اجتاحت تحذيرات للسياح البريطانيين إحدى المدن الإسبانية، وتحت شعار “لاتكن ملفتاً” دعت اللوحات الإعلانية السياح البريطانيين إلى التزام الحشمة في ملابسهم، إضافة للتصرف بصورة لائقة.
ونشرت السلطات المختصة في مدينة “ملقا” (Malaga) الإسبانية، مجموعة من لوحات الإعلان الطرقي، في إطار حملة واسعة، تحث السياح البريطانيين على اتباع السلوك المناسب أثناء زيارتهم للمدينة، إضافة إلى تذكيرهم بارتداء اللباس المحتشم.
وتضمنت اللوحات الإعلانية الأربع التي نشرتها هيئة السياحة المحلية عبر منصة إكس عدداً من العناصر وهي؛ العلم البريطاني مرفقاً برسالة باللغة الإنجليزية مكتوب تحتها الترجمة إلى اللغة الإسبانية بخط أصغر.
ومن الجدير بالذكر أن مدينة ملقا الواقعة على ساحل “كوستا ديل سول” (Costa del Sol) في منطقة الأندلس، جنوب إسبانيا، تتمتع بشعبية كبيرة بين السياح البريطانيين، إضافة لتوفر رحلات طيران بأسعار منخفضة من مختلف مطارات المملكة المتحدة.
وأصبح ساحل “كوستا ديل سول” قبلة للبريطانيين منذ سبعينيات القرن الفائت، واعتاد السواح البريطانيون على قضاء أسبوع من المتعة غير المحدودة المترافقة بالطقس الملائم، مع كل ما يتوفر في بلادهم من أجواء ترفيه وتسلية، كالمشروبات المختلفة ووجبة الإفطار الإنجليزي المتكاملة، لكن لكل نشاط ردود فعل معاكسة، أوما يمكن تسميته بالوجه الآخر، فكثرة السياح البريطانيين في المدينة دفعت السكان المحليين إلى الاحتجاج على تواجدهم المكثف، من خلال مظاهرات احتجاجية على العدد الهائل من السياح، الأمر الذي انعكس على جمالية المكان، وزاد من تكاليف السكن التي ارتفعت بسبب إقبال السياح على المدينة.
وبناءً على ذلك أطلقت بلدية “ملقا” حملة توعية عبر مجموعة من الإعلانات الطرقية، كذلك نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، لاسيما عبر منصة “إكس” (X)، واستعرضت الحملة السلوكيات الملحة التي يحتاج السائح البريطاني إلى ضبطتها، إذ دعت الحملة إلى ارتداء الملابس بشكل كامل، داعية إلى عدم الاستغناء عن الجزء العلوي لاسيما في الأماكن العامة والشوارع، احتراماً للآداب العامة وقواعد السلوك المتعارف عليها.
وكان للحفاظ على نظافة وسلامة البيئة نصيب من تحذيرات بلدية المدينة، من خلال دعوتها السائح البريطاني إلى الاستغناء عن استعمال الدراجة النارية، والتي تحولت في الآونة الأخيرة إلى واحد من المشاهد الأكثر شيوعاً، وتضمنت دعوة السياح البريطانيين في هذا الإطار إلى الالتزام بالسير في الأماكن المخصصة، كحالة المشاة هم بالتأكيد يستخدمون أرضفة المشاة، أما في حالات استخدام الدراجة النارية أو السكوتر فيجب الالتزام بالمسارات المخصصة لهذه الوسائط بالقانون، وبما ينسجم مع القوانين البلدية المخصصة لهذا الغرض.
أما الدعوة الثالثة التي تلقاها السائح البريطاني فهي الاهتمام بنظافة المكان المحيط، وتضمنت اللافتة عبارة “حافظ على نظافة المدينة” (Keep the city clean)، في دعوة مباشرة للزائرين بضرورة استخدام حاويات القمامة وغيرها للتخلص من الفضلات، إضافة للتعامل بحساسية وحذر مع الأماكن الأثرية، وذات القيمة التاريخية، إضافة للحدائق العامة والأملاك العامة بشكل عام.
في حين تطلب اللوحة الإعلانية الأخيرة من الزائرين البريطانيين عدم إثارة الضوضاء بعبارة “لاتكن ملفتاً للأنظار” (Do not be conspicuous)، وتفصل الدعوة مفهومها، بعدم الصراخ أو الغناء بصوت مرتفع، واحترام ساعات راحة القاطنين في الجوار، بمن فيهم من كبار السن والمرضى والأطفال والعمال.
ولا تعتبر الحملة الحالية هي المرة الأولى التي تسعى فيها بلدية المدينة للتأثير على سلوك السائحين البريطانيين، فقد أعلنت البلدية في العام الماضي عن فرض غرامة على أي شخص يتواجد في الشارع دون ملابس، أو بالملابس الداخلية فقط، ووصلت قيمة الغرامة في ذلك الوقت إلى 750 يورو أي ما يعادل 825 دولاراً أمريكياً.
وفي الختام لا بدّ من الإشارة إلى أن مدينة ملقا ليست الوحيدة التي تعاني من التأثيرات السلبية للسياحة الجماعية، إذ أعلنت حكومة برشلونة الشهر الماضي أنها ستمنع تأجير الشقق للسياح مع حلول العام 2028، على خلفية احتجاجات خرج فيها الآلاف من سكان البلاد للمطالبة بضبط السياحة الجماعية، التي تتسبب في رفع تكاليف السكن على السكان المحليين وتعهدت الحكومة بإعادة المدينة إلى حالة تكون فيها صالحة للسكن من جديد.
أيضاً شهد شهر مايو عدداً من حملات ضبط الحفلات المقامة على قوارب وفي الأماكن العامة على جزيرتي “إيبيزا” (Ibiza) و”مايوركا” (Mallorca)، وسبقها في إبريل احتجاجات السكان في جزر الكناري الإسبانية على التدفق السياحي الهائل، الذي أسهم في رفع أسعار المنازل إضافة للأضرار البيئية الأخرى بحسب السكان الذين حملوا السياح المسؤولية الكاملة عن هذا التحول.