في ظل النهضة الكبيرة التي تشهدها المملكة العربية السعودية، شهدت أوضاع المرأة السعودية تحولات ضخمة، حيث عنيت رؤية 2030 بإنصافها، وتمكينها، إذ توالت مكاسب المرأة السعودية بصدور الأوامر الملكية التي رافقها التشريعات لتوفر للمرأة السعودية البيئة الآمنة للعمل، وتحقق لها المساواة مع الرجل.
الأمر الذي أسهم في زيادة نسبة مشاركتها في سوق العمل من نحو 19% بنهاية العام 2016 إلى 33.2% بنهاية العام 2020، متجاوزة بذلك مستهدفات رؤية المملكة 2030 والتي حددت 30% كنسبة مستهدفه لمشاركة المرأة في سوق العمل بحلول العام 2030، فيما سجل معدل البطالة بين السعوديات أدنى مستوى تاريخي له بنهاية العام 2020 عند 24.4%، وذلك بعد دخول 293,232 امرأة لسوق العمل خلال السنوات الـ 4 الأخيرة..
بداية التغيير
البداية كانت بنهاية العام 2015، وهو العام الأول لتولي الملك سلمان مقاليد الحكم، حيث تم إجراء أول انتخابات بلدية تشارك فيها المرأة كناخبة ومرشحة في تاريخ المملكة يوم 12 ديسمبر 2015، توجت بفوز 21 امرأة بمقاعد في انتخابات المجالس البلدية في دورتها الثالثة.
وفي سبتمبر 2017 كانت المرأة السعودية على موعد مع قرار تاريخي بصدور الأمر الملكي بالسماح للمرأة باستصدار رخصة قيادة سيارة وفق الضوابط الشرعية، وفي 14 فبراير 2018 تم السماح للمرأة السعودية بالبدء بعملها التجاري، والاستفادة من الخدمات الحكومية دون الحاجة لموافقة ولي الأمر، وترجمة لتوجيهات القيادة السعودية بتمكين المرأة في مختلف المجالات، تولت المرأة عددًا من الوظائف كانت حكرًا سابقًا على الرجال في القطاعين الحكومي والخاص.
وشهد أيضًا العام 2018 صدور نظام لمكافحة التحرش، شجع النساء على المشاركة بشكل أوسع، وفتح لها مجالات لم تكن مفتوحة من قبل.
تعينات غير مسبوقة
وفي 23 فبراير 2019، تم تعيين المرأة السعودية في مناصب هامة؛ حيث تم تعيين الأميرة ريما بنت بندر سفيرة للسعودية بالولايات المتحدة، لتكون أول امرأة تتقلد هذا المنصب.
وفي 2 أغسطس 2019، مُنحت المرأة المزيد من الحقوق على أكثر من صعيد، وأتيح لها استخراج جوازات سفر، ومغادرة البلاد دون شرط موافقة ولي الأمر، كما أصبح للمرأة الحقوق ذاتها التي يكفلها القانون للرجل؛ حيث كفل النظام حصولها على جواز سفر بنفسها أسوة بالرجل، ويحق لها السفر بعد بلوغ 21 عامًا دون شرط موافقة ولي الأمر.
كما تمت الموافقة على تعديل نظام العمل، لمنح المزيد من الحقوق للمرأة، ووضعها على قدم المساواة مع الرجل.
وشهد العام 2020 العديد من المكاسب للمرأة السعودية، ففي أكتوبر 2020 تم تعيين آمال يحيى المعلمي بمنصب سفيرة لبلادها لدى النرويج، لتصبح ثاني امرأة تشغل هذا المنصب، وجاء تعيين المعلمي بعد يومين من إصدار الملك سلمان أمرًا ملكيًا بتعيين الدكتورة حنان بنت عبد الرحيم بن مطلق الأحمدي، مساعدًا لرئيس مجلس الشورى بالمرتبة الممتازة، لتكون أيضًا أول امرأة تتولى المنصب، وبموجب الأمر الملكي، احتفظت 12 عضوة من أصل 30 عضوة بمقاعدهن بمجلس الشورى في دورته الحالية، فيما دخل المجلس 18 وجهًا نسائيًا جديدًا.
وفي يونيو 2020 تم الكشف عن تعيين أول امرأة في الحرس الملكي السعودي، وفي يوليو 2020 تم تعيين 13 امرأة في المجلس الجديد لهيئة حقوق الإنسان، بما يمثل نصف أعضاء المجلس، وتعيين الدكتورة ليلك الصفدي رئيسًا للجامعة الإلكترونية، كأول امرأة ترأس جامعة سعودية طلابها من الجنسين.
