تلعب الصحة النفسية للطلاب في المدارس دوراً هاماً ليس فقط في جودة تجربتهم التعليمية، بل في بناء شخصية متوازنة قادرة على مواجهة صعوبات الحياة، وهو ما يحتم توفير بيئة مدرسية داعمة، واستراتيجيات فعالة لتعزيز الصحة النفسية في المدارس. إذ دعت نقابة المعلمين في بريطانيا إلى تقليص عدد الاختبارات المدرسية للطلاب في المدارس الابتدائية، وخصوصاً اختبارات جدول الضرب الوطنية التي تعتبر إلزامية لطلاب الصف الرابع في المدارس الحكومية في إنجلترا، وذلك لأنها تسبب مستويات عالية من القلق لدى الأطفال.
وبحسب الصحف البريطانية، طالبت النقابة بتبسيط اختبارات SAT التي يجريها الطلاب في نهاية المرحلة الابتدائية في القراءة والكتابة والرياضيات، وأكدت على ضرورة حذف الأسئلة النحوية الأكثر صعوبة، على أن يتم تسليم هذه المطالب النقابية إلى وزيرة التعليم لتقييمها واتخاذ القرارات بشأنها.
وقال مصدر نقابي: “يجب أن تصبح اختبارات جدول الضرب اختيارية، ومع أننا لا ننكر أهمية تعلم الأطفال جدول الضرب، لكن التحقق الدائم من حفظ الطلاب لها هو مضيعة لوقت الطالب”. متسائلاً لماذا التشدد بضرورة معرفة أطفال المرحلة الابتدائية بالأفعال الشرطية والظروف.
اختبارات جداول الضرب الوطنية عادت عام 2018، بعد أن تم إلغاؤها عام 1944، وذلك بناء على اقتراح حكومة المحافظين التي أكدت أن الاختبارات تعني أن الجيل الجديد لن يعاني مرة أخرى في إتقان جداول الضرب”
السيد “نيك جيب” الذي كان وزير المدارس في تلك الفترة، علّق على توصيات نقابة المعلمين بإلغاء امتحانات جداول الضرب وتقليص مناهج النحو بأنها ستكون بمثابة خطوة إلى الوراء، وتؤثر سلباً على مستقبل الجيل القادم من الشباب، مؤكداً أن الدراسات تشير إلى أن الاختبارات المدرسية وحفظ الأطفال لجداول الضرب هو شرط أساسي لتعلمهم للرياضيات الأكثر تطوراً.
وبين جيب أن منتقدي تدريس قواعد اللغة أنفسهم يستخدمون قواعد نحوية مثالية في التعبير عن انتقاداتهم، لافتاً إلى أن الأطفال الذين اعتادوا استخدام القواعد النحوية الصحيحة في حياتهم اليومية والقادمين من عائلات تهتم بقدرة أطفالها على التعبير اللغوي السليم لا يحتاجون إلى دراسة قواعد النحو المعقدة في المدارس، في حين أن الأطفال القادمين من خلفيات اجتماعية محرومة ولم يتلقوا فرصتهم لاكتساب مهارات لغوية في التعبير، فيجب تعليمهم قواعد اللغة حتى يستطيعوا التعبير عن أنفسهم ومطالبهم بدقة.
كما قال نيك تيموثي، عضو البرلمان عن حزب المحافظين، إن “المعايير العالية والمساءلة الواضحة التي نتجت عن الإصلاحات المدرسية التي قام بها مايكل جوف ونيك جيب هي السبب في أن المدارس الإنجليزية الآن من بين أفضل المدارس في العالم”.
اقرأ أيضاً: تراجع طلبات التحاق الطلاب بالمدارس الابتدائية في لندن، ومخاوف من نتائجها الكارثية!
وفي استطلاع رأي تم إجراؤه منذ عامين أشرفت عليه صحيفة ذا تايمز The Times البريطانية، تبين أن ثلثي الآباء (57%) في بريطانيا يعتقدون أن هناك تركيزاً مبالغاً فيه على الاختبارات المدرسية في نظام التعليم، في حين رأى 19% فقط أن النظام الحالي يوازن بين الامتحانات والتعلم.
كما أوضح الاستطلاع أن 59% من الآباء والأمهات الذين لديهم أطفال في المدرسة يرون أن نظام التعليم أعد الأطفال إما بشكل سيء إلى حد ما، أو سيء للغاية. وعبر أكثر من نصف الأهالي خلال الاستطلاع عن اعتقادهم أن الاختبارات المدرسية أضرت بالصحة العقلية للأطفال، وأخبر بعضهم اللجنة المشرفة على الاستطلاع أن ضغط الامتحانات لم يعد يطاق، خاصة في بعض المستويات التي بات الأطفال فيها يعانون من رهاب الاختبارات ويمرون بظروف نفسية سيئة قبل إجرائها.
الصحة النفسية للأطفال وكثرة الاختبارات المدرسية لم تكن الموضوع الوحيد الذي تم إثارته خلال الفترة الأخيرة في مجال التعليم، إذ وبحسب دراسة أجرتها مؤسسة خيرية للصحة العقلية في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تبين أن سلامة المدرسين النفسية وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ خمس سنوات، مع ارتفاع معدلات التوتر والأرق والإرهاق.
ويعتبر الإجهاد الدراسي من أبرز التحديات التي يواجهها الطلاب خلال مراحل تعليمهم المختلفة، إذ يمكن أن يؤدي إلى زيادة مستويات القلق والتوتر، ويؤثر على قدرتهم على التركيز والتعلم واكتساب المهارات العلمية والاجتماعية، وانخفاض مستويات الرضا الذاتي وإيمانهم بقدرتهم على تحقيق النجاح في المستقبل، كما يلعب دوراً سلبياً الاكتئاب وانخفاض المزاج، إذ يعاني الطلاب من مشاعر الإحباط واليأس وفقدان الاهتمام بالأنشطة التي كانوا يستمتعون بها سابقاً.
اقرأ أيضًا: منحة كلارندون فرصتك للدراسة في أعرق جامعات بريطانيا