كشفت شبنة بيجوم، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة روني ميد تراست (Runnymede Trust)، وهي مؤسسة بحثية معنية بالمساواة العرقية والحقوق المدنية، أن المسلمين يواجهون مناخاً “قاتماً وبائساً” في المملكة المتحدة، مشيرة إلى أن أعمال الشغب العنصرية ستعود إذا استمرت الإسلاموفوبيا في كونها “عملة مقبولة” في السياسة، بحسب تعبيرها.
وقالت رئيسة المؤسسة البحثية الرائدة في مجال المساواة العرقية في المملكة المتحدة إن الإسلاموفوبيا أصبحت “مسببة للانقسام بوحشية” في المملكة المتحدة وأن الفشل في تحدي أسبابها الجذرية سيؤدي إلى المزيد من أعمال الشغب العنصرية.
وأضافت شبنة بيجوم، : إن البلاد تدخل مرحلة جديدة في كيفية الحديث عن المسلمين، وأوضحت: “لقد صاغت سعيدة وارسي مصطلح اختبار مائدة العشاء (وهو تعبير يعني أن الإسلاموفوبيا أصبحت مقبولة أكثر)، لكنني أعتقد أننا تجاوزنا ذلك أيضاً. إن الطريقة التي يتحدث بها الساسة عن المسلمين الآن مهينة للغاية، وهي تستخدم أكثر المصطلحات وحشية في الانقسام”.
وحذرت، إذا لم يتغير شيء في الخطاب السياسي والسياسة، فإن أعمال الشغب في الصيف الماضي ستتكرر.
وتابعت:”أعتقد أنهم سيعودون. كانت (أعمال الشغب) أبشع تجسيد لسنوات من العنصرية التي تم تصنيعها من خلال الخطاب الإعلامي السياسي. وإذا لم نفعل شيئاً مختلفاً، سيتكرر ذلك، وسيصبح هذا القبح مجرد سمة منتظمة لسياساتنا”.
وفي حديثها إلى صحيفة “الغارديان” وسط إصدار مؤسسة روني ميد تقريرها حول الإسلاموفوبيا، قالت بيجوم إن الحرب المدمرة في غزة والاستجابة لاحتجاجات وقف إطلاق النار في المملكة المتحدة تعني أن القضية أصبحت “لا مفر منها” ويجب مواجهتها.
وبينما لم تذكر أسماء نواب محددين، قالت بيجوم إن حزب العمال والمحافظين متهمون بتغذية مناخ معادٍ للمسلمين البريطانيين.
وأشارت إلى الاستجابة إلى أعمال الشغب العنصرية في الصيف باعتبارها أمراً مقلقاً بشكل خاص، قائلة إن هناك “تخوفاً حقيقياً في استخدام مصطلح الإسلاموفوبيا خلال تلك الفترة لأن لا أحد يريد أن يُرى مدافعاً عن المسلمين”.
وأضافت: “ينخرط السياسيون في مسابقة شعبية، ويتم قياس مقدار الشعبية هذه بمدى استعدادهم لتخويف المسلمين وتشويه سمعتهم. ولم يصبح هذا مجرد نوع مقبول من العملة، بل أصبح وسيلة لكسب مكانتك السياسية”.
الإسلاموفوبيا بازدياد
في السياق، يستكشف التقرير، الذي تؤيده منظمة العفو الدولية في المملكة المتحدة والمجلس الإسلامي البريطاني، الطريقة التي “تكثفت” بها كراهية الإسلام في مناطق مختلفة.
ويشير إلى أنه حتى فبراير 2024، سجل المشروع الوطني، Tell Mama، الذي يقيس الهجمات ضد المسلمين، زيادة بنسبة 335% في حوادث الكراهية ضد المسلمين مقارنة بالعام السابق، ومعظمها ضد النساء.
وفي العام الماضي، كانت 38% من جميع جرائم الكراهية الدينية التي سجلتها الشرطة ضد المسلمين، وسط زيادة بنسبة 13% في جرائم الكراهية ضد المسلمين.
وما يقرب من جريمتي كراهية دينية من كل خمس جرائم تستهدف المسلمين – وهي الأكبر من أي مجتمع ديني آخر.
ووفقاً للإحصائيات، سجل العام الماضي أعلى عدد مسجل لجرائم الكراهية المناهضة للأديان، وتشير الشرطة إلى أن هذه الزيادة تزامنت مع الحرب الإسرائيلية على غزة.
وقالت بيجوم إن القضية ذهبت إلى أبعد من الهجمات العنيفة والعنصرية، موضحة: “غالباً ما نركز على تلك الحوادث الأكثر إثارة للعنف، والتي هي حقيقية وتلحق ضرراً عميقاً وطويل الأمد بالأفراد والمجتمعات، ولكن يمكن أن نتجاهل الإسلاموفوبيا التي ترعاها الدولة والتي تكمن في تشريعاتنا وسياساتنا ورواياتنا”.
وانتقدت بيجوم ما وصفتها بالمعايير المزدوجة تجاه المسلمين، الذين قالت إنهم يتعرضون لانتقادات بسبب فشلهم في الاندماج إذا لم يشاركوا في الحياة العامة، ولكنهم يتعرضون للانتقاد أيضاً عندما يفعلوا ذلك، وأضافت: “سواء كان ذلك من خلال كوننا محافظين في المدارس، كما نُرى من خلال قضية حصان طروادة … نُرى أننا نحاول الاستيلاء على المدارس المحلية واختطافها”.
وتابعت: “أو عندما نخرج في مسيرات احتجاجية، جنباً إلى جنب مع العديد من الأشخاص الآخرين، يتم اتهامنا بالحض على الكراهية ومتطرفون إسلاميون. وعندما نستخدم أصواتنا للتعبير عن تفضيلاتنا السياسية، يتم وصفنا بأننا طائفيون ومؤيدون للانقسام”.
الجدير بالذكر أن بيجوم ولدت في السبعينيات لمهاجريين من بنغلاديش، وقضت سنواتها الأولى في تاور هاملتس في لندن كجزء من المجتمع البنغالي الكبير النابض بالحياة هناك، وأصبحت معلمة في شرق لندن، حيث فكرت بشكل مكثف في شكل التعليم المناهض للعنصرية.
وغيّرت حياتها المهنية بعد أكثر من 20 عاماً للحصول على درجة الدكتوراه في التاريخ الاجتماعي والسياسي للمستوطنات – وضعها هذا في فلك روني ميد، حيث قادها عقد بحثي لمدة ستة أشهر إلى شق طريقها لتصبح الرئيسة التنفيذية.
اقرأ أيضاً: ما الذي يشغل بال البريطانيين في 2024؟