في قلب البرلمان البريطاني، يُطرح النقاش مجدّداً حول قضية مثيرة للجدل تتعلق بالموت بمساعدة طبية، وذلك بالتوازي مع ما يواجهه المجتمع من تحديات أخلاقية وقانونية عميقة حول حق الأشخاص الذين يعانون من أمراض مميتة في اختيار إنهاء الحياة الخاصة بهم متى شاؤوا ذلك.
ويحمل مشروع القانون الذي تقدمت به النائبة عن حزب العمال كيم ليدبيتر، وعوداً بفتح حوار جديد حول هذه المسألة المعقدة بعد سنوات من الصمت البرلماني، فبينما يتصارع المؤيدون والمعارضون، تتجلى تساؤلات حول تأثير هذا القرار على المجتمع، والأطباء، والأشخاص الأكثر ضعفاً… إليكم التفاصيل!
يستعد أعضاء البرلمان في إنجلترا وويلز للتصويت لأول مرة منذ تسع سنوات على مقترحات تتعلق بحق الأشخاص الذين يعانون من أمراض مميتة في إنهاء حياتهم، إذ ستُقدَّم هذه المقترحات في البرلمان في تشرين الأول/أكتوبر الجاري وفق ما أعلنته النائبة عن حزب العمال كيم ليدبيتر.
النائبة في البرلمان البريطاني كيم ليديبتر
وقد صرحت ليدبيتر قائلة: «الآن هو الوقت المناسب» لإعادة النقاش حول موضوع الموت بمساعدة طبية، بعد أن رفض أعضاء البرلمان قانوناً مماثلاً في عام 2015.
وفي حديثها إلى هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، قالت ليدبيتر إن حصولها على المركز الأول الأول في الاقتراع الخاص بأعضاء البرلمان دفعها للبحث في موضوع الموت بمساعدة طبية «بشكل أكثر تفصيلاً»، وأشارت إلى وجود «شهية حقيقية» لدى النواب لإجراء مناقشة حول هذا الموضوع، مضيفةً: «الوضع الحالي ليس آمناً بالقدر الكافي، ولا توجد الخيارات التي أعتقد أن الناس يستحقونها».
وكان قد وعد رئيس الوزراء، كير ستارمر، سابقاً بمنح أعضاء حزب العمال الفرصة للتصويت بشأن هذا الموضوع، مبدياً دعمه لتغيير القانون، ما يعكس تحولاً في الموقف الحكومي تجاه هذه القضية.
وفي تفاصيل المقترح، ذكرت ليدبيتر أن مشروعها يهدف إلى منح البالغين المؤهلين الذين يقتربون من نهاية حياتهم الحق في اختيار تقصير مدة حياتهم إذا رغبوا في ذلك، وعلى الرغم من أن التفاصيل لم تُحدد بعد، يُتوقع أن يكون مشروع القانون مشابهاً لمقترح قُدّم في مجلس اللوردات سابقاً، ويسمح للبالغين المصابين بأمراض مميتة والذين تبقى لهم ستة أشهر أو أقل للعيش بالحصول على المساعدة الطبية لإنهاء حياتهم.
ومن المقرر تقديم مشروع القانون بشكل رسمي في 16 تشرين الأول/أكتوبر، مع وجود مناقشة وتصويت أولي متوقعين لاحقاً هذا العام، ويجب أن يجري التصويت عليه من قبل النواب وأعضاء اللوردات قبل أن يصبح قانوناً سارياً.
وفي الوقت نفسه، تسعى اسكتلندا وجزيرة جيرسي وجزيرة مان أيضاً للنظر في تغييرات على القوانين المتعلقة بالموت بمساعدة طبية.
وتجدر الإشارة إلى أن القضية اكتسبت اهتماماً كبيراً في الأشهر الأخيرة، بعد أن كشفت المذيعة “دايم إستر رانتزن” أنها تعاني من سرطان الرئة، وانضمت إلى “ديغنيتاس” – عيادة الموت بمساعدة طبية في سويسرا.
وقد أكد رئيس الوزراء في تصريحاته أنه قبل الانتخابات العامة، وعد “دايم إستر” بنقاش وتصويت حر حول الموت بمساعدة طبية، فيما عبرت هي عن مفاجأتها بإمكانية رؤية نقاش في البرلمان حول هذا الموضوع، وقالت: «كل ما أطلبه هو أن نُمنح كرامة الخيار».
ومع ذلك، عارضت الدكتورة لوسي توماس، وهي طبيبة مختصة في الرعاية التلطيفية والصحة العامة، فكرة الموت بمساعدة طبية، قائلة إن ذلك يعد ملاذاً أخيراً ويجب أن تحكمه المحاكم بدلاً من الأطباء، مشيرةً إلى أن اختيار إنهاء الحياة ليس قراراً بسيطاً.
يذكر أنه حالياً، يُحظر الانتحار بمساعدة شخص آخر في إنجلترا وويلز وأيرلندا الشمالية، مع فرض عقوبة سجن تصل إلى 14 عاماً، ويُستخدم مصطلح الموت بمساعدة طبية بشكل عام للإشارة إلى الحالة التي يسعى فيها شخص مصاب بمرض مميت للحصول على المساعدة الطبية وأدوية قاتلة يمكنه إدارتها بنفسه.