ذكرت صحيفة “الغارديان” أن أداة تتبع مخفية في موقع الويب التابع لحزب الإصلاح البريطاني، جمعت بيانات تصفح خاصة حول ملايين الأشخاص المحتملين، غالباً دون معرفتهم، وشاركتها على الفيسبوك لاستخدامها في الإعلانات الموجهة.
وبحسب التقرير، توصل تحقيق أجراه أحد المراقبين إلى أن الأشخاص الذين يزورون الموقع الإلكتروني لحزب نايجل فاراج المناهض للهجرة، لديهم تفاصيل عن نشاطهم تم التقاطها بواسطة أداة مراقبة رقمية، تُعرف باسم ميتا بيكسل (Meta Pixel).
انتهاك خصوصية الزوار
ووفقاً للتقرير، تم تشغيل أداة التتبع التي كانت نشطة في الفترة التي سبقت الانتخابات، مؤخراً في الأسبوع الماضي تلقائياً عند تحميل موقع الحزب، بغض النظر عما إذا كان الشخص قد أعطى موافقته أم لا.
ثم أرسلت الأداة بعد ذلك حزمة من البيانات إلى الشركة الأم للفيسبوك ميتا، مع تفاصيل عن صفحات الويب التي تم عرضها، ومتى، والأزرار التي تم النقر عليها.
وتضمن ذلك معلومات حساسة يمكن أن تكشف عن الأراء السياسية للشخص، مثل تفاصيل الأعضاء المحتملين في حزب الإصلاح المرتبطة بمعرف مستخدم الفيسبوك (ID).
اقرأ أيضًا: محطة كينغز كروس في لندن: تعطل واسع للقطارات ومسافرون يواجهون فوضى عارمة
استهداف المستخدمين
ويشير التقرير إلى أن البيانات التي تم جمعها بواسطة Meta Pixel تدخل إلى النظام الإعلاني للشركة ويمكن استخدامها لأغراض ميتا الخاصة وكذلك من قبل المعلنين مثل حزب الإصلاح لإعادة استهداف المستخدمين بإعلانات موجهة.
وليس من المعروف بالضبط كمية المعلومات والبيانات التي تمت مشاركتها مع ميتا، لكن حزب الإصلاح قال إن حوالي 1.1 مليون زاروا موقعه على الإنترنت في 15 يوليو.
التحقيق بالقضية
في السياق، تشير أرشيفات الويب إلى أن أداة التتبع كانت قيد الاستخدام لمدة عامين على الأقل.
والجدير بالذكر، أن الحزب قام بإزاىتها بعد الاتصال به للتعليق الأسبوع الماضي، حيث يقوم مكتب مفوض المعلومات (ICO) بالتحقيق بالقضية.
اقرأ أيضًا: العمالة الوافدة إلى بريطانيا ستواجه صعوبات في الأيام المقبلة.. إليك الأسباب!
تساؤلات حول الشفافية
وأثار هذا الاكتشاف تساؤلات حول الشفافية والمراقبة الرقمية بعد نتيجة الانتخابات التاريخية لحزب الإصلاح في المملكة المتحدة، والتي فاز فيها بنسبة 14% من الأصوات وتم انتخاب خمسة نواب.
يشار إلى أنه يتم استخدام Meta Pixel وأدوات التتبع المماثلة على نطاق واسع من قبل الأحزاب السياسية والمنظمات الأخرى لجمع البيانات لأغراض التحليل والتسويق، ولكن استخدامها مخالف للقانون ما لم يتم منح الموافقة “بشكل واضح”.
وتُصنف البيانات التي يمكن أن تكشف عن الأراء السياسية للشخص، على أنها فئة خاصة وتخضع لحماية أكثر صرامة بموجب القانون لأن إساءة استخدامها يمكن أن تشكل “مخاطر كبيرة على الحقوق والحريات الأساسية للفرد”.
اقرأ أيضًا: ارتفاع أسعار المنازل في المملكة المتحدة وخفض سعر الفائدة في أغسطس 2024
تعهدات حزب الإصلاح
من جهته، كشف الحزب أنه ملتزم بحماية خصوصية زوار موقعه الإلكتروني، وقال إن أداة التتبع متضمنة داخل موقع الحزب منذ إنشائه، وأن الهدف هو “فهم كيفية تفاعل الزوار مع موقعنا بشكل أفضل”.
وقال متحدث باسم الحزب إن أية مشكلات تتعلق بـ Meta Pixel تبدو وكأنها “تضليل وليست مؤامرة”، مضيفاً: “نقوم حالياً بمراجعة إجراءاتنا للتأكد من أن استخدامنا لهذه الأدوات يتسم بالشفافية ويتوافق مع جميع اللوائح ذات الصلة”.
ويزعم حزب الإصلاح أنه يعطي الأولوية للخصوصية ويرفض “المراقبة”، وتعهد في بيانه بإنشاء مشروع قانون بريطاني للحقوق من شأنه حماية “حريات” الناس.
ويشار إلى أن الحزب يكرر بأنه “يجب حماية بياناتنا وخصوصيتنا”، مطالباً بأن “تكون مراقبة الجمهور محدودة ومحاسبة من يراقبوننا”.
لكن يبقى اكتشاف المراقب، الذي تم التأكد منه من قبل خبراء مستقلين، يشير إلى الفشل في اتباع هذه القواعد، حيث تقوم أداة Meta Pixel باستخراج المعلومات قبل منح الموافقة، وحتى إذا نقر الشخص على “رفض”.
اقرأ أيضًا: ما علاقة إيلون ماسك باحتجاجات بريطانيا؟ كيف ردت الحكومة البريطانية؟
أسئلة أخلاقية
بدوره، قال مارك ريتشاردز، مهندس البرمجيات والخبير في الخصوصية على الإنترنت، إن التتبع يثير أسئلة أخلاقية.
وأضاف أن الأشخاص الذين يزورون موقع الإصلاح الإلكتروني للبحث يخاطرون بأن يتم تصنيفهم بشكل غير صحيح على أنهم أشخاص لديهم اهتمام بالحزب.
وفي الوقت نفسه، كان أولئك الذين نقروا على الروابط ليصبحوا أعضاء يكشفون عن “معلومات سياسية حساسة حول هويتهم وما يؤمنون به”، والتي قد لا يرغبون في مشاركتها.