ينتظر ملايين العالم من كل عام توقعات العام الجديد الذي على أثرها توقع جدل كبير بين صحتها وعدم صحتها، كما يتم تتبع مدى تحققها على مدار العام، وطبها هذا لا يحتاج إلى تتبع، إذ لا يلبث أن يخرج هولاء المتوقعون ليثبتوا للعالم صحة توقعاتهم عند حدوثها.
وفي مقالنا هذا سنستعرض أهم وأبرز المتوقعين في العالم، والذين أخافت توقعاتهم الناس بسبب تحققها، ولعل أبرزهم ليلى عبد اللطيف التي تربعت على عرش التوقعات الصحيحة، وربما القفزة العالمية التي حققتها كان توقع بانسحاب الرئيس الأمريكي جو بايدن من سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية، قبل إعلان بايدن ترشح كامالا هاريس، هذا ما جعلها تتصدر عنواين الصحف العربية والعالمية.
ولا ننسى العديد من التوقعات التي صدقت كانفصال الممثلة ياسمين عن العزيز وزوجها احمد العوضي، وتوقعت أيضاً خسائر فادحة لرجل الأعمال إيلون ماسك، إذ تراجعت القيمة السوقية لشركة تسلا، كما توقعت ليلى حادث طائرة سيشغل العالم، ولم ينج منه أحد، وقد تحقق ذلك بوقوع طائرة رئيس إيران، بالإضافة إلى ذلك توقعت وفاة أحد القادة العرب السياسيين، وهو ما تحقق بوفاة أمير الكويت.
لا يقتصر علم التوقعات وليس النبوءات على العالم العربي، إذ هناك أسماء تاريخية في هذا المجال، ونذكر منها عراب التوقعات نوستراداموس الفرنسي، الذي عاش في القرن السادس عشر، وألف كتاب جمع فيه العديد من التوقعات لكن على شكل شعر صعب التفسير، ويقول من قراءه بأنه مفهوم لكن بصعوبة، ويطلق عليه اسم “القرون”، وطبعا إلى الآن هناك توقعات تحصل على الرغم من مرور الزمن الطويل على الكتاب.
والغريب في هذا أنه كان يستخدم الماء في توقعاته، إذ كان ينظر إلى إناء فيه ماء، ثم يخطها بطريقة شعرية مبهمة، ولعل أبرزها التي حدثت هي هزيمة نابليون بونابرت في معركة واترلو، وكما ذكرنا أن توقعاته تخطت مستقبله الموجود فيه، إذ توقع نهاية العالم عام 3797، كما توقع وفاة الأميرة ديانا وأم تيريزا، وحتى حوادث مشهورة مثل 11 سبتمبر والحروب في منطقة الشرق الأوسط.
وقد حير نوسترادموس العالم بقدرته على التوقع، ولا تزال توقعاته تأخذ صداً كبير إلى يومنا هذا، ولا يزال كتابه المترجم لعدد من اللغات يتم تداوله وتتبع الموجود فيه، ومدى تحققها.
من منا لم يسمع بالجدة فانغا؟ تلك الجدة العمياء التي نالت شهرة واسعة منذ سنوات، فالجدة فانغا أو فانغيلا باندينا جيوستروفا من بلغاريا، كانت تعمل كمعالجة بالأعشاب ومعالجة نفسية، وما هي إلا سنوات بدأت تعمل بالتوقعات لأبناء بلدتها، ومع بداية الحرب في بلغاريا عام 1939 وتشرد الكثير من السكان ازدادت شهرتها، إذ توافدت أهالي المفقودين والقتلى لمعرفة مصير أبناءهم وأين قبورهم، والشيء الغريب أن توقعاتها كانت كثيراً ما تصدق، لدرجة أن يزورها قادة ومسؤولون بلغاريون لاكتشاف المستقبل وما سيحصل معهم، كما زارها الأمير البغاري يوريس الثالث، وتم تخصيص مرتباً ثابتاً من قبل الحكومة، وأسست طاقماً سكرتارياً لتسيير أعمالها عام 1966.
