نظمت الهيئة الدولية للسلام وحقوق الإنسان أمسية فكرية وثقافية تفاعلية بعنوان “العرب في ميزان الحداثة” في العاصمة البريطانية لندن، بحضور المفكر والأديب الدكتور عمر عبد العزيز، إلى جانب حضور عدد كبير من الشخصيات الثقافية العربية المقيمة في بريطانيا.
وقد تمت إقامة الندوة في قاعة المنتدى الثقافي العربي في بريطانيا بإدارة رئيس مؤسسة تمدن الدكتور محمود العزاني، الذي ذكر أن حجم التفاعل مع الندوة يؤكد على أهمية الاهتمام بالأنشطة الثقافية والفكرية الغائبة في ظل الأحداث السياسية اليومية، مؤكداً أن القضايا الفكرية تظل في أولويات الشأن العام.
وقد أشار نائب رئيس الهيئة الدولية للسلام وحقوق الإنسان الدكتور همدان دماج إلى أن أهمية موضوع الندوة تنبع من خصوصيته فيما يتعلق بالأمة العربية والتحديات التي تواجهها شعوب المنطقة والتي تأتي في مقدمتها حتمية اللحاق بقطار التقدم الإنساني.
ولفت إلى أنه على الرغم من الصعوبات والإخفاقات التي يواجهها قطار التقدم الإنساني، لكنه يتقدم بسرعة ثابتة واتجاه واضح لا يتغير، والذي بدوره سيكون سبباً في تغيير معالم الحياة.
وأوضح د. دماج أن الحديث عن الحداثة يعني الحديث عن المستقبل الذي يجب على الجميع التفكير فيه، على الرغم من محاصرة هموم الواقع لشعوب المنطقة العربية.
وقد ناقش د. عمر عبد العزيز محورين خلال الندوة أولهما كان حول المفاهيم العامة للحداثة وعلاقة الدين والعلمانية بالحداثة، كما ناقش مفاهيم الديمقراطية والليبرالية وتقاطعات النظام الاقتصادي العالمي معها، موضحاً أنه على الرغم من المركزية التاريخية لأوروبا في المفاهيم المتعلقة بالحداثة، فإن ذلك لا يتعارض مع الاعتراف بتعدد الحداثات وتنوع حضورها الأفقي في العالم المعاصر، الأمر الذي يصبع الممارسة الحداثية بطابع تشاركي إنساني.
وذكر أن الحداثة التي انكشفت ملامحها بعد عصر النهضة في أوروبا اكتسبت عناصرها الأولى من الحضارتين اليونانية والعربية الإسلامية في الأندلس، كما ناقش د. عبد العزيز في هذا المحور تجارب ونماذج الحداثة الفكرية والسياسة التقليدية ومساراتها التاريخية مثل النموذج الآسيوي، واستعرض التجربة الصينية الخاصة والمستقلة عن النمط الغربي المتعارف عليه.
وفي المحور الثاني، تحدث د. عبد العزيز عن مسألة الحداثة في الوطن العربي، وعرض نبذة تاريخية مختصرة عن التجارب العربية، وتطرق إلى إشكاليات الحاكميات في الموروث السياسي والديني العربي والإسلامي وتجلياتها المعاصرة وإعاقتها لجهود التنوير، متسائلاً عن الديمقراطية في الوطن العربي وما آل إليه الربيع العربي.
ولفت إلى أهمية الإصلاحات التي تحدث في العديد من الدول الخليجية ودول المغرب العربي، والتي اعتبرها استجابة منطقية لحتمية التغيير والحداثة.
وأعرب د. عبد العزيز عن اعتقاده الراسخ بأن المجتمعات العربية تمتلك مقومات تؤهلها للالتحاق بقطار الحداثة الإنسانية المعاصرة.
ويُذكر إلى أنه خلال الندوة، وجه الحضور العديد من الأسئلة الهامة، وأجروا العديد من المداخلات التي منحت الحدث طابعاً ديناميكياً.
وتجدر الإشارة إلى أن د. عمر عبد العزيز أكاديمي وناقد أدبي وروائي ورسام تشكيلي ومحلل سياسي واقتصادي، يشغل الآن منصب مدير إدارة الدراسات والنشر في دائرة الثقافة في حكومة الشارقة، ولديه عدد كبير من الإصدارات الثقافية والاقتصادية والنقدية، وعدد من الروايات السردية، وتنشر مقالاته في العديد من الصحف والمجلات والدوريات العربية، بالإضافة إلى حلقات وبرامج تلفزيونية ثقافية.