر للأداء أو المقارنة مع الآخرين قد يكون له آثار سلبية، حيث يؤدي إلى فقدان الثقة والخوف من الفشل. علاوة على ذلك، فإن التركيز المفرط على الفوز بدلاً من الاستمتاع باللعبة قد يفقد كرة القدم متعتها، إذ ينبغي أن يظل الهدف الرئيسي هو التطور الشخصي والاستمتاع باللعبة.

تجارب حقيقية “سلبية و إيجابية” عن دعم الأهل للأبناء في كرة القدم

سلطت صحيفة ذا غارديان The Guardian البريطانية بدراسة خاصة بها الضوء على عدة تجارب حقيقية خاضها أهالي يمارس أبناؤهم كرة القدم من بلدان مختلفة حول العالم، ونقلت هذه الدراسة المشاعر الحقيقية للأهالي عندما أدركوا كمية الضغط الذي قد يتسبب به مراقبة أبناؤهم عند ممارسة هذه اللعبة، خاصةً أن لعبة كرة القدم بشكل خاص هي لعبة مليئة بالمواقف المختلفة والمفاجئة أيضاً، فقد يتعرض الطفل في مباراة مهمة لعرقلة من لاعب الخصم وبالتالي تختلف درجة ضبط النفس بين أهل هذا الطفل وبين أهل آخرين.

اقرأ أيضاً: بيب غوارديولا: ساعي البريد الذي غير كرة القدم للأبد

كمثال حي لهذه التجربة، كشف أندريه بيريرا لوبيز لصحيفة ذا غارديان عن ردة فعله بعد أن أدرك أن الفريق المنافس لفريق أبنه (وهو حاس مرمى) فريق غير مؤهل وينتمي لفئة عمرية مختلفة عن فريق طفله، فقرر غاضباً سحب فتاه من المباراة وكان حارس المرمى الوحيد في الفريق مما سبب بإلغاء البطولة، وسبب هذا الشيء إحراج كبير له وللعائلة كما أدخله بنقاش حاد مع أهالي اللاعبين الآخرين إننتهى بعراك حاد وتبادل للكدمات خارج الملعب.

في إحدى المراحل المبكرة من مسيرة ابني الكروية، وتحديداً حين كان في السابعة من عمره، عقد المدرب الفني أول اجتماع مع أولياء الأمور، حيث ناقش معنا الآثار السلبية للصراخ على النمو النفسي والسلوكي للأطفال، ليس فقط في الجانب الرياضي وإنما في تكوينهم الشخصي.

في الواقع، لم أكن من النوع الذي يفرط في التصرفات السلبية، فأسوأ ما اقترفته كان توجيه بعض الانتقادات إلى حكم المباراة، مع تبادل كلمات غير لائقة في حالات نادرة. إلا أن سلوكي العام كان محافظاً على حدود الأدب.

في مناسبة محددة، توقفت إحدى المباريات بسبب مشاركة لاعبين غير مؤهلين من الفريق المنافس، مما أثار حالة من الفوضى. تصاعدت الأصوات، وانهالت الشتائم من قبل المدربين وأولياء الأمور. عندها قررت زوجتي أن الموقف تجاوز الحدود، فسحبت ابننا من الملعب عائدةً به إلى المنزل. وبما أنه كان الحارس الوحيد للفريق، تسببت مغادرته في إلغاء المباراة، مما أثار سخرية بعض آباء الفريق الآخر، الذين بدأوا بالصراخ بعبارات استفزازية مثل “هل تهربون؟” و”هل أصابكم الخوف؟”.

حافظت زوجتي على هدوئها وتجاهلت تلك التعليقات، متجهة نحو المخرج، إلا أن أحد الحضور دفعها بعنف. عندها تدخلت لأحميها، لكن أحد الأفراد ضربني من الخلف، مما أفقدني السيطرة على أعصابي ورددت الضربة. نتيجة لذلك، تم استبعاد كلا الفريقين من البطولة.

هذا ما ذكره أندريه بيريرا لوبيز عن تجربته الحقيقية التي سببت له الكثير من الإحراج.
شهدت خلال مسيرتي الرياضية التي امتدت لـ37 عاماً كمدرب و26 عاماً كحكم، فضلاً عن ممارستي للعبة (بمستوى متواضع) حتى سن الخمسين، العديد من المواقف الصادمة التي تتعلق بتصرفات بعض أولياء الأمور المفرطة في حماسهم. وقد اضطررت في أكثر من مناسبة لإبلاغ إدارات الأندية والجهات المسؤولة في ولاية كولورادو عن تصرفات غير لائقة من قبل بعض الآباء والمدربين.

في إحدى البطولات التي أقيمت بالقرب من مدينة سولت ليك سيتي، حيث تلعب حفيدتي ضمن دوري إقليمي متقدم، وقع حادث مروع. إذ نشب خلاف بين الزوج السابق لأم إحدى اللاعبات وزوجها الجديد، ما دفع الزوج السابق لإخراج سلاح AR-15 الهجومي. المفاجأة كانت عندما قام العديد من الآباء من كلا الفريقين بإخراج أسلحتهم أيضاً. تحول الموقف إلى فوضى عارمة، حيث هرع اللاعبون والعائلات للاحتماء في الملاعب المجاورة، فيما حاول البعض الهروب بتسلق الأسوار. وعلى الرغم من تدخل الشرطة، فإنه من الغريب أنه لم يتم توجيه أي اتهامات جنائية أو حتى إطلاق نار واحد.

جزء مما كشفه الحكم المحلي روبرت فايس صاحب 76 عام لصحيفة ذا غارديان عن تجربته مع أهالي اللاعبين.

من جهة أخرى، يروي السيد كول سالويتش من لندن تجربته المؤلمة في إدارة فريق كرة قدم شعبي: “شهدت مشاجرات عنيفة بين الآباء، بل وحصلت على لقطات مصورة لتلك الأحداث. تعرضت للتهديد مرات عديدة من قبل آباء ومدربين، حتى أن بعضهم حاول الاعتداء عليّ جسدياً عندما حاولت فض النزاعات بين الأطفال أثناء اللعب“.

أما السيد جياكومو بوما من إيطاليا فيشاركنا صدمته عندما كان يحضر مباراة لابنه البالغ عشر سنوات في بروكسل: “سمعت بأذني أحد الآباء يوجه لابنه تعليمات صادمة، حيث طلب منه كسر ساق أحد اللاعبين المنافسين إن أتيحت له الفرصة. كان هذا الموقف كافياً لأتخذ قراراً بعدم السماح لأطفالي بممارسة كرة القدم بعد ذلك“.

اقرأ أيضاً: اللاعب المهاري في كرة القدم: بين حب الجماهير ومقصلة الإعلام

هذه الشهادات تكشف جانبا مظلما من عالم كرة القدم الشبابية، حيث يتحول حماس الآباء إلى سلوكيات عنيفة تتنافى تماماً مع روح الرياضة والقيم الإنسانية لذلك على الأهل معرفة دائماً التمييز بين الدعم الإيجابي والضغط المفرط على الطفل ليكون هو الأفضل وكأنه في سباق صعب مع الحياة، على الأهالي ألا ينسوا أن هذه الفترة من حياة الإنسان هي أهم فترة في حياته قاطبةً وستؤثر بشكل كامل على حياته المستقبلية.

X