وعلى الرغم من وفاتها منذ أكثر من 25 عاماً، إذ توفت عام 1996 إلا أنها وضعت ما رأته عن العالم، وبحسب قولها فإننا على أعتاب حرب عالمية ثالثة سيتم استخدام الأسلحة النووية فيها، كما أنها توقعت سيطرة روسيا على العالم، وأن مجد فلاديمير بوتين سيزداد ولن يخبو، أما في الاطلاع على ما تحقق من توقعاتها فنجد أنه تفكك الاتحاد السوفييتي، وحادثة تشيرنوبل، والعديد من الأحداث العالمية.
أما من أمريكا العظمة، ظهر الروائي الشهير إدغار كايس، الذي يعد من أبرز المتوقعين في القرن العشرين، كما حصل على اهتمام دولي كبير بسبب دقة ما يتحدث عنه، مما جعله شخصية مثيرة للاهتمام.
يبدو أن كايس لا يعتمد في توقعاته على الإلهام أو الأشياء الروحانية، إنما يعتمد على متابعة الأحداث العالمية الجارية التي تتقاطع مع ذكاءه الحاد في استنتاج ما قد يحصل، وعلى هذا اعتمد في أولى توقعاته التي كانت سبب في شهرته، إذ توقع حدوث الأزمة الكبرى في سوق الأوراق المالية الأمريكية، وذلك في عشرينات القرن الماضي، وتحدث بثقة عن هذه الأزمة، وحذر المستثمرين من هذا الأمر الكارثي الذي حدث بالفعل في سنة 1929 ، وعرف وقتها بانهيار بورصة وول ستريت أو الكساد الكبير.
كذلك يعد التوقع بالعثور على القارة الأسطورية، أطلانتس الغارقة إحدى أشهر تنبؤات إدغار كايس، إذ بدا أن لا أحد يصدقه عندما ذكر ذلك في أربعينيات القرن العشرين إلا أن الدهشة تملكت الجميع مع ظهور بقايا مدن وأبنية غامضة في سنة 1968 بإحدى جزر الباهاما، أي في نفس المكان والزمان الذي حدده كايس منذ أكثر من 20 سنة لظهور القارة الغارقة، كما توقع العديد من التطورات العالمية، كالنقلة النوعية في التكنولوجيا والاتصالات، وعلى الصعيد الطبي توقع حدوث ثورة في فحوصات الدم وغيرها.
أما الآن فيظهر شاب يدعى أتوس سالومي من البرازيل ويطلق على نفسه نوسترادموس الحي ليثير الجدل بتوقعاته لعام 2025 بعد أن توقع وفاة الملكة إليزابيث، وجائحة كورونا، وشراء أيلون ماسك لمنصة إكس.
يقول الشاب أنه في عامنا الجديد سنشهد الإعلان عن وجود كائنات فضائية، ووجود حياة ميكروبية على المريخ وسط تكتم شديد عن المعلومات من قبل أمريكا وروسيا والصين مما يحدث اضطراب عالمي.
فيما سيتم ظهور تجارب جينية مقاربة للاستنساخ البشري، وسيتم الإعلان عن أفراد مكتملين يكونون أكثر ذكاء من الإنسان الطبيعي، وأكثر قوة ومقاومة للأمراض، أما الذكاء الاصطناعي سيخرج عن السيطرة، وأزمة طاقة مصطنعة ستكون سبباً في التحكم بالناس، وسيتم اختراع مولدات الطاقة النقطية الصفرية، لكنها ستظل مخفية عن الجمهور.
كما سيكون هناك كوارث مناخية مصطنعة بسبب الجيولوجية الهندسية كالجفاف، والأعاصير، فيما سيكون هناك تسريبات عسكرية سرية تكشف عن القواعد العسكرية والتقنيات الموجودة تحت الأرض، وبالتالي سيتم الكشف عن القوة الحقيقية العالمية للدول.
وعلى الرغم من أن هذه الحالة مثيرة للاهتمام، إلا أنه لا يمكن لأحد أن يتوقع ما يمكن أن يحدث في المستقبل، لذلك استخدمنا كلمة توقع وليس تنبوء، وهناك مثل عربي شهير يقول ” كذب المنجمون ولو صدقوا”.