اجتاحت الأعاصير القوية مناطق متعددة من الولايات المتحدة، حيث تأثرت ولاية فلوريدا بشكل خاص بالإعصار ميلتون الذي ضربها في وقت مبكر من يوم الخميس الفائت، 10 أكتوبر، وفي نفس الوقت تقريباً، واجه موقع وتطبيق الطقس التابع لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC Weather) خطأ تقنياً، أسفر عن تقديم توقعات خاطئة بشأن الرياح القوية في المملكة المتحدة.
ويعرّف موقع مكتب الأرصاد الجوية الإعصار بأنه “منطقة ذات ضغط منخفض فوق المياه الاستوائية أو شبه الاستوائية”، ويشير إلى أن الأعاصير لا تحدث في المملكة المتحدة بسبب اختلاف المناخ، إذ تتطلب هذه الظاهرة درجات حرارة بحرية أعلى بكثير مما هو موجود في البلاد.
ورغم عدم تعرض المملكة المتحدة للأعاصير المدمرة، فإنها لا تزال تشهد أنواعاً أخرى من الطقس المتطرف، إذ يُسجل في المملكة المتحدة حوالي 30 إعصاراً سنوياً، وعلى الرغم من كونها عادة صغيرة وقصيرة العمر، إلا أنها قد تكون خطيرة وتسبب أضراراً جسيمة للمباني.
على مر السنين، تعرضت لندن لعدة أعاصير، لكن اثنين منها كانا بارزين بشكل خاص، كان أحدهما أول إعصار مسجل في تاريخ المدينة، والذي ضربها في 17 أكتوبر 1091.
وقع هذا الإعصار في يوم جمعة، وقد قُدِّر بأنه من الدرجة الثامنة على مقياس تورو الحديث، حيث كانت سرعات الرياح قد تصل إلى 240 ميلاً في الساعة، يُعرف هذا الإعصار بأنه من أقوى الأعاصير التي شهدتها بريطانيا على الإطلاق.
ضرب الإعصار حينها قلب لندن مُسبباً دماراً واسعاً، وقد سُوّيت كنيسة سانت ماري لو بو بالأرض، ودُفنت أربعة عوارض خشبية ضخمة بعمق الأرض حتى لم يتبقَ منها سوى أربعة أقدام فوق السطح، كما هُدِمت مباني أخرى عديدة، بما في ذلك نحو 600 منزل خشبي، رغم تسجيل حالتي وفاة فقط.
بعد الإعصار، قام الملك ويليام روفوس بإعادة بناء جسر لندن، لكن لم يدم طويلاً قبل أن يدمره حريق بعد 40 عاماً، وأعيد بناء الجسر لاحقاً باستخدام الحجر.
وفي الآونة الأخيرة، شهدت لندن إعصاراً كبيراً عام 2006، وقد قُدِّر هذا الإعصار بأنه من الدرجة الخامسة على مقياس تورو، وقيل حينها ان هذا الإعصار عبارة عن سلسلة من الأعاصير القوية التي اجتاحت المدينة، ما أدى إلى ظهور ثمانية أعاصير متتالية، بدأت هذه العواصف في الساعة 11:00 صباحاً بتوقيت جرينتش واستمرت حتى الساعة 11:45 صباحاً، لتترك وراءها دماراً واسعاً.
حصيلة هذا الحدث كانت مؤلمة، إذ أسفرت الأعاصير عن مقتل نحو 115 شخصاً وإصابة 474 آخرين، كما قدرت الأضرار المالية الناتجة عن هذه الكارثة بحوالي 3.2 مليار جنيه إسترليني، واختبر سكان لندن في ذلك اليوم قوة الطبيعة، وتبقى ذكرياته محفورة في أذهان الكثيرين، حيث تمثل تذكيراً بمدى قوة الظواهر الطبيعية وتأثيرها على حياة الإنسان.
جدير بالذكر، أنه في وقت سابق من هذا الأسبوع، أصدرت منظمة TORRO، المعنية بأبحاث الأعاصير والعواصف، تحذيراً باللون الأصفر بشأن الطقس القاسي في جنوب إنجلترا، بما في ذلك العاصمة لندن، وجاء هذا التحذير ليشمل يومي 6 و7 أكتوبر، مشيراً إلى إمكانية حدوث إعصار، ومع ذلك، تؤكد التقارير حالياً أنه لا يوجد أي تحذير من إعصار ساري في أي منطقة من المملكة المتحدة.
وقد اعتذرت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) للمستخدمين بعد أن أظهر تطبيق الطقس الخاص بها عن طريق الخطأ توقعات تشير إلى رياح “قوية الإعصار” بالقرب من لندن، إضافة إلى درجات حرارة غير طبيعية تجاوزت 400 درجة مئوية في نوتنغهام، ورياح تبلغ سرعتها 15,583 ميلاً في الساعة في مدينة لينكولن، وهو رقم غير منطقي تماماً، وقد أثار هذا الخطأ استياء المستخدمين وقلقهم، ما دفع الهيئة إلى تقديم اعتذار رسمي عن هذا الخطأ، والتأكيد بأن هذه التوقعات غير صحيحة.
وكتب خبير الأرصاد ومقدم برنامج الطقس، سيمون كينج، على موقع X: “لا داعي للقلق بشأن بعض بيانات [تطبيق الطقس في هيئة الإذاعة البريطانية] هذا الصباح”، وأضاف: “تأكدوا أنه لن تكون هناك رياح بسرعة 14408 ميل في الساعة، أو رياح قوية مثل الأعاصير، أو درجات حرارة ليلية تصل إلى 404 درجة مئوية، نحن نحقق في الأمر ونأمل في حله قريباً”.
ولفت كينج إلى أن هذا الخطأ ربما تسبب في بعض الارتباك، خاصة في ظل تزامن هذا الخطأ مع إعصار ميلتون الذي أثر على أجزاء من فلوريدا في الولايات المتحدة، مؤكداً: “نأمل أن تكون الأرقام المستحيلة قد ساهمت في توضيح الموقف، ونحن مستمرون في العمل على تصحيح هذا الخطأ”.
من جهته، أكد خبير الأرصاد الجوية في هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) مات تايلور أن “خللاً في البيانات” حدث بين الموردين والتطبيق والإنترنت، ما أدى إلى ظهور توقعات غير دقيقة، لافتاً إلى أن فرق العمل تبذل جهوداً حثيثة لحل المشكلة.
وتواصل هيئة الإذاعة البريطانية متابعة الوضع باستمرار، مع التأكيد على أهمية تقديم معلومات دقيقة للمستخدمين.