أعلنت جامعة أكسفورد Oxford عن نيتها منح الشهادة الفخرية لماكيريتي باباكورا Makereti Babakura أول امرأة من السكان الأصليين لنيوزلندا بعد قرن من وفاتها، وذلك عن إطروحتها بعنوان “الماوري القديم” التي نُشرت بعد ثلاثة أسابيع من وفاتها، وجاء هذا التكريم استجابة لطلب قدمته كلية الأنثروبولوجيا والإثنوغرافيا المتحفية (SAME)، بدعم من كلية سانت آن Saint Anne ومتحف بيت ريفرز Pitt Rivers.
وصرحت البروفيسورة كلير هاريس Claire Harris، رئيسة كلية SAME، قائلة: “يسعدنا أن تُقدّر جامعة أكسفورد إنجازات ماكيريتي الاستثنائية بمنحها شهادة بعد وفاتها، لقد كانت شخصية ملهمة للعديد في أو تياروا (نيوزيلندا) ولطلاب وباحثين حول العالم”.
وقد أشارت رئاسة جامعة أكسفورد أن التكريم سيتم لاحقاً في حفل يعقد هذا العام في مسرح شيلدونيان Sheldonian الشهير برئاسة نائبة رئيس الجامعة البروفيسورة إيرين تريسي Erin Tracy، بحضور أفراد من عائلة باباكورا وممثلين عن مجتمع الماوري.
من جهة أُخرى عبرت عائلة باباكورا عن امتنانها لهذا التكريم، حيث قالت المتحدثة باسم العائلة، جون نورثكروفت غرانت John Northcroft Grant “لطالما عرفنا التضحيات التي قدمتها ماكيريتي لمتابعة تعليمها، وغالباً في ظروف شاقة، هذا التكريم شهادة على قوة التعليم والثقافة، وعلى إرث امرأة واحدة صممت على أن تظل قصص شعبها حية”، وأضافت: “نحن نشعر بالفخر والتواضع لأن الجامعة لم تكرّم ماكيريتي فحسب، بل قدرت أيضاً معارفها القبلية التقليدية بكل عناية واحترام، هذا التقدير يخصها، ويخص أسلافنا، وكل مجتمع الماوري حول العالم”.
مسيرة طويلة لباباكورا من التعليم لتحصيل الشهادة من أكسفورد
ولدت ماكيريتي باباكورا، التي كان اسمها الإنكليزي مارغريت باتيسون ثوم Margaret Pattison Thom، عام 1873 في نيوزيلندا، وتنحدر من قبيلة تي أراوا الماورية، والتحقت بجامعة أكسفورد في عام 1927 لدراسة الأنثروبولوجيا، حيث ركزت أبحاثها على توثيق العادات والممارسات الثقافية لقبيلتها من منظور نسائي مبتكر كان رائدًا في ذلك الوقت.
وواصلت باباكورا دراستها في متحف بيت ريفرز Pitt Rivers وجمعية الطلاب المنزليين المعروفة حاليا بكلية سانت آن Saint Anne غير أنها توفيت فجأة في أبريل 1930، قبل ثلاثة أسابيع فقط من تقديم أطروحتها، وبعد وفاتها بفترة من الزمن وبجهود من صديقها وزميلها الأنثروبولوجي ت. ك. بينيمان T. K. Penniman تم نشر إطروحتها التي كانت بعنوان “الماوري القديم”، وحظيت باعتراف الجمعية الملكية النيوزيلندية كأول دراسة إثنوغرافية عن حياة الماوري كتبها باحث ماوري، وبعد مرور ما يقارب القرن وافقت لجنة التعليم بجامعة أكسفورد على منح باباكورا شهادة الماجستير في الفلسفة بعد وفاتها.
وقد تم تكريم باباكورا سابقاً في مهرجان أرونوي Aronoy للفنون الأصلية، وذلك بجدارية من 7 طوابق، وقد شارك في هذا المهرجان ما يقدر بأكثر من 500 فنان في برنامج الفنون الأصلية، وحضره أكثر من 8000 شخص خلال أسبوعين.
وقد أشرفت الفنانة المحلية جون غرانت June Grant، حفيدة أخت ماكيريتي باباكورا، على عملية تصميم التكريم الذي يبلغ ارتفاعه 24 متراً، تُبرز اللوحة الجدارية رموزاً مهمة من رحلة ماكيريتي، وهي إشارات بصرية لحياتها وحبها لحبيبها إيوي، تي أراوا».
نظرة تاريخية حول العلاقات بين نيوزلندا وبريطانيا
كانت نيوزلندا مستعمرة بريطانية إلا أنها حصلت على الحكم الذاتي بموجب قانون الحكم الذاتي 1852. شاركت مع الإمبراطورية البريطانية في الحربين العالميتين، وبدأت بعدها التحول نحو استقلال تام. في عام 1947 أصبحت دولة مستقلة رسمياً بموجب قانون وستمنستر، لكنها احتفظت بالملك البريطاني كرمز فخري على رأس الدولة، اليوم تعد نيوزيلندا عضو في رابطة الكومنولث البريطاني وتشارك في مؤتمراته وتحافظ على علاقات سياسية وثقافية واقتصادية مع المملكة المتحدة، وبعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، عززت لندن التعاون الثنائي مع دول مثل نيوزيلندا، بما في ذلك توقيع اتفاقية تجارة حرة.
في النهاية، تقوم جامعة أكسفورد بإعادة دراسة جميع المخطوطات والأطروحات المقدمة لها من الجامعات حتى لو كانت قديمة، لتسيحديد ما يجب أن يتم تكريمه ونشره، وما يجب أن يتم تجاهله، وقد استحقت باباكورا هذه الشهادة الفخرية بعد أن تبرعت عائلتها بالعديد من المخطوطات والأوراق لجمعيات البحث العلمي والكليات المختصة بعلم الأنثروبولوجيا للاستفادة منها.
اقرأ أيضاً: تمثال ضخم تكريماً للنساء المحجبات يثير الجدل في بريطانيا!