سابقة مهمة
كما انتخبت الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان عضوًا جديدًا في اللجنة الأولمبية الدولية، لتصبح أول سعودية، وثالث شخصية تمثل بلادها في اللجنة الأولمبية الدولية.
وفي أغسطس 2020 تم تعيين أول امرأة في منصب أمين مجلس منطقة سعودية، حيث أصبحت الدكتورة خلود الخميس أول امرأة تتولى منصب “أمين مجلس منطقة” في السعودية، ضمن إطار وزارة الداخلية، وسبق ذلك دخول المرأة السعودية مجال عمل قيادة سيارات الإسعاف، بعد أن أصبحت سارة العنزي أول سعودية تقود سيارة إسعاف لتنقل المرضى وتداوي الجرحى.
وفي أكتوبر 2020 تم تعيين الفارسة دلما رشدي ملحس رئيسة للجنة الرياضيين الاستشارية، المعنية بملف استضافة الرياض دورة الألعاب الآسيوية لعام 2030، فيما يعد سابقة مهمة أن تتبوأ امرأة منصبًا قياديًا في عالم الرياضة. وفي يناير2021، تم تعيين الأميرة هيفاء بنت عبد العزيز آل مقرن مندوبة دائمة للسعودية في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو”، ويأتي ذلك تمكينًا لدور المرأة السعودية، وتعزيزًا لرؤية البلاد 2030.
بالأرقام
ونتيجة لتلك الجهود جاءت الأرقام الرسمية لنشرة العمل بنهاية العام 2020 لتكشف نجاح السياسات الحكومية في السنوات الأخيرة في تمكين المرأة، وهو ما أصبح أبرز معالم التحول، وإعادة الهيكلة الشاملة، التي شهدها الاقتصاد السعودي منذ إطلاق رؤية 2030.
ووفقًا لبيانات نشرة سوق العمل ربع السنوية، الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء، فإن عدد الإناث اللاتي دخلن سوق العمل خلال السنوات الأربع الأخيرة بلغ 293,232 امرأة، وذلك بارتفاع عدد العاملات في الاقتصاد السعودي من 1,019,283 مشتغلة بنهاية العام 2016 إلى 1,312,515 مشتغلة بنهاية العام 2020.
وهو ما أدى إلى ارتفاع معدل مشاركة المرأة السعودية في الاقتصاد إلى 33.2% بنهاية العام 2020 ارتفاعًا من 19% بنهاية العام 2016.
وتوضح بيانات النشرة أن السعوديات العاملات في القطاع الحكومي بلغ عددهن 573,706 سعودية بنسبة 38% من إجمالي المواطنين العاملين في القطاع الحكومي، فيما بلغ عددهن في القطاع الخاص 599,161 سعودية يمثلن 34% من إجمالي السعوديين العاملين في القطاع.
ونتيجة لزيادة عدد السعوديات الداخلات لسوق العمل، فإن معدل البطالة بين الإناث في السعودية انخفض من 34.5% بنهاية العام 2016 إلى 24.4% بنهاية العام 2020، وهو مستوى تاريخي جديد لمعدل البطالة بين الإناث، وذلك على الرغم من تأثيرات جائحة كورونا على الاقتصاد العالمي والمحلي.
الأولى خليجياً والثانية عربياً
كما تُرجمت قرارات تمكين المرأة السعودية على المستوى الدولي؛ لتتقدم المملكة للعام الثاني على التوالي في تقرير “المرأة، أنشطة الأعمال، والقانون 2021″، الصادر عن مجموعة البنك الدولي، الذي يهدف إلى مقارنة مستوى التمييز في الأنظمة بين الجنسين في مجال التنمية الاقتصادية وريادة الأعمال بين (190) دولة.
ويعود هذا التقدم إلى عدد من الإصلاحات التي شقت الطريق لمشاركة المرأة في التنمية الاقتصادية، ومن أبرزها: عدم التمييز في العمل بين الرجل والمرأة، ومساواة سن التقاعد بين الرجل والمرأة، والسماح للمرأة بالعمل في عديد من القطاعات الجديدة، وتشجيع المرأة ودعمها لتولي المناصب القيادية، لتأتي المملكة الأولى خليجيًا والثانية عربيًا، وضمن الدول المتصدرة على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.