في الأسابيع الأخيرة، عاد تومي روبنسون إلى الواجهة مجدداً؛ عاد بصفته قائداً مؤثراً في احتجاجات اليمين المتطرف التي اجتاحت شوارع بريطانيا.
ووسط أجواء متوترة من الانقسامات السياسية والاجتماعية، برز روبنسون كصوت رئيسي يحرض على التحرك ضد سياسات الحكومة المتعلقة بالهجرة والإسلام، ما أثار موجة من التظاهرات التي شهدت مواجهات عنيفة مع قوات الأمن.
وظهر روبنسون وهو يخطب أمام حشود غاضبة، مستخدماً خطاباً مليئاً بالكراهية والتحريض، ما أثار ردود فعل قوية من قبل السياسيين ووسائل الإعلام الذين حذروا من خطر تصاعد العنف والتطرف في المجتمع البريطاني.
من هو تومي روبنسون؟
تومي روبنسون (Tommy Robinson)، واسمه الحقيقي ستيفن ياكسلي لينون (Stephen Yaxley-Lennon)، هو شخصية مثيرة للجدل في الساحة السياسية البريطانية، حيث يُعرف بكونه أحد أبرز وجوه اليمين المتطرف في البلاد.
وُلِد روبنسون في عام 1982 في مدينة لوتون، وهو مؤسس “رابطة الدفاع الإنجليزية” (English Defence League – EDL)، وهي حركة يمينية متطرفة تُعارض ما تعتبره “أسلمة بريطانيا”.
نشاطات تومي روبنسون في الاحتجاجات الأخيرة
خلال الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها بريطانيا، لعب تومي روبنسون دوراً محورياً في تنظيم وتوجيه تحركات اليمين المتطرف.
برز نشاطه بشكل خاص في العاصمة لندن، حيث قاد عدة مسيرات واجهت معارضة قوية من مجموعات مناهضة للفاشية ومؤيدة لحقوق الإنسان.
واستغل روبنسون منصات التواصل الاجتماعي بشكل مكثف للدعوة إلى هذه الاحتجاجات، حيث نشر مقاطع فيديو وخطابات تحريضية تدعو لمواجهة سياسات الحكومة بـ “القوة والشجاعة” كما وصفها.
وفي إحدى هذه الاحتجاجات، ظهر روبنسون محاطاً بحشد من أنصاره في ساحة البرلمان، وألقى خطاباً نارياً ينتقد فيه ما يصفه بـ “أسلمة بريطانيا” ويطالب بتطبيق سياسات أكثر صرامة ضد المهاجرين والمسلمين في بريطانيا.
هذه التجمعات لم تمر بسلام، إذ تخللتها مواجهات عنيفة بين المتظاهرين والشرطة، وأسفرت عن عدة إصابات واعتقالات.
اقرأ أيضاً: استنفار أمني في لندن: 6000 ضابط يستعدون لمواجهة الاحتجاجات
مسيرة تومي روبنسون السياسية
بدأت مسيرة روبنسون في الأوساط السياسية بشكل فعلي عام 2009، عندما أسس رابطة الدفاع الإنجليزية بعد سلسلة من التوترات العرقية والدينية في مدينته.
وأظهرت الرابطة معارضة شديدة للهجرة والإسلام، ما جعلها هدفاً لانتقادات واسعة من قبل منظمات حقوق الإنسان والحكومة البريطانية على حد سواء.
مواجهة تومي روبنسون مع القانون
على مر السنين، نظم روبنسون ورابطته العديد من الاحتجاجات والمسيرات في مختلف أنحاء بريطانيا، والتي كانت تتميز في كثير من الأحيان بالعنف والشغب.
ولكن لم تكن مسيرة روبنسون خالية من المشاكل القانونية، فقد سُجن عدة مرات بتهم متعددة، من بينها العنف، وخرق السلام، وازدراء المحكمة.
وكان أبرزها عندما اعُتقل في عام 2018 خلال بثه المباشر لمحاكمة مجموعة من الرجال المتهمين بالاستغلال الجنسي للأطفال، ما أدى إلى سجنه لمدة 13 شهراً بتهمة ازدراء المحكمة.
اقرأ أيضاً: ماذا يواجه المسلمين والمهاجرين في بريطانيا اليوم؟
تومي روبنسون واليمين المتطرف
يُعزى لروبنسون تأثير كبير على تطور وانتشار اليمين المتطرف في بريطانيا، حيث استطاع أن يجذب العديد من الشباب المحبطين والمتطرفين إلى حركته، مستخدماً وسائل التواصل الاجتماعي كمنصة لنشر أفكاره والتحريض على الكراهية.
وقضية روبنسون تثير جدلاً كبيراً حول حرية التعبير وحدودها في بريطانيا، فبينما يرى البعض أنه يجب منحه حق التعبير عن آرائه مهما كانت مثيرة للجدل؛ يرى آخرون أن خطابه يعزز الكراهية والعنف ويجب الحد منه.
وهذا النقاش يعكس التوتر القائم بين وجهتي نظر في بريطانيا؛ إحداهما تتحدث عن حماية المجتمع من التطرف، والثانية عن الحفاظ على حرية التعبير كقيمة ديمقراطية في البلاد.
اقرأ أيضاً: تطورات الأمن الالكتروني وقانون السلامة البريطاني لعام 2025
التحديات المستقبلية وتحولات المشهد السياسي
بينما تتراجع حدة الاحتجاجات ويواجه تومي روبنسون ضغوطاً قانونية متزايدة؛ يبقى السؤال حول مستقبله السياسي وتأثيره على المشهد اليميني المتطرف في بريطانيا مفتوحاً.
ومن المهم التوضيح في هذا الإطار، أن “روبنسون” بدأ بتوسيع نطاق تأثيره خارج حدود المملكة المتحدة، حيث يسعى لإقامة روابط مع حركات يمينية متطرفة في أوروبا وأمريكا الشمالية.
وهذا التوجه الدولي يثير مخاوف من إمكانية أن يُعزِّز التعاون عبر الحدود بين هذه الجماعات من قوة ونفوذ اليمين المتطرف في بريطانيا والعالم.
كما أن هذا التحول يشير إلى أن روبنسون قد يكون بصدد إعادة تشكيل استراتيجيته، متجاوزاً حدود السياسة المحلية في بريطانيا، ما يضيف بُعداً جديداً لتهديدات التطرف على البلاد.
اقرأ أيضاً: ما علاقة إيلون ماسك باحتجاجات بريطانيا؟ كيف ردت الحكومة البريطانية؟